رئيس الجمهورية: تأميم المحروقات حلقة مكملة لروح التحرر وتمكين للاستقلال الوطني الكامل    الرئيس ابراهيم غالي يؤكد مواصلة الكفاح على كل الجبهات حتى استكمال سيادة الجمهورية الصحراوية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48346 شهيدا    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    الوزير الأول يشرف بحاسي مسعود على مراسم إحياء الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات    العاصمة..المديرية العامة للأمن الوطني تطلق الحملة الوطنية للتبرع بالدم    الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات: تكريم عمال ومتقاعدين بشرق البلاد    القنوات السمعية البصرية مدعوة خلال رمضان إلى تقديم برامج متنوعة وراقية    ياسع يشارك بالصين في أشغال الجمعية العامة للهيئة الأممية للتغيرات المناخية    نعم انتصرت المقاومة وإسرائيل تتفكك رويدًا رويدًا    تأميم المحروقات من اهم القرارات الحاسمة في تاريخ الجزائر المستقلة    مشاريع تحلية مياه البحر نابعة من إرادة سياسية استشرافية لمواجهة شح الأمطار وللاحتياجات التنموية    حمدي: قرار تأميم المحروقات..نقطة تحول في مسار التنمية وتعزيز للمكانة الجيو-سياسية للجزائر    المعهد الوطني للصحة العمومية ينظم يوما إعلاميا حول الأمراض النادرة    محروقات: وكالة "ألنفط" تعتزم إطلاق مناقصة دولية جديدة في أكتوبر المقبل    وزير الداخلية في زيارة رسمية إلى إسبانيا ابتداء من يوم الاثنين    بوغالي يعزي في وفاة ثلاثة عسكريين أثناء أداء واجبهم الوطني بعين تيموشنت    المجلس الوطني الفلسطيني: استخدام الاحتلال للدبابات في "جنين" يهدف لتدمير حياة الفلسطينيين    كرة القدم (داخل القاعة): المنتخب الوطني يشرع في تربص اعدادي بفوكة (تيبازة)    مدير البريد والمواصلات لولاية الجزائر    كرة القدم/ الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 17): مولودية الجزائر تفوز على نادي بارادو (3-1) وتعمق الفارق في الصدارة    ارتفاع حصيلة المراقبين الدوليين الذين طردهم المغرب    رؤية استشرافية متبصرة لريادة طاقوية عالمية    محطات تحلية المياه مكسب لتحقيق الأمن المائي    نشيد بدور الجزائر في حشد الدعم المادي للقارة    ترقية التعاون جنوب-جنوب في مجال الطوارئ الكيميائية    رؤية شاملة لمواصلة لعب الأدوار الأولى    سعيدة : فتح ستة أسواق جوارية مغطاة تحسبا لرمضان    بونجاح وعبدلي يؤكدان جاهزيتهما لتصفيات المونديال    "إسكوبار الصحراء" تهدّد مملكة المخدرات بالانهيار    "طيموشة" تعود لتواصل مغامرتها في "26 حلقة"    دورة تكوينية للنواب حول المالية والإصلاح الميزانياتي    خارطة طريق جديدة للقضاء على النفايات    سيطرة مطلقة للمنتخب الجزائري    الدخول المهني: استحداث تخصصات جديدة تواكب سوق العمل المحلي بولايات الوسط    هذه هي الجزائر التي نُحبّها..    وفد عن مجلس الأمة يشارك في مؤتمر عربي    تتويج زينب عايش بالمرتبة الأولى    قِطاف من بساتين الشعر العربي    الشوق لرمضان    توقيف لاعبَيْ مولودية الجزائر واتحاد بسكرة 6 مقابلات    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    الطارف : انطلاق التربص التكويني لمدربي كرة القدم FAF1 بالمركب الرياضي تحري الطاهر    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    عشرات الأسرى من ذوي المحكوميات العالية يرون النّور    تراث مطرَّز بالذهب وسرديات مصوَّرة من الفنون والتقاليد    مدرب مرسيليا الفرنسي يوجه رسالة قوية لأمين غويري    نادي ليل يراهن على بن طالب    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تعني عودة الحرب الباردة اقليمياً؟..
نشر في الحوار يوم 21 - 09 - 2008

تحدث ديمتري ميدفيديف كأن الحرب الباردة لم تندلع مجدداً. قال ان روسيا لا تخشى نشوب حرب باردة جديدة وستفعل ما في وسعها لتجنبها، لكن في هذه الحال الكرة هي في ملعب الأوروبيين.. اذا أرادوا تدهور هذه العلاقات سيحصلون عليه بالتأكيد.الحقيقة ان الحرب الباردة وقعت وإن كانت رقعتها لا تزال محدودة. ليس أدل على وقوعها وبدء انتاج مفاعيلها من اعلان موسكو اعترافها بكل من اوسيتيا الجنوبية وابخاريا، وتعليق تعاونها مع حلف شمال الأطلسي في مجالات عدة.
