لم يخف الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف طموح بلاده لأن تكون أكبر قوة عسكرية في العالم لمواجهة التحديات التي تسعى قوى أجنبية إلى فرضها عليها. وقال ميدفيديف أن الحلف الأطلسي يسعى دوما إلى تعزيز تواجده على مقربة من حدود بلاده في إشارة إلى انضمام عدة دول كانت تسير في فلك المعسكر الشيوعي قبل أن تدير ظهرها غربا باتجاه حلف الناتو. كما كان تلميح الرئيس الروسي باتجاه الدرع الصاروخي الأمريكي الذي شرعت واشنطن في إقامته في كل من دولتي بولونيا وجمهورية التشيك المجاورتين لروسيا وهو ما اعتبرته موسكو بمثابة تهديد مباشر لأمنها القومي. وأعطى الرئيس الروسي في اجتماع عقده مع قادة مختلف الجيوش الروسية بالعاصمة موسكو أمس أوامر بالقيام بعملية تسليح قصوى لقوات بلاده بحلول سنة 2011. وأكد الرئيس ميدفيديف في كلمته أن تحليل الوضعية السياسية والعسكرية الراهنة في العالم أكدت استمرار عشرات النزاعات في بعض مناطق العالم غذتها أزمات محلية بالإضافة إلى محاولات حلف الناتو إلى تطوير بناه العسكرية على مقربة من الحدود الروسية. وهو ما دفع به إلى تمرير قناعته بضرورة تطوير القدرات العسكرية الروسية لمواجهة هذا التحدي المفروض على البوابة الغربية لبلاده وقال أن المهمة الأساسية لموسكو تبقى في الوقت الحالي تطوير القدرات الردعية لمختلف القوات الروسية وفي مقدمتها القوات الاستراتيجية النووية. وقال أن هذه القدرات يجب تطويرها بكيفية تجعلها قادرة على القيام بمهامها الضرورية لضمان أمن روسيا. وتؤكد هذه التصريحات أن العالم مقبل على حرب باردة جديدة تكون تكملة لتلك التي ميزت العلاقات الأمريكية-السوفياتية قبل انهيار المعسكر الشيوعي بسقوط جدار برلين نهاية ثمانينات القرن الماضي. وتكون روسيا بهذه التصريحات قد أخذت على عاتقها مهمة مواصلة تحمل الإرث السوفياتي في حرب أكثر برودة رغم ان المعسكر الشيوعي السابق اضطر على التخلي عنها مرغما بعد أن بلغت تلك المنافسة العسكرية حرب النجوم التي فرضها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن وأرغم على إثرها الرئيس ميخائيل غورباتشوف على رمي المنشفة وأدت في النهاية إلى انهيار المعسكر الشيوعي. وبدت روسياالجديدة منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين وكأنها مهددة في أمنها القومي وعلى مقربة من حدودها مما جعلها تأخذ برهان رفع التحدي العسكري في وجه الزحف الأمريكي المتنامي حتى وراء الجدار الحديدي الذي فصل المعسكريين الشيوعي والرأسمالي. وعادت في سياق الحرب الباردة الجديدة غير المعلنة بين البلدين سعي كل دولة إلى البحث عن مناطق نفوذ جديدة في رسائل مشفرة باتجاه الآخر "أنني هنا ولا يجب تجاهلي في أية ترتيبات استراتيجية دولية محتملة". ولم تكن تصريحات مسؤولين روس وفنزويليين وكوبيين قبل يومين بإمكانية تمكين الروس من قواعد عسكرية للطائرات الاستراتيجية الروسية في كاركاس وهافانا بمثابة رسالة من موسكو باتجاه واشنطن وردا على محطات الدروع المضادة للصورايخ التي تريد واشنطن اقامتها في بولونيا وجمهورية التشيك. وهي صورة لمشهد عاشه العالم ستينات القرن فيما اصطلح عليه بأزمة خليج الخنازير عندما قام الاتحاد السوفياتي السابق بإقامة محطات إطلاق صورايخ عابرة للقارات فوق الأراضي الكوبية وكادت أن تؤدي الى اندلاع حرب نووية بين القوتين الأعظم آنذاك.