احتضنت القاعة الزرقاء بدار الثقافة ولد عبد الرحمان كاكي، أول أمس، عرضا مسرحيا تراجيديا للمسرح الجديد لمدينة يسر، تحت عنوان ''حراسة مشددة'' للمخرج والسينوغرافي ''شنتوف عبد الغاني''. تنطلق أحداث المسرحية، التي كتبها للمسرح الجديد ''مشعل الموسي''، من أمام باب مغلق، حيث تجمع الصدفة بين شخصيتين الأولى أعلى رتبة من الثانية حيث يتسلم الأول كتاب نقل الثاني ليستلم مهمة حراسة الباب مباشرة فينجر الحارس الجديد مع تيار الفضول لمعرفة سر نتانة الرائحة المنبعثة من وراء هذا الباب،ليصل به الفضول إلى محاولة فتح الباب يوقفه الحارس الأول شاهرا سلاحه في وجهه ومانعا إياه من الدخول ومهددا بقتله إن تجاوز حدود ذلك الباب فيفاجأ الثاني ويظن أن وراء هذا الباب الذي تفوح منه الرائحة الكريهه يكمن سر عسكري رهيب لا ينبغي له ان يطلع عليه، سر جعل الاول حريصا على بقائه طي الكتمان وأحب بقاءه بجوار الباب حد الاشتياق كلما ابتعد عنه. وتبدأ المفارقة الكبرى عندما يكتشف الثاني أن هذا المكان إنما هو دورة مياه، وان سبب نتانته صادر عن تراكم فضلات كبار المسؤولين لوقت طويل، ومع هذا يرى فيها الاول افضل من الف دورة تدريبية تدرب فيها الثاني. لقد جعل الكاتب شخصية الأول تتعامل بآلية عسكرية منفذة الاوامر دون نقاش ومنصاعة للرتب الاعلى بشكل أعمى وماسة كرامة الادنى، إذ تعتبر الادنى لا يمت بصلة الى صنف الرجال وهو لهذا يقف امام المرآة لا لشيء إلا ليرى أمامه هيأة رجل بمعنى الكلمة، رجل لا تشكل له الرائحة النتنة أي ازعاج ما دامت هذه النتانة صادرة عن تلك الرتب المهمة من كبار القادة والمسؤولين. اما الشخصية الثانية فقد جعلها متوازنة بعض الشيء عقلانية تنظر الى الأمور بمنظار واقعي، وهي لهذا تقف على طرف نقيض من الأول، وقد استثمر الكاتب هذا التضاد ليضخم حجم المفارقة وليلبس الأحداث لبوسا كوميديا. ثم يعود لمفارقة اخرى عندما يسلم الاول نوبة الحراسة إلى الثاني موصيا إياه باطلاق النار على أي فرد يقترب من هذا الباب إن لم يكن عارفا بكلمة السر، ويسلمه ورقة تضمنت كلمة السر الخاصة بفترة المناوبة الجديدة، واذ يحاول الدخول من الباب لقضاء حاجته يشهر الثاني سلاحه في وجهه مهددا إياه بالقتل، وتفشل كل محاولات الاول في اقناع الثاني بالعدول عن قتله او خفض سلاحه وإبعاد فوهته عنه، يصر الثاني على مطالبة الاول بكلمة السر، ولما يعجز هذا الاخير عن معرفتها يطلق النار عليه ويرديه قتيلا لتصل المفارقة التراجيدية، هذه المرة، إلى ذروتها وبهذا يكون الكاتب قد اشتغل على مفارقتين الاولى كوميدية اثارت ضحكنا والثانية تراجيديا أثارت حزننا وبذا يقع النص من الناحية التصنيفية ضمن المسرحيات التراجيكوميدية، وهو نص درامي جيد كان يمكن أن يكون بحال أفضل لو أنه تخلص من أخطائه النحوية واللغوية.