وإرجاء زيارة للأمين العام للحلف كانت مقررة لروسيا في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، واتهام موسكو الولايات المتحدة بأنها تقوم عبر احدى مدمراتها وتحت ستار نقل مواد الإغاثة الى جورجيا بتوريد الأسلحة اليها، الأمر الذي اضطر واشنطن الى اعلان الغاء مهمة المدمرة المشار اليها تفادياً لعواقب أوخم، ودعوة بريطانيا دول الغرب وغيرها الى اقامة تحالف واسع ضد روسيا لمواجهة سياستها وأغراضها الإقليمية في منطقة القوقاز. الحرب الباردة وقعت، وهي نتيجة منطقية لسعي أمريكا وأوروبا الى توسيع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق ليضم جمهوريات سوفييتية سابقة تحيط بروسيا من جميع الجهات تقريبا، ولغضب موسكو من محاولات الولايات المتحدة تركيز أنظمة دفاع صاروخية في بولونيا وتشيكيا وغيرهما من دول أوروبا.ما انعكاسات الحرب الباردة البازغة بما هي شكل ملطّف من الصراع القديم بين دول غرب أوروبا وأمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى، لا سيما في منطقة غرب آسيا حيث دول العرب وإيران وتركيا وإسرائيل ؟حتى قبل ان تندلع الحرب الباردة مجدداً غداة دخول القوات الروسية الى جورجيا، كانت موسكو تقف موقفاً معارضاً لسياسة واشنطن الضاغطة على ايران والرامية الى تشديد الحصار عليها وكذلك العقوبات الاقتصادية بغية حملها على التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم. بعد أحداث جورجيا، يتوقع كثير من المحللين الاستراتيجيين ان تتقرب روسيا أكثر من ايران وأن تعرقل خطة أمريكا لتشديد العقوبات عليها.مع سوريا يبدو موقف روسيا لافتاً، بل مدعاة للتفكير العميق. فقد دعت موسكو الرئيس السوري الى زيارتها غداة اهتزاز علاقتها مع أمريكا وإسرائيل بسبب دخول قواتها الى جورجيا، وافتضاح قيام حكومة اولمرت بتزويدها أسلحة ثقيلة، ما حمل موسكو على الإعلان أنها في صدد تزويد سوريا أسلحةً متطورة من دون الإخلال بموازين القوى في المنطقة. فوق ذلك، أوحى اعلان الرئيس بشار الأسد ان سوريا مستعدة لقبول قواعد صاروخية روسية للدفاع الجوي ان الأمر جرى تدارسه وبالتالي اعلانه بالاتفاق مع القيادتين الروسية والسورية.حتى العراق تبدلت لهجة حكومته بعد أحداث جورجيا. فقد أصبح نوري المالكي وجماعته أكثر تصلباً مع أمريكا. انه يطالب اليوم بموعد محدد لانسحاب القوات الأمريكية قبل سنة .2011 واشنطن ما زالت ترفض تحديد موعد مبكر لسحب قواتها، لكنها أخذت تشعر بأنها عاجزة عن املاء شروطها على حكومة المالكي، وان نفوذ ايران يتزايد باطراد لدى هذه الحكومة والقوى السياسية المؤيدة لها.إذ تلاحظ ادارة بوش أن موسكو استفادت من سوء تدبيرها في أزمة جورجيا، فإنها بادرت لتوها الى تحديد خسائرها المتوقعة في منطقة غرب آسيا، لا سيما في فلسطين ولبنان وسوريا. في هذا الإطار تسعى واشنطن الى المحافظة على ما أمكن التوصل اليه من إنجازات محدودة بين حلفائها وخصومها المحليين.إلى إسرائي جاءت رايس للمرة السابعة من أجل اقناعها بتجميد عمليات الاستيطان، والسلطة الفلسطينية من اجل عدم اتخاذ استمرار الاستيطان حجةً لوقف التفاوض مع اسرائي، كل ذلك في وقت نشرت حركة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان تقريراً يُظهر ان عدد الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية ارتفع 80 في المائة العام الماضي، كما تضاعف استدراج العروض 38 مرةً في القدس المحتلة. هل تستطيع رايس تحقيق أي نجاح وسط هذا التناقض الحاد بين موقفي الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي ؟