عزل مدير المكتبة الوطنية الدكتور أمين الزاوي من منصبه لم يبرر كالعادة غير أنه كشف عن تخبط رهيب على أكثر من مستوى. هناك من يقول إن سبب إقالة الزاوي هي منحه رقما تسلسليا لكتاب محمد بن شيكو الذي صودر قبل أن يصدر، والرقم الدولي المسلسل للكتاب لا علاقة له بالقراءة السياسية لما كتبه بن شيكو هذا إذا سلمنا أنه من الطبيعي أن يكون هناك منع لنشر كتاب لمجرد أن صاحبه يعبر عن رأي مخالف، وإقالة مدير المكتبة من منصبه بهذه الحجة يسيء إلى من اتخذ القرار أو زكاه، فالمنصب الذي كان يشغله الزاوي هو منصب ثقافي وليس وظيفة إدارية، وبكل تأكيد فإن وزيرة الثقافة لا يجوز لها أن تتخذ هذا القرار على خلفية سياسية وإلا فإنه لن يشرف أحدا من المثقفين شغل هذا المنصب بعد اليوم. بعض الذين أخذوا على الزاوي استضافته للشاعر أدونيس، الذي قال عن الإسلام ما كان يقوله منذ وقت غير قصير، اعتقدوا أن خليدة تومي أصبحت هي الحارس على القيم أو ما تسميه الثوابت وخاصة الإسلام، ولعل الحماس جعل هؤلاء يتخبطون بعد أن نسوا المواقف الثابتة للوزيرة التي أمضت عمرها في الدفاع عن التنوير والحداثة التي يسوقها أدونيس، ولعل هؤلاء أغفلوا حقيقة أن الخطاب الثقافي الذي يتبناه أدونيس هو جزء من الثوابت التي يؤمن بها القائمون على أمر الثقافة في هذا البلد. وزيرة الثقافة تبالغ في تحمل مسؤولية قرارات حساسة إلى درجة تحرج الحكومة وتبدي عدم انسجامها، فقبل أيام تجاوزت وزير الاتصال الذي كان يتحدث باسم الحكومة نافيا أن تكون الجهات العليا قد اتخذت قرارا بمنع كتاب محمد بن شيكو وقالت إنها هي من اتخذ القرار، وبعدها نقرأ في الصحافة عبارة تقول إن "الوزيرة وضعت الزاوي في موقف حرج بعد تقرير تكون قد قدمته إلى مصالح الأمن ورئاستي الحكومة والجمهورية تتهمه فيه بالترخيص لمحمد بن تشيكو بطباعة كتابه الأخير" وإذا كان هذا الكلام صحيحا فإن منصب مدير عام المكتبة الوطنية سيصبح في حد ذاته تهمة لن يتشرف أحد بحملها.