طارت فرقة مسرحية "فالصو" للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس إلى العاصمة المصرية القاهرة، للمشاركة في فعاليات الطبعة العشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، لتعرض أمام 83 عرضا عربيا وأجنبيا مشاركا. بعد استحواذها على جائزة أحسن عرض متكامل في الطبعة الأخيرة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، تشارك مسرحية "فالصو" آخر إنتاجات المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، في فعاليات الطبعة العشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي تنطلق فعالياته هذا الجمعة بدار "الأوبرا" المصرية، وذلك وسط 83 عرضا مشاركا، 25 منها من مصر و22 عرضا عربيا، إلى جانب عروض أوروبية وآسيوية وأمريكية . وتبدو حظوظ مسرح سيدي بلعباس الذي تعوّد على مثل هذه المشاركات، وفيرة في الظفر بجوائز المهرجان، من خلال "فالصو" المتميّز بتناوله للراهن المعيش من خلال طرحه لإشكالية "البطالة" وإبرازها كمنفذ تتسلّل منه كلّ المفاسد والآثام والباب المفتوح على مصراعيه لاستقطاب كلّ المشاكل والأزمات، وكذا تناوله لقضايا أكبر كالتنصير والتطرف الديني.. أو الانحراف الديني بشكل عام. تكشف "فالصو" التي كتب نصّها محمد حمداوي عن نص "المنتحر" لنيكولاي أرومان وخاط ثوبها الإخراجي عز الدين عبّار، في سياق واضح وجريء كيف يمكن لإشكالية تبدو بسيطة كالبطالة أن تكون سببا في حدوث أكبر الكوارث، كلّ ذلك من خلال قصة "ناصر" شاب تخرّج من الجامعة بعد سنوات طويلة من الدراسة بشهادة لم تمكّنه حتى من من إعالة والدته له... الفراغ والملل هو ما يميّز يوميات هذا الشاب، الذي أدّى به يأسه إلى حالة من الضياع والشتات والصراع النفسي، أجاد المخرج تمثيلها على الركح بامتياز، ليتحوّل إلى لقمة سائغة للطامعين، فيسعى الإسلامايون (الإرهاب) لاستغلاله من أجل تحقيق أغراضهم الشخصية ومصالحهم الضيّقة، فيسير ناصر في دربهم ويتحدّث لغتهم، فيحرّم ما يحرّمون ويحلّل ما يحلّلون بعد أن أغروه بالمال والمكاسب، وبالمقابل، يحاول دعاة التنصير والمبشّرون إغراء الشاب وإغراقه بالمال والهبات، قصد ضمه إلى صفوفهم وإدخاله تحت راية الكنيسة. قوّة العمل تكمن أوّلا في قوّة نصّها الذي ابتعد عن الخطابية المباشرة والنصائح التربوية وعن إصدار الأحكام على هذا وذاك، حيث اكتفى بعرض حالة كما هي والإشارة إلى الأسباب والمسبّبات، هذا إلى جانب السينوغرافية التي أشرف عليها عبد الرحمان زعبوبي وحمزة جاب الله، لتشكّل جزءا هاما في العمل ساهم في تعلق الجمهور بالعمل من بدايته إلى نهايته وفهم ما قيل وما لم يقل، كذلك أداء الممثلين عبد القادر جريو، عبد الله جلاب، دليلة نوار، أحمد بن خال، عبد السلام مربوح، خديجة عبد الموالى، بن عيسى نوال، نصيرة صحبي وبن بكريتي محمد، الذين جعلوا من المسرحية عملا متكاملا. ومن المنتظر أن يرأس الكاتب الفرنسي جاك تيفاني لجنة التحكيم التي تضمّ في عضويتها، الرومانية غابرييلا سينوزر بانكزيل، الأمريكي جريجوري مارتن، الإيطالي ريناتو