أجمع محامون وناشطون حقوقيون على ضرورة النهوض بحقوق الطفل الجزائري والعمل على ترقيتها، مؤكدين وجود تعارض وتناقض صارخ بين النصوص القانونية المتوفرة في هذا المجال وإمكانية تطبيقها فعليا على أرض الواقع، من باب تصادمها مع العادات والدين والتقاليد، من جهة، ومع التشريعات الداخلية من جهة أخرى. داعين إلى التوعية والتحسيس على كافة المستويات بحقوق الطفل وتوعيته هو الآخر بواجباته. تطرق الأستاذ مصطفى بوشاشي، محام وناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، أول أمس، بمناسبة الذكرى العشرين للإعلان عن حقوق الطفل، أن الجزائر تعرف أزمة تطبيق فعلية لهذه المبادئ ولما جاء في باقي القوانين ولنصوص الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الطفل. أوضح الأستاذ أن الجزائر بدأت تعمل على تدارك مثل هذه النقاط في قوانينها الداخلية خاصة فيما يتعلق بتلك الخاصة بالاسم والهوية الشخصية والجنسية، فكما قال بوشاشي، لكل طفل الحق في أن يكون له اسم ولقب وجنسية بغض النظر عن نوع العلاقة التي ولد عنها، والجزائر تداركت هذا الخلل الذي كان موجودا من خلال تعديل قانون الجنسية ومنح الأم الصلاحية الكاملة في إكساب جنسيتها الأصلية. فالجزائر، أضاف الأستاذ، تحمي حقوق الطفل عبر عدة قوانين كقانون الأسرة والجنسية وتعديل المواد المتعلقة بالنفقة وغيرها. فقانون الإجراءات الجزائية فيما يخص إجراءات الأحداث، خاص جدا، حيث تختلف تشكيلة المحكمة هنا عن تشكيلة محاكمة البالغين، وتجرى الجلسات في كل سرية وبحضور ولي أمر الحدث وبحضور محاميه. أما قانون العقوبات فالفصل الثاني منه والخاص بالجنح ولجنايات ضد الأسرة والأطفال، جاءت مواده واضحة حيث تشدد من العقوبة في حال ما إذا كان الضحايا أطفال، أو في حال استعمالهم في الدعارة أو تحريضهم عليها، وحتى في معاقبة الأسر التي تتخلى عن أطفالها. إذا نجحت نصف العائلات الجزائرية في توعيتهم حمينا حقوق الطفل قالت الدكتورة شيتور فضيلة في مداخلة لها خلال اللقاء الذي جمع بين الناشطين الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الطفل والإعلاميين، إن الترسانة القانونية الموجهة لحماية حقوق الطفل موجودة ودعمتها الجزائر بتعديل بعض القوانين، إلا أن هذا يبقى غير كاف حتى يتم تطبيقها على أرض الواقع، ويجب إشراك الآباء والأمهات والعائلة بوجه عام في توعية الطفل بحقوقه من جهة وواجباته من جهة أخرى، وهو نفس الرأي الذي ذهب غليه الأستاذ بوشاشي بقوله إذا ما تمكنت 50 بالمائة من العائلات الجزائرية من توعية أبنائها بحقوقهم المشروعة، فإننا سنتمكن من تطبيق القوانين الموجودة لحمايتهم. من جهتها، تطرقت أيت يعمر مليكة أخصائية نفسانية وناشطة حقوقية، إلى حقوق فئة أخرى من الأطفال وشكل آخر من أشكال عدم احترام حقوقها، ألا وهي فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وإهمالهم، فالإهمال والتهميش شكل آخر من أشكال العنف الممارس ضد الأطفال، قالت الأخصائية النفسانية. أما الدكتورة ميلودي طبيبة شرعية، فقد تطرقت إلى العنف الجسمي والجنسي الذي يتعرض له الأطفال من حكم تجربتها الخاصة مع الحالات التي تستقبلها يوميا، داعية إلى إنشاء خلية استقبال خارج الخلايا الرسمية الموجودة على مستوى مراكز الدرك الوطني، لاستقبال الأطفال المعنفين والمعتدى عليهم جنسيا، وكذا تدعيم الترسانة القانونية الموجودة في هذا المجال، معتبرة أن العنف ضد الأطفال بات يشكل مشكل صحة عمومية، من باب الآثار النفسية التي يخلفها على سلوكهم المستقبلي.