كشف بيت الاستثمار العالمي ''غلوبل''في تقريره عن الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية في ديسمبر من العام المنقضي عن تحقيق قطاع الأسمدة بالجزائر لنمو سنوي ب 64ر3 في المائة في غضون 3 عقود، حيث انتقل الإنتاج الوطني ب 79 ألف طن منذ بداية عام 1980 إلى ما يزيد عن 133 ألف طن سنة .2005 ويضيف التقرير الذي نشر أمس أن هذا النمو في الإنتاج يعزى إلى اعتماد الحكومة في السنتين المنصرمتين برنامج يستهدف تكثيف استغلال كامل الطاقة والموارد الطبيعية التي تتمتع بها الدولة، من خلال تحسين الصناعات التحويلية للطاقة ويعد قطاع الأسمدة أحد أهم القطاعات التي يستهدفها البرنامج. وتمثل احتياطيات الجزائر الضخمة من الغاز الطبيعي أحد أهم مكونات صناعة البتروكيماويات ميزة تفضيلية في صناعة الأسمدة، حيث مكن استغلال هذه الخاصية من خفض كلفة الإنتاج مما يعطيها ميزة سعرية عند تصديرها لأسواق خارجية ولا سيما الأوروبية. ويسعى بعض منتجي الأسمدة الأوروبيين لدى منظمة التجارة العالمية والمفوضية الأوروبية لممارسة ضغوط على الجزائر المنتجة للأسمدة لرفع الأسعار المحلية للغاز، غير أن وزير الطاقة شكيب خليل أكد أن الجزائر ترفض هذا الطلب لأن أسعار الغاز بالسوق الوطني رغم مستواها المنخفض فهي غير مدعومة وتعكس كل تكاليف الإنتاج والنقل والتوزيع، كما مراجعة الأسعار ستحد من قدرة الأسمدة المحلية على المنافسة في السوق الوطني مقارنة مع الأسمدة المستوردة المصنوعة في أوروبا. ويشير التقرير من جهة أخرى، لتراجع الاستهلاك الوطني إلى حدود 4ر107 ألف طن في العامين الماضيين، وذلك بمعدل نمو سنوي تجاوز 3 درجات مئوية نظرا لتراجع حجم المساحات الزراعية المتخصصة أو المطورة مقارنة بدول أخرى. وأدى تطبيق البرنامج الجديد لتنظيم ومراقبة وكذا تشديد الخناق على بيع وتوزيع الأسمدة الكيماوية من قبل وزارة الداخلية والفلاحة والطاقة، إلى تذبذب الأسعار في السوق وارتفاعها بشكل غير مسبوق تزامنا مع حلول موسم البذر والحرث، رغم قرار دعم الدولة للفلاح بهذه المواد من خلال تخفيض سعرها بنسبة 20 بالمائة. ودفعت هذه الأوضاع بالفلاحين لاسيما على مستوى الوسط والغرب إلى اعتماد الطرق الخاصة لتأمين حاجياتهم من الأسمدة انطلاقا من الأسواق الموازية، بعد أن سجل الموزع الوحيد ''أسميدال'' عنابة عجزا في التكفل بطلبات في موعدها مما ألحق خسائر معتبرة في الإنتاج، إذ يملك الموزع مقرا مركزيا وحيدا، في حين كان يفترض أن يفتح مقرات جهوية على المستوى الوطني، لتسهيل توريد الأسمدة وإيصالها للفلاحين في الوقت المناسب. أرزيو تتحول إلى أكبر قطب لصناعة الأسمدة بالمغرب العربي وقال التقرير إن عددا هاما من المشاريع التي لا تزال قيد التنفيذ في سوق الأسمدة والمخصبات بالجزائر منها مشروع ''سورفت'' المشترك بين الشركة المصرية ''أوراسكوم للإنشاء'' و''أسميدال''، والذي يهدف إلى إقامة منشأة ضخمة لإنتاج 7ر1 مليون طن من أسمدة الأمونياك واليوريا في منطقة أرزيو مع حلول العام .2010 وانضمت مجموعة سهيل بهوان القابضة إلى مؤسسة ''أسميدال'' مؤخرا بعدما وقعت المؤسسة الوطنية للمحروقات ''سوناطراك'' على عقد لإنجاز مركب لإنتاج الأمونياك واليوريا بكلفة إجمالية قيمتها 4ر2 مليار دولار، بمنطقة أرزيو التي تحولت إلى أكبر قطب مغاربي لإنتاج الأسمدة. وترى هيئة ''غلوبل'' لإعداد الإستراتيجية الاقتصادية أن النظرة المستقبلية لقطاع الأسمدة بالجزائر تبدو مشرقة، إذ تتمتع الدولة بالأفضلية بالمقارنة مع منافساتها من الدول الأخرى من حيث رخص الأعلاف واليد العاملة، بالإضافة إلى مجاورتها للدول الأوروبية. فضلاً عن ذلك، ستساهم الإصلاحات المستمرة للتشريعات التجارية في تعزيز قدرة الجزائر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى الصناعات التكميلية. وأكد المصدر أن غياب البني التحتية غير المتطورة قد يشكل عائقا أمام الحكومة في تطوير القطاع وهو ما يثني عزيمة بعض المستثمرين الأجانب على اقتحام القطاع، ومما لاشك فيه أن الجزائر ستواجه منافسة شديدة من دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد تحرير التجارة البينية في إطار المنظمة العربية للتبادل التجاري الحر. حيث تبدي العديد من الدول الخليجية تحديدا اهتمامها بتطوير صناعاتها التكميلية للمحروقات، على ضوء الانتعاش الذي تنعم به بفضل ارتفاع عائداتها النفطية.