لا مجال لأي اختراق، وبالتالي لأي نجاح، محمود عباس أدرك هذه الاستحالة فلمّح الى انه يراهن على الإدارة الأمريكية المقبلة بعدما اخفق في تحقيق أي مكسب وازن من الإدارة الحالية.واشنطن لن تقف عند حدود ما أنتجته او لم تنتجه زيارة رايس. يبدو انها تفاهمت مع القاهرة على ان تبذل الدبلوماسية المصرية جهوداً مع القوى السياسية الفاعلة في الساحتين الفلسطينية واللبنانية بغية الحؤول دون الانزلاق من جديد الى لون من ألوان الاضطراب السياسي. الى القاهرة دعي وفدان من الجبهتين الفلسطينيتين الشعبية والديمقراطية من اجل ترصين الوضع السياسي الفلسطيني وتهدئته، والى بيروت حضر كل من وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط والمسؤول عن ملف لبنان في وزارة الخارجية الأمريكية السفير ديفيد هيل من اجل ان يعالج، كل من زاويته، التحديات التي تواجه لبنان بعد مؤتمر الدوحة. ما العلاج؟ انه اقناع أطراف الصراع بالبقاء في اطار اتفاق الدوحة في انتظار اتضاح ثلاثة استحقاقات سيواجهها لبنان في الأشهر الثمانية المقبلة: تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية دانيال بليمار قبل نهاية العام الجاري، وتسلم رئيس جديد سدة الإدارة الأمريكية مطلع العام المقبل، وإجراء (أو عدم اجراء) الانتخابات النيابية في ربيع العام .2009 في اختصار، يمر العالم في هذه الآونة بمرحلة انتقالية ناجمة عن اقتراب موعد انتهاء ولاية رئيس الدولة العظمى التي لم تعد، في ظل ادارة بوش المتعثرة في أفغانستان والعراق وباكستان ولبنان وفلسطين وغيرها، دولةً عظمى. وتزداد المرحلة الانتقالية حساسية بل خطورة بعودة الحرب الباردة بين روسيا ودول الغرب الأطلسي. وهي حرب ستؤثر، بقليل أو كثير، على مستقبل المنطقة بقدر ما تتضارب أو تتقارب مصالح الدول الكبرى، لا سيما أمريكا وروسيا، وعلاقاتها بالدول الإقليمية الكبرى، تركيا وإيران و إسرائيل ومصر. فوق ذلك، يتنامى باطراد دور القوى غير الحكومية، كتنظيمات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، في صراعات المنطقة وتتباين سلوكية القوى الحكومية تجاهها. ذلك ان بعض هذه التنظيمات قوية بصورة ملحوظة ومؤثرة من جهة ومتحالفة مع قوى حكومية فاعلة في المنطقة من جهة أخرى. ولعل من ابرز واخطر مشاهد الحرب الباردة في المستقبل تلك التي سيتولى ادارتها او الانخراط فيها واحد أو أكثر من تنظيمات المقاومة في المنطقة. أليس لافتاً ان بطل المشهد الأفغاني تنظيم طالبان، وبطل المشهد اللبنانيحزب الله، وبطل المشهد الفلسطيني حركة حماس؟ثم، أليس لافتاً ان ثمةً مشتَرَكَين اثنين بين تنظيمات المقاومة هذه هما الإسلام وأمريكا؟ بصرف النظر عن مدى إسلامية المقاومات الثلاث المذكورة فإنها جميعها لجأت الى الإسلام ليس كإيديولوجيا بالضرورة بقدر ما هو ثقافة شائعة وفاعلة في تعزيز هوية قوى المقاومة وكينونتها الوطنية في مواجهة استراتيجية التفكيك والتفتيت الأمريكية. وبصرف النظر عن مدى فعاليتها في مواجهة أمريكا فإن المقاومات الثلاث جادة في مقاتلة هذا المشترك الدولي والإقليمي المتربص بكل حركات المقاومة والتحرير في العالم.إنها حرب ساخنة تلك الدائرة بين أمريكا وحركات المقاومة والتحرير، لكنها حرب باردة تلك المتربصة بين الدول الكبرى المدججة بالأسلحة النووية. وليس من الغلو القول ان انتصار حركات المقاومة والتحرير مرهون بتصاعد الحرب الباردة الى درجةٍ تفقد الولايات المتحدة معها الوحدانية القطبية ويعود العالم الى حال التعددية القطبية التي تسمح للشعوب بأن تتوحد وتتمرد وتنتصر.
عصام نعمان*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.