رفع الإمام أكف التضرع، قرأ ما تيسر من القرآن.. أهدى ثواب ما تلاه لروح صاحب البيت ودعا له بالرحمة والغفران. فجأة تدخل ابن الهالك مسفها، هذه بدعة يا أستاذ، الثواب لا يصل الميت، وقرأ قوله تعالى''.. يوم ينظر المرء ما قدمت يداه..'' استوى الإمام جالسا، وقد صعقته المفاجأة، فقال بانفعال:{صرتم تخطبون وراء كل مئذنة} على أمك اللعنة وعلى والدك ألف لعنة إلى يوم الدين. فزع الفتى واحتج بقوّة على الإمام قائلا :''كيف تتجرّأ يا هذا وتلعن الوالد وهو تحت الثرى''، فقال الإمام بهدوء ''إذا كان ثواب القرآن لا يصله، فكيف تصله اللعنة؟...'' بهت الفتى وقال ''والله ما فهمنا شيئا، سمعناهم يقولون فقلنا..'' فجأة صاحت الزوجة ''ولماذا قلت في دعائك .. أبدله زوجا خيرا من زوجه وأهلا خيرا من أهله؟.. ألم أ كن وفية له؟ ألم أتكرم عليكم؟ ياه.. لعله أوصاك بذلك.. خداعين والله أنتم أيها الرجال وأجهشت بالبكاء..'' انتفض الإمام متأسفا وأخذ حذاءه على عجل وهو يقول ''لطفك ربي ... المجالس أضحت حلقات للمحاسبة والملاسنة فأين المفر؟..''