صدر أخيراً عن منشورات الجمل كتاب ''الإسلام المبكر، الاستشراق الأنغلوسكسوني الجديد، باتريسيا كرون ومايكل كوك أنموذجاً'' للباحثة آمنة جبلاوي. تعتبر الكاتبة أن التساؤل الأول الذي قادها إلى اختيار هذا الموضوع هو كيف لنا أن نثري معرفتنا بتاريخ القرن الأول للهجرة؟ وكيف لنا أن نستفيد من قراءة مختلفة للتاريخ الإسلامي ''المبكر''؟ وتعمل الباحثة في هذا الكتاب على المقاربة الأنغلوسكسونية، وهو عمل على نموذج شديد الخصوصية، فالباحثان مايكل كوك وباتريسيا كرون يمثلان تيارين داخل المدرسة الأنغلوسكسونية، وهو التيار الأشد ضراوة في نقد المصادر العربية والإسلامية. تفيد الكاتبة بأن مايكل كوك وباتريسيا كرون يقدمان قراءة تعتمد على مصادر غير إسلامية، فتأمل من خلال ذلك بأن تقدم لنا هذه المصادر معلومات تكمل ما حصل لدينا بفضل النصوص الإسلامية، أو تلغي ما اعتدنا على ترديده في ما يتعلق بهذا القرن التأسيسي. وتلاحظ من خلال تفحص أعمال هذين الباحثين اللذين اختارتهما أنموذجاً لفهم مقاربة الإسلام الأنغلوسكسونية، أن خطابهما وإن كان علمياً فهو خاضع لقوانين الخطاب. وتشير جبلاوي إلى أن مقاربة كوك وكرون للتاريخ الإسلامي انطلاقاً من تجربة القرن الأول التأسيسية تختلف عن المقاربة الفرنكوفونية، ففي كتاباتهما نجد طغياناً للبراهين والإجابات والاستدلالات. فإصرار الباحثين على اعتبار تجربة الأسلام الدينية الأولى تجربة سياسية واقتصادية وعرقية قبل أن تكون تجربة روحية، يجعلنا نلمس تقاطعاً والتقاء بينهما وبين الفكر الأصولي في مواقفه من إسلام القرن الأول، فكلاهما يكرس مقاربات وتأويلات تستعمل المعجم المفهومي نفسه وترى في الإسلام منظومة جامدة. كذلك تلفت المؤلفة إلى أن كوك وكرون تشبثا بمنهج واحد في أعمالهما كلها، منهج مادي أركيولوجي تفطّن إلى أمور وغفل عن أخرى.