مازلت المعلمة الفاضلة قرشي فتيحة ''أم زهير'' كما يحلو لتلامذتها مناداتها تواصل مسيرتها التعليمية بكل صبر وجد وبعد أكثر من الاثنين والعشرين سنة من العمل في هذا المجال تنقلت فيه بين عدة مدارس في مدينة'' سور الغزلان'' بالبويرة تؤكد السيدة قرشي انها ولدت لهذه المهنة ولا تتصور نفسها خارج هذا المجال ومع بدء اقتراب فترة تقاعدها تقول انها لا يمكنها تخيل نفسها بعيدة عن السبورة والطباشير وضجيج التلاميذ . لا يستطيع إنسان ان يتحكم في أكثر من ثلاثين طفل وأحيانا يتجاوز العدد الى أكثر من أربعين طفل في مكان ووقت واحد هذه المهمة الصعبة التي يقوم بها المعلم كل يوم لا يقدرها العديد من الناس فمهمة تعليم هذه المجموعة الكبيرة من الاطفال وإدخال الدرس الى عقلهم المشتت بين اللعب واللهو وانتظار جرس نهاية الدرس أمر في غاية الصعوبة ومسؤولية لا يقدر عليها إلا المعلم الذي يملك شخصية قوية تقول السيدة قرشي أنه في السابق كانت صورة المعلم تختلف كثيرا عما هي عليه اليوم أما اليوم فكثير من الناس يخطئون في الحكم على هذه المهنة التي وصفت في السابق بأحسن الأوصاف . تناقص قيمة الاستاذ جيلا بعد آخر اختلفت الظروف والمعطيات وأصبح الحكم على الأستاذ في أيامنا هذه يخضع للكثير من الأحكام المسبقة اعتقد ان العمل في سلك التعليم له خصوصيته ومذاقه الخاص فخلال العشرين سنة التي قضيتها في هذه المهنة كان حلمي هو تحقيق أفضل النتائج على الدوام لتلاميذي والحمد لله فقد استطعت ان أكون مجموعة من العناصر التي أصبح منها اليوم المهندس والطبيب والأستاذ الذي بدأ يزاول مهنته معي وأصبح عدد منهم زملائي يلقنون هم بدورهم الدروس للتلاميذ ولازالوا والى حد اليوم يطلبون نصيحتي ولا أتأخر عن تقديم العون لهم خاصة وأنهم في بداية الطريق . المجتمع مسؤول عما آلت إليه المدرسة ترى السيدة ''أم زهير'' أن الوقت تغير والظروف كذلك فالعمل في ميدان التعليم لم تعد له خصوصيته ونكهته السابقة وما يحدث من مشاكل داخل هذا القطاع الحساس يدفعنا كثيرا الى تذكر الأيام التي مضت وقد كنا حين ندخل القسم نحس أننا داخل بيوتنا والتلاميذ هم أبنائنا فعلا كان للاستاذ قيمته وللمعلم حتى ان تلامذتنا كانوا يخافون من ملاقاتنا في الشارع خارج أوقات الدراسة كانوا يختبئون لمجرد رؤيتنا نعبر الشارع اما اليوم فقد تغير الحال كثيرا وأصبح الأستاذ هو من يخاف من التلميذ بعد ان انتشرت ثقافة العنف داخل المدارس وأصبح الأستاذ يخاف من ردة الفعل ويتجنب إثارة المشاكل ففي الماضي كان الجميع يقف الى صف الأستاذ سواء ادراة المدرسة و او أولياء التلميذ اما اليوم فالجميع يعطي الحق للتلميذ على حساب الأستاذ فلا تجد احد يصغي إليك وان طالبت بمجلس تأديبي ستكون نتائجه كثيرا تصب في صالح التلميذ الذي يختفي خلف نفوذ والده أو ماله وحتى وان كان هذا التلميذ من أسرة فقيرة فلا يجد مانعا من تهديد الأستاذ بالضرب خارج أسوار المدرسة تقول السيدة قرشي بنبرة فيها الكثير من التأسف و الحسرة لم يعد الاستاذ في أيامنا هذه يحمل نفس القيمة التي كان يحملها في السابق لأسباب مختلفة ويجب ان يخصص يوم الاحتفال به لتذكير التلاميذ والأولياء والمجتمع ككل بالمجهودات الكبيرة التي يبذلها هذا الإنسان في سبيل تحقيق ما يطمح فيه الأولياء لوصول ابنائهم الى مراكز علمية مرموقة وهذا لن يتأتى إلا عن طريق خلق وسط تعليمي سايم يكون فيه الاستاذ والتلميذ والأسرة التربوية كافة يحضى بالاحترام والتقدير اللازمين .