يتحدث الرئيس الجزائري السابق أحمد بن بلة في إجابته المقتضبة على أسئلة '' الحوار '' بعد إسدال الستار على الفائز بجائزة معمر القذافي لحقوق الإنسان ومنظمة شمال / جنوب ,21 حيث نوه بمجهودات الأخ قائد الثورة الليبية في هذا المجال، بالإضافة إلى مجهودات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في قضية المصالحة الوطنية، كما يدعو الوجه التاريخي للجزائر إلى صيانة الاستقلال، ويعلن وبصراحة أن الحوار الجاري حاليا بين الأديان هو أكثر من ضرورة لأن كل الأديان تشترك في إله واحد رغم اختلاف التفسيرات، ويشدد أيضا على أن العالم مطالب بالتفاتة للكارثة الإنسانية التي تودي بأكثر من 15 مليون شخص عبر العالم بسبب الجوع مقابل استحواذ شركة واحدة على أكثر من 132 مليار دولار وهو رقم يتجاوز ميزانيات أكثر من 50 دولة في العالم. الحوار: السيد الرئيس أولا، كيف هي حالتكم الصحية؟ الرئيس أحمد بن بلة: والله الحمد لله، وها نحن في قاعات الاجتماعات نشارك إخواننا من الجزائر والدول الصديقة والشقيقة. سيادة الرئيس ورئيس المكتب التنفيذي للجنة الشعبية الدولية لجائزة القذافي لحقوق الإنسان ومنظمة جنوب وشمال ,21 ما هي قراءتكم للبيان الختامي الذي جرى بفندق الجزائر؟ أعتقد ومثلما جاء في البيان الختامي الذي تحصلتم عليه، فالعالم يعرف تكريسا خطيرا لأزمة حادة في العدالة الدولية وإحلال أخلاق القوة بدل أخلاق الحق في التعامل مع الدول والشعوب، بحيث تطغى سلوكات الكيل بمكيالين بين الشمال والجنوب ويتعزز ذلك بما حملته العولمة بوجهها غير الإنساني من آثار سلبية لا تخفى على أحد. وقد أصبح الشمال يحتكر كل المنظمات الدولية ويوظفها لتكريس هيمنته على الجنوب ونهب خيراته والتحكم في مقدراته بما في ذلك النظر إلى إنسان هذا الجنوب نظرة التعالي تقليلا لقيمته ومساسا بكرامته، والدليل على ذلك هذه الأحكام الجائرة للمحكمة الجنائية الدولية في حق قادة جنوبيين يمارسون مهامهم الدستورية على رأس دولهم، دون اعتبار لمبادئ السيادة وضربا للحصانات القانونية التي يفرضها واجب الاعتبار والتقدير. إن رسالتنا من خلال إعلان الجزائر هو الالتزام بضرورة تحسين أوضاع العالم وهي النضال بإصرار من أجل إصلاح نظام العدالة الدولية كأولوية الأولويات من أجل استتباب السلام العالمي. وأود أن أثني على الخصال الحميدة للصديق والمناضل كارسيلو بونيتشي مفسود الذي آثر منح الجائزة لمواطنه دون منتوف واللذين يعدان نموذجين للمناضلين الذين يدافعون عن حقوق الشعوب وحقوق الإنسان في كل مكان دون أي ميز ديني أو عرقي أو سياسي أو ثقافي. إن اجتماع الجزائر جاء أيضا في هذا الظرف ليوضح لكل العالم أنه من الأمكن أن تلعب المنظمات غير الحكومية دورا إيجابيا أيضا يوازي عمل المنظمات الأخرى وإفرازتها السلبية، وفي الحقيقة نحن لا نود أن نكون أساتذة للدول، لكن بودنا تفصيل العمل الرقابي على أعمال بعض الدول لكي لا تتمادى في سياستها الخاطئة، نحن نود توقيف العمل بالرشاوي الذي ينخر جسد الدول الضعيفة، ونود تقديم الاقتراحات من أجل الإنماء، وكما شاهدتم فقد تم الإعلان على استكمال بناء مركز القذافي لصيانة المخطوطات وحفظها بمدينة تمبوكتو (في دولة مالي) حيث من المنتظر أن يسلم في أواخر سنة 2008 وهو مشروع سيعيد الاعتبار إلى أكبر مكتبة عرفتها المنطقة منذ القرن 15 ميلادي. نحن بودنا أيضا إيقاف مسلسل الخوف من الجوع واللاأمن بحيث تدل الإحصائيات الأخيرة على هلاك 15 مليون شخص من الجوع في العام مقابل احتكار شركة لصناعة السيارات رقم أعمال يفوق 132 مليار دولار أي يتجاوز ميزانيات أكثر من 50 دولة في العالم؟! وهذا لا يمكن إلا بتنمية دور أكبر لدور الجمعيات غير الحكومية لاسيما في دعم ملف حقوق الإنسان عبر العالم. كما أن لقاء الجزائر قد وجه من خلاله رسالتين، واحدة للأخ رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة نظرا لدوره الكبير في إرساء المصالحة الوطنية وتعميم مسيرة النماء الاجتماعي والاقتصادي ومن أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات. كما تم إرسال الرسالة الثانية للأخ العقيد قائد ثورة الفاتح من سبتمبر معمر القذافي حييناه فيها على دوره ونضاله المستمر في رفع هامة إنسان الجنوب في تحد و إصرار وخطواته في الدفاع عن حقوق الإنسان عبر المعمورة. سيادة الرئيس أحمد بن بلة، بعد أحداث ال 11 من سبتمبر 2001 كيف تتصورون الوصول لردم الفجوة بين الحضارات؟ وهل تؤيدون إجراء حوار بين الأديان بصفتكم شخصية عالمية وتاريخية؟ بدون شك، أنا أؤيد إجراء هذا الحوار، وقد كان من المفروض أن أكون من بين المشاركين في هذه اللقاءات، حيث تلقيت الكثير من الدعوات في هذا الإطار. ويجب أن يعرف وأن يعي الجميع أنه لا مناص من إجراء وتفصيل هذا الحوار، فهو أكثر من ضروري، خصوصا وأن كافة الأديان سواء الدين الإسلامي والنصرانية واليهودية كلها تشترك في وجود الله حتى باختلاف العقائد والتفسيرات. عليهم أن يعلموا أننا نود السلم ونحن ضد الحرب، ولكن مع هذا نحن نود من إخواننا من سيدنا آدم في الديانات الأخرى أن يضغطوا على أنظمتهم لتغيير الأفكار السياسية التي تخلط بالدين والأديان، لأن هذه السياسات آثرت ولقرون طويلة في خلق الاعتداءات والحروب لصالح فئات قليلة على حساب كل شعوب العالم، وليس من الممكن أن نستمر في سياسة ازدواجية المعايير، ونتمنى أن نكون جنبا إلى جنب لمحاربة المغالطات والقوانين الوضعية الجائرة من طرف بعض الدول وحتى المنظمات غير المحايدة والشركات التي تعدت على الأخضر واليابس لاستغلال الإنسان بكل الوسائل والطرق. سيادة الرئيس، وجه وكليشيهات الحرب الباردة عادت لتطفوا على السطح، هل من رسائل تبعثونها في زمن الأحادية، صعود ونزول قوى، الحرب العالمية على الإرهاب، زمن حروب التحرر؟ هذا سؤال طويل وينبغي الغوص فيه لشهور وسنوات، لكن رسالتي يجب أن تذكرونا بخير، وأن هذا الاستقلال لم يأت من السماء وأحمد الله أني كنت واحدا من الذين اختيروا للمساهمة في انعتاق هذه البلاد، على الأجيال أن تعرف أن لا أحد سيقف مكانهم للبناء والتعمير، رسالتي أيضا أن نبقى أوفياء لشهداء ومجاهدي ثورة نوفمبر الخالدة، رسالتي أن نبقى أوفياء لأشقائنا وأصدقائنا وأود الترحم على أصدقائي فرانز فانون، جمال عبد الناصر الذي منحني ومنح السلاح للجزائر، فتحي الديب تشي غيفارا، بروز تيتو، نيهرو، والقائمة طويلة جدا..