نيكوليني، المكسيكي رودولفو أوبريغون، الكندية فراسين ألبين، الروسية كوروبوفا ليودميلا، الألماني هانز فرنر كروسينغر، الصيني وليام هوتيسهوصن، المخرج الكويتي فؤاد الشطي والناقد المصري أحمد سخسوخ. ويكّرم المهرجان 12 مسرحيا عربيا وأجنبيا، هم المخرج الكندي أوليفر كيميد، الكاتب البريطاني باري ريتشارد كيرشو، المخرج الكوبي رولاندو أرنانديت خايمي، الممثلة البولندية فوتيشيخ فيتوتسكي، المخرج الأمريكي لي بريرو، الممثلة الإيطالية ماريلو براتي، الناقد الفرنسي ميشيل برونيه والممثل والمخرج المغربي عبد القادر البدوي، علاوة على المخرج السوداني علي مهدي، ومن مصر الممثل محمود عزمي، الكاتبة فتحية العسال والناقد الراحل سامي خشبة. ومن الفرق العربية المشاركة في المهرجان إلى جانب الجزائر، فرقتا وزارة الثقافة والمسرح الحديث من الأردن، المسرح الوطني بليبيا، فرقتا المسرح القومي و"الدائرة" من سوريا، فرقتا "مسرح عدن"، المسرح الوطني باليمن، الفرقة القومية للتمثيل والورشة المستمرة لتطوير فنون العرض من السودان، الفرقة القومية للتمثيل بالعراق، فرقة "مسرح الخليج العربي" بالكويت، فرقة "تياتروكم" المغربية، فرقة المسرح اليومي من تونس، فرقة "الرستاق" المسرحية من سلطنة عمان، ومن السعودية الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، كما تشارك فرقة "مسرح الصواري" بالبحرين، الفرقة المسرحية للجامعة اللبنانية الأمريكية من لبنان، فرقتا شركة "الموّال" للإنتاج الفني والمركز الشبابي للفنون المسرحية من قطر، ومن الأراضي الفلسطينية فرقتا "الحكواتي" و"الميادين". يذكر أنّ مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، جاء بعد حادثة احتراق المسرح القومي بالقاهرة التي أثارت زوبعة من الإشاعات، ودفعت وزير الثقافة المصري إلى عقد ندوة صحفية أوّل أمس، أكّد فيها أنّ حالة المسارح المصرية التي ستقام عليها عروض المهرجان مطمئنة وأنّ حريق المسرح القومي لم يؤثّر في حجم المشاركة. ومن جهة أخرى، قال فاروق حسني أنّ المهرجان الذي يستمر حتى 20 أكتوبر الجاري، ينظّم بالتوازي مع ندوة عنوانها "المسرح المستقل، تجلياته الفنية والفكرية ومعضلات استمراره"، بمشاركة مسرحيين أجانب وعرب، منهم المغربي يوسف ريحاني، العراقي محمد حسين حبيب، اللبناني بول شاؤول والمخرجان المصريان أحمد زكي وأحمد عبد الحليم.. هذا إلى جانب عقد مائدة مستديرة بعنوان "مشكلات المسرح المستقل في مصر الواقع والآفاق". كما أشار وزير الثقافة المصري، إلى أنّ المهرجان سيصدر خلال هذه الدورة 18 إصدارا مترجما، منها "النساء في دراما أبسن"، "الإعداد الدرامي"، "فنون الأداء"، "المسرح الأمريكي البديل"، "كاتبات المسرح"، "المقاومة في شمال إفريقيا"، إلى جانب "مقدّمة في تاريخ المسرح" (الجزء الأوّل)، "القواعد الملهمة لفن الدراما في الهند" (الجزء الثالث)، "المناهج الجديدة في إعداد الممثل"، وكذا "الجسد والأداء المسرحي"، "السينما والفيديو على خشبة المسرح"، "جذور المسرح التركي" و"سعد أردش والطريق إلى الريادة".