أكد وزير الصحة وإصلاح المستشفيات السيد عمار تو أن الأخطاء الطبية التي يرتكبها عدد قليل من الأطباء لازالت هاجسا يؤرق قطاع الصحة في الجزائر، فرغم الإمكانات الضخمة التي سخرتها الدولة لضمان مجانية العلاج وبناء المستشفيات وتوفير العتاد الطبي الذي يسهل عمل الأطباء وتكفلهم بالمرضى، إلا أنها عجزت عن استئصال الأخطاء الطبية والتخلص من بعض الممارسات اللامهنية التي يرتكبها بعض الأطباء بدافع نقص الخبرة أو الإهمال. وفي السياق ذاته، كشف المختص في جراحة العيون الدكتور كريم يحيى أن الاستفسارات لازالت قائمة حول أسباب هذه الأخطاء، ويؤكد في الوقت ذاته وجود كفاءات غير مؤهلة تتلاعب بأرواح الغير وتعرض حياتهم للخطر، واضاف أن معظم الأخطاء تتكرر بشكل مزعج على غرار اهمال النظافة ونسيان أدوات الجراحة أو مستلزمات التنظيف داخل بطن المريض، الأمر الذي يؤكد نظرية الإهمال وجعل الأطباء يرمون باللائمة على فنيي العمليات، بينما لا تخلو مسؤولياتهم من ذلك، كون الطبيب هو المشرف العام على العملية. وفي هذا السياق يقول "ك.ج" والذي فقد زوجته نتيجة خطأ طبي جسيم، أدى إلى تسممها ووفاتها بعد خروجها من غرفة العمليات بثلاثة أيام، حيث قال أن العملية التي أجريت لزوجتي تعتبر من العمليات الاعتيادية، ليست بالغة الصعوبة والتعقيد، فقد أحضرتها للمستشفى تعاني من التهاب في الزائدة الدودية، وتم إدخالها لغرفة العمليات، وأجريت العملية و،طمأنني الطبيب على حالتها، إلا أنني تفاجأت بحالتها تسوء يوما بعد آخر ويتحول لونها إلى الإصفرار، ومن ثم فقدت الوعي إلى أن توفاها الله، لتثبت التحقيقات والتحاليل الطبية أنها تعرضت لتسمم في الدم نتيجة خطأ طبي في العملية التي أجريت لها. ويطالب "ك.ج" بتطبيق الأنظمة الصارمة بحق المتهاونين من الأطباء وفنيي العمليات ومحاسبتهم أشد محاسبة على الإهمال والتقصير. أما السيدة "رقية" تقول أنها أجريت لها عملية قيصرية مع ربط للرحم، ومنذ خروجها من غرفة العمليات وهي تعاني من آلام شديدة في أسفل البطن استمرت معها حوالي خمسة عشر يوماً مما جعلها تلجأ إلى مركز استشاري، حيث كانت المفاجأة المذهلة، إذ اكتشفت وجود قطعة شاش في بطنها وهي التي تسببت في هذه الآلام. وتضيف السيدة أنها برغم إجراء العديد من الفحوصات الطبية لدى الطبيب الذي قام بإجراء العملية، إلا أنه لم يكتشف ذلك، وبرر وجود الآلام بأنها أعراض ما بعد العملية التي سرعان ما تزول. وفي موقف آخر، يؤكد عدم لامبالاة بعض الأطباء، اكتشف مواطن وجود خيط جراحة داخل بطنه بعد خمسة عشر عاماً من إجراء العملية، حيث يقول "محمد" أنه أجرى عملية على مستوى الأمعاء "الكولون" قبل خمسة عشر عاما، وقبل حوالي بضعة أشهر تعرض لالتهابات حادة في البطن، وبعد إجراء الفحص الإشعاعي تبين وجود جسم غريب داخل البطن، مما جعل الطبيب يتدخل جراحيا بصورة سريعة ليتم العثور على قطعة من خيط الجراحة خارج أحشائه. وكشف المجلس الوطني لأخلاقيات المهنة أن عدد الشكاوى المقدمة على مستوى العدالة الجزائرية فاقت 8000 شكوى ضد أطباء من القطاعين القطاع الخاص والعام، وأصدر مرسوما يقضي بمعاقبة كل طبيب يتهاون في مهامه أو يوجه المرضى لفائدة العيادات الخاصة، كما كشفت الباحثة لحراني، عن دراسة بينت من خلالها أن 53٪ من الأطباء الجزائريين لا يهتمون بالغسل السليم لأيديهم، حيث يعتبر جلهم الأمر ثانويا رغم ما يمكن أن يشكله من خطر على صحة المريض، و47 بالمائة من العاملين في قطاع شبه الطبي يستعملون قفازات تكرر استعمالها وأدوات جراحية قديمة نظرا لانعدام الرقابة وقلة الإمكانات. وأكدت الباحثة أن الظاهرة غير مقتصرة في الجزائر، بل هي موجودة في مختلف مستشفيات العالم على غرار فرنسا التي تتميز مستشفياتها بإنضباط كبير، ورغم ذالك فقد سجلت العديد من حالات الإهمال فيما يخص تنظيف الأيدي،لأن الأمر يرجع أساسا الى ذهنية الطبيب التي لازالت تعتقد أن تنظيف الأيدي أمر ثانوي، لا يؤثر على صحة المريض. بلقاسم حوام