إيمانا منه بأن التاريخ قوام المجتمعات وعصب الملة وصمام الأمان الذي يحفظ للأمة قوتها ومناعتها ويضمن لها التحكم في زمام حاضرها، مايزال ''خوالد مسعود'' مدير متحف المجاهد على مستوى بلدية الرغاية يباشر نشاطاته في مجال البحث والتسجيل والتوثيق رغم الحالة المزرية التي آل إليها المتحف بعد زلزال 2003 ، ففي نظره الأمة التي يستهين أبناؤها بماضيها، أمة لا يؤمن حاضرها ولا تصان كرامتها. وبمناسبة حلول ذكرى 11 ديسمبر 1960 ارتأينا الانتقال إلى بلدية الرغاية حيث التقينا بمدير المتحف فكان لنا معه هذا الحوار. الحوار : هل يمكنك أن تقدم لنا بطاقة عن نشأة المتحف؟ خوالد مسعود : تم تدشينه في تاريخ أول نوفمبر من عام 1996 حيث كان جهويا ثم تم تحويله في 1 جانفي 1999 إلى ملحقة للمتحف الوطني للمجاهد بصفة رسمية، حيث نباشر مهامنا حاليا في إطار تبليغ رسالة وزارة المجاهدين ومتحف المجاهدين . كيف تقومون بتبليغ هذه الرسالة؟ من خلال تنظيم الكثير من الأنشطة الثقافية في مقدمتها التاريخية، منها تنظيم المحاضرات والندوات التاريخية التي نركز خلالها على استضافة واستدعاء قدماء المجاهدين لنستفيد من شهاداتهم الحية حول تاريخ الثورة الجزائرية، إضافة إلى عملنا المكثف في إطار جمع وتسجيل شهادات المجاهدين عبر التنقل إلى بيوتهم أو إلى قسمات المجاهدين على مستوى مختلف بلديات العاصمة قصد التعرف عليهم واستجوابهم في سبيل الحصول على اكبر قدر من المعلومات والوثائق التاريخية كنوع من البحث والتأريخ لثورة .1954 كما أن متحف الرغاية يعمل باستمرار على تعميم ثقافة التقرب من التاريخ من خلال العمل على توزيع مطويات ومنشورات خاصة بالتعريف بشهداء الثورة وأحداثها المختلفة.. هل تنتهجون سياسة معينة في جمع هذه المعلومات أم أن العملية تتم بطريقة عشوائية؟ إطلاقا، نحن نعتمد خلال مرحلة توثيق المعلومات على إجراء الكثير من التحقيقات الدقيقة والمفصلة حول كل شخصية نستجوبها وحول كل المعلومات التي ننقلها على لسانها. تحرصون على تنظيم نشاطات ثقافية وتاريخية في كل مناسبة وطنية، ما هو هدفكم من وراء ذلك؟ هذه النشاطات تلعب دورا مهما في تدوين التاريخ حيث أن المتحف لا يكتفي بجمع المعلومات بل يقوم أيضا بتوثيقها وإرسال نسخ منها للمتحف الوطني لتبقى هذه الوثائق كأثر تاريخي لجيل الشباب الذي هو في أمس الحاجة إلى الرجوع لهذه الوثائق التي أغلبها عبارة عن أشرطة سمعية بصرية تشكل أيضا مرجعا مهما بالنسبة للمؤرخين والمتخصصين في مجال تدوين التاريخ الجزائري بكل تفاصيله. لاحظنا حضوركم المتميز في كل المناسبات التاريخية الفارطة هل يعني هذا أن نشاطكم مرتبط بالمناسباتية؟ نحن نسير وفق برنامج المتحف الوطني للمجاهدين والمسطر من قبل وزارة المجاهدين إلى جانب اجتهادنا في إثراء هذا البرنامج بأكبر عدد من النشاطات التي سبق لي الإشارة إليها والتي نحاول إحياءها دوريا بالتنسيق مع مختلف الجمعيات والمنظمات الوطنية والمؤسسات التعليمية على مستوى مختلف بلديات الجزائر العاصمة. بعد زلزال 2003 تضرر المتحف بصورة كبيرة جدا هل تمت صيانته أم مازال يعاني من نفس المشاكل؟ صراحة المتحف حاليا يفتقر للكثير من المحتويات الأساسية الخاصة بتأسيس أي متحف سيما بعد زلزال 21 ماي 2003 الذي ضرب المنطقة والذي تسبب في أضرار جسيمة للمتحف ولم يتم ترميمه إلى يومنا هذا.. ورغم هذا فنحن كإدارة وجهنا نشاطنا إلى العمل في الميدان من خلال تسجيل الشهادات وجمع الوثائق التاريخية، وأنا شخصيا حاولت جاهدا من خلال مراسلاتي واتصالاتي المتكررة بمختلف الجهات والهيئات الرسمية الوصية من البلدية إلى المقاطعة الإدارية إلى ولاية الجزائر إلى الوزارة، إلا أننا مازلنا ننتظر تحقيق وعود تلك الجهات القائمة على القطاع، حيث استقبلنا مؤخرا مفتشين من الوزارة قدموا تقريرهم عن الحالة المزرية التي آل إليها المتحف ونحن حاليا في صدد انتظار الرد. في ظل هذه الظروف هل يستقبل المتحف الزوار الذين هم في حاجة إلى المعلومة التاريخية؟ رغم الظروف التي تعاني منها الملحقة إلا أننا نحاول دوما توفير ولو الحد الأدنى من الخدمة لزوار المتحف خاصة الطلبة والتلاميذ الذين كثيرا ما يلتحقون بالمتحف طلبا لبعض الوثائق والمعلومات لإجراء بحوثهم التاريخية فنزودهم بالمعلومات التي يطلبونها. هناك بعض من أبناء هذا الوطن يشككون في مصداقية التاريخ الجزائري، في رأيك ما مدى أهمية ودور المتاحف؟ الشباب الجزائري بحاجة إلى التاريخ فلو أخذنا مثلا ما يسمى اليوم بالقوة الأمريكية التي كانت عبارة عن شعوب مختلفة استطاعت صنع أعظم دولة في العالم بعدما وثقت تاريخها ووقفت على أهم الأحداث التي ميزته، فما بالك الجزائر التي يعتبر تاريخها أعظم تاريخ وثورتها أكبر ثورة تحررية في العالم. وعليه فلا أمة بدون تاريخ لأن من لا ماضي له لا مستقبل له، والشباب الجزائري مطالب بالتعرف على تفاصيل تاريخه وليس الاكتفاء فقط بما يقدم لهم ضمن المقررات والبرامج التعليمة على مستوى المؤسسات التربوية.