أطلقت بنت بوسعادة الوفية لعاداتها وتقاليدها السيدة بركاهم فرحاتي، كتابا خاصا جمعت فيه مختلف أنواع الأزياء النسوية التقليدية للمنطقة، أرادت من خلاله أن تخرج الأزياء البوسعادية من طابعها المحلي إلى الوطني والعالمي والتعريف بها كبطاقة تعريف للمجتمع البوسعادي تعكس من خلال حشمتها محافظته، ومن خلال ألوانها وإكسسواراتها طبيعة المرأة المسيلية عموما والبوسعادية على وجه التحديد. أمضت بركاهم فرحاتي فترة طويلة من البحث والجمع حتى تكلل جهودها في الأخير بإصدارها لدى منشورات ''ألف ورقة'' كتابا باللغة الفرنسية ضم جميع أنواع الأزياء التي ترتديها نساء بوسعادة، وكذا الحلي والإكسسوارات التي ترافقها، مفرقة بين اللباس اليومي العادي واللباس المخصص للأفراح والمناسبات السعيدة ولباس العروس المميز. قدمت فرحاتي من خلال صفحات كتابها التي تنقل المتصفح إلى مدينة بوسعادة، التطور التاريخي الذي عرفه الزي النسوي البوسعادي عبر السنين، حيث عرف إدخال تعديلات ولمسات تواكب كل فترة مع محافظته على شكله المبدئي أو الأولي، وراحت بركاهم تنتقل في كتابها من صفحة لأخرى لتصل بلباس المرأة البوسعادية إلى وقتنا الراهن، فلم يسلم من رياح العصرنة، بحيث أدخلت عليه المصممات والخياطات المعاصرات روتوشات زاوج في الكثير من الحيان بينه وبين أزياء المناطق المجاورة لمدينة بوسعادة وفي أحيان أخرى بينه وبين أزياء باقي الولايات بخصوصياتها ولا سيما تلك التي تجتمع معه في بعض الأوجه من ناحية نوع القماش المستعمل كما هو الحال مع اللباس التقليدي السطايفي أو ما يعرف ب ''البينوار السطايفي'' المخصص للمناسبات السعيدة والأفراح. وأوضحت بنت بوسعادة الغيورة على عادات منطقتها، في إصدارها، مختلف أنواع الأقمشة المستخدمة حسب المناسبات، فغالبا ما يتخذ أساسا لإنجاز الجبة البوسعادية العادية اليومية القماش القطني أو الخيطي لكونه خفيفا ولا يعيق مرتديته عن أداء أعمالها ذات الطبيعة البدوية وأيضا بما يتماشى وطبيعة معيشتها في منزل العائلة الكبير الذي يظم كل الإخوة وزوجاتهم. وهو ما يعكس حشمة هذا النوع من الأزياء. الزمن لم يمح عراقة الزي أكدت السيدة بركاهم فرحاتي أن الزمن لم يتمكن من محو عراقة الزي البوسعادي، وأظهرت ذلك من خلال مجموعة الصور التي توضح محافظته على نفس الخصوصية حتى وإن استعمل في خياطته وإنجازه أنواع جديدة وعصرية من القماش وتهجينه بأشكال وموديلات من باقي التراب الوطني وحتى العالمية منها، وحتى مع استعمال حلي جديدة كإكسسوارات مرافقة له ، ظلت المرأة البوسعادية محافظة على ارتداء ''السخاب'' والحلي الفضية واستخدام الحنة لتخضيب الأيدي التي تكتمل معها العراقة والنفحة التقليدية بالرغم من اتخاذ الأجيال الحديثة رسومات ونقوشات واستخدام الوشم بالحنة على الطريقة العصرية. وبينت، في سياق مقدمة الكتاب، أن هدفها منه هو تعريف الأجيال الحديثة بتقاليد منطقة بوسعادة السياحية، التي ظلت ولازالت تستقطب السياح من مختلف أنحاء الوطن والعالم، ولعل هذا ما دفعها للجوء إلى استخدام لغة موليير في تقديم الشروحات عن أنواع الأقمشة المستخدمة في إنجاز الفساتين أو ما يعرف بالعامية ''الجبة'' وأوقات ارتداء كل واحدة منها تبعا لاختلاف المناسبات، هو استهداف شريحة ما وراء البحار والأوربيين عموما والناطقين باللغة الفرنسية، وهو ما يزيد من حظوظ الزي النسوي التقليدي البوسعادي في التوجه نحو العالمية. كما، خصصت صاحبة الكتاب في صفحاته مقابلة ومناظرة بين كل زي في الماضي والحاضر لإبراز التطور فيمكن لمتصفحه أن يفرق بين ذلك الأصلي وبين المعدل أو المنقح الذي ما فتئ إلا أن زاده التنقيح والتعديل جمالا وأناقة أكبر تتماشى مع العصر الحالي وتحبب الفئات الشابة في ارتدائه حتى من غير البوسعاديات