يجمع الكثير من المتتبعين للشأن الدبلوماسي أن الحملة الشرسة التي تشنها الأوساط السياسية والإعلامية في القاهرة بإيعاز من دوائر في أعلى هرم السلطة، لا يمكن تبريرها سوى بأن القاهرة تريد التنفيس عن مشاكلها المتراكمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا عن طريق افتعال أزمة دبلوماسية مع الجزائر وذلك عن طريق التصعيد الإعلامي والسياسي والدفع بالوريث المنتظر جمال مبارك إلى الواجهة وإظهاره بصورة المدافع عن ''شرف وسمعة المصريين''. ويرى هؤلاء المراقبون أن الصدمة الكبيرة التي دخل فيها النظام المصري بعد أن أعد العدة لكل شيء من أجل تمرير مشروع مبارك الإستراتيجي وهو توريث الحكم لابنه جمال أحد أبرز قياديي الحزب الوطني الحاكم في مصر، جعلت أمر التراجع عنه أمرا مستحيلا بعد الإقصاء المر من المونديال وسقوط هذه الورقة في أم درمان السودانية، هذا إضافة إلى الأجندة المرتبة سلفا وبذلك لم يبق أمام القاهرة سوى افتعال أزمة مع الجزائر وإظهار مصر بصورة المظلومة والمعتدى عليها، وهذا من أجل أن تلعب السلطة صورة المدافع الشرس عن كرامة مصر والمصريين مع إسناد هذه المهمة إلى نجل مبارك الذي يراد له أن يكون اللاعب الأساسي والحلقة الرئيسية في كل هذه المسرحية. والمتتبع للحملة المصرية يجد أنها أخذت تصعيدا رهيبا منذ الأربعاء الماضي ضد الجزائر سواء على المستوى الرسمي عن طريق التصريحات النارية التي أدلى بها نجلا مبارك علاء وجمال مبارك أو عن طريق القنوات الفضائية المصرية الحكومية منها والخاصة والتي تتحرك بإيعاز من المخابرات المصرية من أجل الترويج للأطروحة المصرية عربيا ودوليا. وهو أمر يؤكد أن الأمر يتعلق مجددا بترتيبات جوهرية تخص البيت المصري الذي يعاني من أزمة حادة نتيجة تراكم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. ويضيف هؤلاء نقطة مهمة في ''التكالب المصري'' على الجزائر هو رغبة النظام المصري في تصفية حسابات قديمة مع الجزائر بسبب مواقفها المناهضة لمصر داخل الجامعة العربية وهذا من أن رفع الرئيس بوتفليقة مطلبه العادل القاضي بتدوير رئاسة الجامعة على كل الدول الأعضاء بصفة دورية، إضافة إلى رفض الجزائر للحرب على العراق والحصار على غزة وهيمنة مبارك على دواليب القرار داخل الجامعة مع التهميش المتعمد لبقية الدول وكلها أمور جعلت مصر تختار الظرف المناسب لإفراغ كل هذا الحقد على الجزائر -على حد تعبير هؤلاء دائما-.