يبدو أن الحساسية المفرطة بين وزيرة الثقافة خليدة تومي ومدير المكتبة الوطنية أمين الزاوي ظهرت إلى العلن بعد تسرب مؤخرا معلومة من مبنى العناصر مفادها تلقي الوزيرة أمرا من رئاسة الحكومة بإنهاء مهام الزاوي من على رأس الهيئة بحجة تقصيره في مهامه بعد منحه ترخيصا لكتاب يوميات رجل حر لابن شيكو الذي طبع ونشر مؤخرا، على اعتبار أن هذا المؤلف يسيء للوطن وأن الزاوي لم يستشر الوزيرة في ذلك. طلب تومي بإقالة الزاوي من منصبه لم يكن وليد اللحظة، وإنما قضية نشر كتاب بن شيكو هي القطرة التي أفاضت الكأس خاصة إذ علمنا أن جذور الصراع بين الطرفين تعود إلى فترة، صراع بدأ يظهر إلى العلن خلال تظاهرة عاصمة الثقافة العربية 2007 حيث اشتدت الأزمة بين تومي والزاوي وهو ما اتضح جليا من خلال عدم حضور طرف لنشاط ثقافي يقوم به الطرف الآخر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما لاحت المشكلة بأطنابها على التسيير الداخلي للوزارة حينما لجأت زوجة الزاوي الشاعرة ربيعة جلطي إلى الاستقالة من منصبها في الإدارة المركزية كمديرة عامة للآداب. حساسية العلاقة اتضحت جليا عندما طالب أمين الزاوي من رئاسة الجمهورية بإلحاق الهيئة التي يديرها (المكتبة الوطنية) بمصالحها، وهو ما أثار حفيظة وزيرة الثقافة. وإن كان السبب المباشر والمعلن عنه يتعلق بتقليص الوزيرة لصلاحيات أمين الزاوي على رأس المكتبة الوطنية بعد أن ظهر كمنافس لها لخلافتها في منصب وزير الثقافة، ورغم أن حظوظ الزاوي كانت في الفترة البعيدة ضئيلة سيما بعد أن جدد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الثقة في خليدة تومي لتستمر في إدارة القطاع للعهدة الثانية، إلا أن الإشكال اليوم صار أعمق من ذلك لاسيما مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية في ,2009 وهو ما قد ينمي الإحساس لدى وزيرة الثقافة بشعورها ''بمزاحمة'' الزاوي لها ويزيد من مخاوفها، خاصة باعتبار أن العديد من الأطراف كانوا يتداولون في الفترة الأخيرة اسم أمين الزاوي لخلافتها على رأس وزارة الثقافة، الأمر الذي فتح باب التأويلات على مصراعيها خصوصا فيما يتعلق بالشأن الثقافي وتحديدا بقاء خليدة تومي على رأس الوزارة من عدم ذلك. وللتأكد من صحة خبر استقالة الزاوي من منصبه كمدير عام المكتبة الوطنية استغلت ''الحوار'' فرصة وجود وزيرة الثقافة خليدة تومي خلال أشغال مؤتمر الاتحاد الإفريقي لوزراء الثقافة الذي احتضنته الجزائر مؤخرا، غير أن تومي فضلت الصمت بعدم تأكيد الخبر أو نفيه مكتفية بالقول ''فخامة الرئيس بوتفليقة منحني تأشيرة مجانية إلى قارة إفريقيا والآن أنا أعيش اللحظة وسط الأفارقة وانتم تريدون الغلق عني في الجزائر ومشاكل الجزائر...''. فكيف يا معالي الوزيرة تفضلون الهروب من مشاكل الجزائر والعيش في إفريقيا في الوقت الذي تقتضي منكم مسؤولياتكم الالتفات إلى هذه المشاكل وإيجاد حل لها؟