ساعات قليلة مرت على ذكرى النكبة وإعلان قيام دولة الصهاينة وشذاذ الآفاق على أنقاض دولة وشعب وأرض فلسطين في زمن تغيرت فيه كثير من المعطيات ومثلها من المفاهيم والقيم. نستذكر النكبة وقد وصل الأمر ببعض حكّام العرب تهنئة سياسيي الكيان الغاصب بذكرى تأسيس دولتهم، فضلا عن برقيات عيد ميلاد ''كوانيشهم'' -جمع كانيش-،واستقبالهم أحسن استقبال تفوقوا فيه على حاتم الطائي، في الوقت الذي رضي فيه الفلسطينيون بالخلاف بينهم منهجا، والتناحر ديدنا، والتدابر والتحريش لغة. نستذكر النكبة وقد بدأت مسيرة العرب بإلقاء ''الصهاينة في البحر'' وانتهت إلى ''مقاومة المقاومة وكل من يفكر في المقاومة''، بدعوى التوازنات الدولية، وحقوق المواطنة، وأولوية المصالح البينية على المصالح الجماعية. نستذكر النكبة والطائرات الصهيونية ودبابات ''الشوادة'' لا تسير إلا بالنفط العربي، والغاز العربي بسعر تفضيلي بينما تحتجز المساعدات للشعب الفلسطيني على تخوم بلاد المقدس، وتمنع من المرور تحت حجج واهية، ومبررات لا أساس لها غير الاستناد مرة إلى الهلال الشيعي، وأخرى إلى البدر البعثي والقومي وضرورة محاربة كل ما من شأنه أن يضر ما يسمى بالسلام في الشرق الأوسط المنزوع سلاح دوله ما عدا إسرائيل بطبيعة الحال. نستذكر النكبة وقد انتقل العرب من الرصاص الفاسد إلى السِّلام -بكسر السين التي تعني الحجارة- إلى السلام الشامل الذي يزداد العرب به خنوعا على خنوع، واستسلاما على استسلام، ونزعا للثياب على نزع. وأخيرا نستذكر النكبة وقد حلت أغاني روتانا وهز الأردفة على أغاني الشيخ إمام ومارسيل خليفة وغيرهما، على لازمة راقصون بدلا عن عائدون أو متوعدون، وغرق الجميع بين التوعد والمواعدة وغرقت معهما النكبة في أحضان من أعرف وتعرفون.