يعج واقعنا للأسف بأمهات خارج إطار الزواج، منهن المذنبات والضحايا، لكن في كلتا الحالتين النتيجة واحدة هي ميلاد أطفال لا يعترف بهم المجتمع والعرف والدين. هم نتاج أخطاء والديهم البيولوجيين، لكن من يدفع الثمن هم الأطفال وبدرجة أقل بعض الأمهات اللواتي تنقلب حياتهن رأسا على عقب في حال اكتشاف الحقيقة للناس. لا يخلو مجتمعنا من القصص المحزنة لنساء كن ضحايا اعتداء جنسي أو وقعن في فخ النزوات العابرة، فأضحى خطأهن بمثابة وصمة عار تلاحقهن كخيالهن خاصة بوجود طفل غير شرعي، ولهذا قررت ''الحوار'' الاقتراب أكثر من بعض الفتيات اللواتي أصبحن أمهات عازبات لتروي كل واحدة تفاصيل وقوعها في الخطأ. أصبحت مشردة في الشارع مع طفلي بعد أن تخلى عني جاري والد طفلي هي قصة وهيبة ذات 23 ربيعا التي التقيناها هي وطفلها مفترشة الشارع وملامح التعب تبدو على محياها رغم صغر سنها. اقتربنا منها وحاولنا معرفة الأسباب التي دفعتها للوصول إلى ما هي عليه الآن فأجابتنا: إنه خطأ وقعت فهي بسبب غفلة وقلة خبرتي في الحياة انجر عنه تشردي وولادة طفلي في الشارع، لما كنت في سن 21 سنة تعرفت على جارنا الذي كان يترصدني في كل مرة أخرج منها من البيت لوحدي أو رفقة إحدى شقيقاتي، فكان يقوم بمغازلتي وملاحقتي ويخبرني أنه يريدني في الحلال. وإثر محاولاته الكثيرة والمتكررة حدثته وأصبحنا في اتصال ونتقابل كلما سمحت الفصرة بذلك. إلا أنه في أحد الأيام اتصل بي وقال إنه يريد ملاقاتي لأمر عاجل يخص مستقبلنا وهذه المرة لن نلتقي في قاعة الشاي بل عند منزل أحد أصدقائه لنتحدث براحة أكثر. بداية، تقول وهيبة، شعرت بانزعاج وقلق لأنني سألتقيه في منزل لوحدنا إلا أنني قلت في نفسي لا يمكنه أذيتي لأنه يحبني وسوف يتقدم لخطبتي، وعلى هذا الأساس غيرت ملابسي واتجهت إليه مسرعة فاصطحبني لمنزل صديقه الذي رحب بنا ثم غادر المكان وبقينا لوحدنا فأخذ يغازلني ويتقرب مني، إلى أن استسلمت له ووقع ما وقع. فلم أجد من وسيلة للتعبير بها عن خوفي سوى البكاء والصراخ، وما أسكتني سوى كلماته وهي ''سوف أتزوج بك لا تقلقي''. عدت بعدها إلى المنزل وأنا أحمل في نفسي الخوف والأمل، وبعدها بأيام حاولت الاتصال به لتحديد موعد الخطوبة غير أن المفاجأة كانت عندما أخبرني صديقه أنه غادر الوطن تاركا رسالة لي، تتضمن طلبه المسامحة. لحظتها أحسست أن العالم كله ينهار من حولي ولم أتوقف عن البكاء والعويل كلما تذكرته، لكن الكارثة لم تتوقف عند هذا الحد فحسب بل عندما سقطت مغشية في المنزل وأخذني أهلي للطبيب فأخبرهم بأنني حامل في شهري الثالث، ولك تصور ما حدث من هول سماع الخبر. قام أبي بطردي من المنزل وقال إنه غاضب علي إلى يوم القيامة. ومنذ ذلك اليوم والشوارع تتقاذفني، أعيش بفضل كرم المحسنين حتى عند ولادة طفلي فقد تكفل بي شخص حتى تعافيت. ولما سألناها إن عاودت الاتصال بأب الطفل أجابت: نعم ذهبت عدة مرات أسأل عنه فوصلتني أنباء عنه أنه تزوج في ديار الغربة ولن يعود أبدا، وها أنا اليوم أدفع ثمن خطأ وغفلة واستغلال رجل ترك لي كامل المسؤولية وفلت بفعلته. زوجة أبي طردتني فأصبحت فريسة للذئاب البشرية هي كذلك قصة أخرى لفتاة قضت عليها الظروف أن تكون أما عازبة تتخبط في الشوارع رفقة طفلها. ''نعيمة 22 سنة'' التقيناها عند مدخل المسجد جالسة وواضعة طفلها في حجرها وتقوم بالتسول. اقتربنا منها للتحدث معها فلم يكن سهلا عليها التحدث معنا لأنها فقدت الثقة في جميع الأشخاص. وبعد أخذ ورد أفضت لنا وأخبرتنا بقصتها فقالت: أنا لست من العاصمة الظروف القاسية وغطرسة زوجة أبي، التي لن أسامحها، هي التي أوصلتني لما أنا عليه. فقد عملت المستحيل لتطردني من المنزل وتقوم بتحريض والدي علي إلى أن نجحت في ذلك ولم ترحمني كوني فتاة وما ينتظرني في الشارع إلا الخطر. مباشرة بعد هذا توجهت عند بعض الأهل والأقارب غير أنهم لم يرحبوا بي كضيفة دائمة في منزلهم فشعرت بثقل نفسي عليهم فخرجت لوجهة غير معلومة. استقليت الحافلة التي تذهب إلى العاصمة وفي ذهنيتي البحث عن العمل ومواجهة الحياة بمفردي، غير أن هذا لم يكن مطلقا ما آلت إليه حالتي. فقد وصلت إلى العاصمة وطرقت كل الأبواب للبحث عن العمل. فلم أجد حتى فرصة خادمة في البيوت فوقعت فريسة سهلة لأحد الشباب السكارى الذي وعدني بالمساعدة غير أنه استغل وضعيتي وقام باغتصابي بكل وحشية، ولأنني وجدت نفسي وحيدة لم أعرف ماذا أفعل أصبحت أتسول في الشوارع ومن منطقة لأخرى قصد الحصول على لقمة العيش لي ولطفلي الذي أصبح ضحية معي يواجه المجهول.