ان الاحتفال بيوم العلم تقليد سنوي يكرم فيه الرواد والمتميزون، لأننا نعيش اليوم في عصر تسيره المعرفة وترتقي فيه الحضارات بفضل عقول مجتمعاتها. ولكي يكون لهذا اليوم قدسية خاصة نظم شعراء الجيل الجديد مجموعة من القصائد يمتدحون عبرها قدسية هذا اليوم. واحتفاء بالمناسبة ارتأت ''الحوار'' استطلاع آراء شعراء كتبوا وعبروا وامتدحوا هذا اليوم . عبد الرزاق بوكبة: الشعر أكبر من أن يكون مناسباتيا أكد الشاعر عبد الرزاق بوكبة أنه لا يمكن في حال من الأحوال أن يكون ضمن زمرة الشعراء الذين يغتنمون المناسبة لينظموا قصائد شعرية تخدم موضوعا معينا تلبية لمقتضى الحدث، وقال ''إن كل ما قمت به من نظم شعرية التي تمجد مناسبة معينة كتبتها خارج زمنها، فمثلا كل القصائد التي تحدثت فيها عن العلم وبيان آثاره في تنمية الأمم والنهوض بها نظمتها أيمانا مني بمكانة العلم وقدسيته وتعظيمه من قبل الله عز وجل وكرسه نبي الأمة وورثه للعلماء الأجلاء الذين نستنير بضوء ما قاموا به من العلوم الدينية والدنيوية. أما المناسبة في حد ذاتها ظاهرة صحية، فجميل أن نحتفل في الجزائر بيوم العلم ونذكر بمآثر العلامة عبد الحميد ابن باديس، ذلك الرمز وقائد الفكر في الجزائر الذي استطاع أن يؤسس أمة تقرأ وتكتب بعدما أغرقها الاستعمار في غياهب بئر من ظلام الجهل''. الشاعر توفيق ومان: الشعر المناسباتي يخلو من الخامة الإبداعية الحقيقية من جهته استبعد الشاعر توفيق ومان ربط فكرة تنظيم قصائد شعرية بمناسبة معينة، وقال ''صحيح لدي قصائد أمجد فيها العلم ودوره الفعال في ترقية الأمم والتحليق بها في سماء الإبداع والاختراعات وكذا دوره في إثبات الذات وسمو أصحابه بين أمم الأرض، لكن كل ما نظمته كان خارج زمن هذه المناسبة، وإن حدث يصبح كلاما مركبا ولا يمكن أن نسميه قصيدة لأنها خرجت عن إطارها المعهود، والقصيدة بهذا الشكل تفقد خاماتها الإبداعية الحقيقية، وتفقد وزنها في نفسية الشاعر. فكيف يمكن أن تؤثر في سامعيها''. وأضاف توفيق أن تركيبة دم الإنسان العادي تشمل كريات حمراء وبيضاء، أما تركيبة الإنسان المبدع فتضاف إليها كريات تسمى بكريات الإبداع، وهذه الأخيرة، حسبه، لن تنتج شيئا إلا إذا زلزلت ذات المبدع وتتخمر في داخله وتخرج منتوجا صحيا وغنيا بالمعاني التي تغذي فكر المتلقي، أما القصائد التي تنتج هكذا مواضيع أو ما يسمى بالقصائد المباشرة فهذا أمر آخر، يقول توفيق، وهي كأن يرى الشاعر ظاهرة معينة حدثت فجأة وتؤثر في كيانه الداخلي مثل ما حدث خلال العدوان الإسرائلي على غزة وكأن نرى فيلما حول مجريات الثورة الجزائرية فيقوم بنظم قصائد تتناول المناسبة. فوزية لرادي: لا أؤمن بالإبداع المناسباتي وفي ذات السياق قالت الشاعرة فوزية لرادي إنها ضد الإبداع المناسباتي وأنها لا تؤمن أن تكتب في هذا الإطار المقنن. ''صحيح، تقول فوزية، أنه حري بنا أن ننظم وقفة للتذكير بهذا اليوم الذي يسمى بيوم العلم الوطني وبرواده ليكون عبرة لنا وللأجيال اللاحقة لكن أن تغتنم هذه الفرصة لتنظم فيها قصائد شعرية فهذا الذي لم ولن يحدث''. وكل ما نظمته الشاعرة من أعمال شعرية ضمنتها معاني الافتخار بهذا اليوم والتعظيم من شأنه واستنباط الحكم والتنويه بضرورة العودة إلى منابع العلم والمعرفة للاغتراف منها لتطوير الفرد والمجتمع، لم تنتظر هذه المناسبة لتعود إلى ملكتها الشعرية لتستلهم منها خدمة للمناسبة، ''صراحة لا أؤمن بكتابات المناسبة من أجل المناسبة، فالشاعر ليس آلة لها أزرار حتى نضغط عليها لينتج لنا شيئا معين