هذا المعهد الذي سيبدأ عمله في مارس المقبل هو الأول من نوعه، ليس فقط في البرازيل، وإنما في أمريكا اللاتينية التي تعاني عجزا في عدد الدعاة المحليين والقادمين من الخارج على السواء''.. بهذه العبارة عكس عبد الباقي عثمان المدير التنفيذي للمعهد اللاتيني الأمريكي للدراسات الإسلامية أهمية مشروع أول معهد ديني لإعداد الدعاة بالبرازيل. وفي تصريح خاص ل''إسلام أون لاين.نت'' قال عثمان: ''إن هناك 120 مركزا إسلاميا ومسجدا ومصلى في البرازيل يخلو ثلثاهما من الدعاة في تلك الدولة التي تعد أكبر دول أمريكا اللاتينية مساحة، وتعدادا سكانيا''، مشيرا إلى أن المعهد سيسمح بتعويض هذه النقص في أعداد الدعاة. من جهته يوضح الدكتور محسن بن موسى الحسني، مدير الجمعية الإسلامية بولاية بارانا البرازيلية، سببا آخر دفع المسئولين عن الدعوة في البرازيل للتفكير في تأسيس المعهد، وهو ''غياب الدعم الإسلامي العربي كلية عن المنطقة خلال السنوات الماضية؛ وهو ما جعلنا نفكر في تخريج الدعاة محليا''. ويؤكد الحسني المسئول عن الدعاة التابعين لرابطة العالم الإسلامي بالبرازيل، في تصريح ل''إسلام أون لاين.نت'': ''إن مشكلة نقص الدعاة لا تقتصر على البرازيل، وإنما تتعداها لجميع دول أمريكا الجنوبية''، داعيا العالم الإسلامي إلى ''وضع القارة على أجندة اهتمامه الدولية باعتبارها تمثل مستقبل الدعوة الإسلامية، وإحدى بواباتها على العالم''. ويعد ''المعهد اللاتيني الأمريكي للدراسات الإسلامية''، والذي تم تسجيله رسميا في 15 مايو 2008 بمقر الجمعية الخيرية الإسلامية بمدينة مارنغا بولاية بارانا، أول جهة أكاديمية إسلامية بالبرازيل لتدريس العلوم الإسلامية وفق أسس علمية حديثة بهدف تكوين كادر دعوي متميز من أبناء البرازيل. ومن المنتظر أن يبدأ تسجيل واختيار الطلاب الجدد نهاية الشهر الجاري، على أن تبدأ الدراسة خلال النصف الثاني من مارس. الدراسة عن بعد ونظرا لكون البرازيل دولة مترامية الأطراف، (8,5 ملايين كم مربع)؛ فإنه من العسير جمع الطلاب في مكان واحد، خاصة أن معظمهم من الحرفيين والعمال وطلاب الجامعات، وهذا ما دفع المعهد إلى اعتماد نظام الدراسة عن بعد بالتوازي مع الدراسة النظامية العادية؛ وذلك تيسيرا على الطلاب الراغبين في الانضمام، وتحول ظروفهم الحياتية أو البعد الجغرافي دون تمكنهم من الانتظام في الحضور، بحسب المدير التنفيذي للمعهد. ويوضح عثمان أنه يشترط في الطلاب المتقدمين للمعهد أن يكونوا قد أكملوا المرحلة الثانوية فما فوق، متوقعا أن يصل عدد الطلاب إلى ما بين 150- 250 طالبا وطالبة، مشيرا إلى أن الدراسة ''ستقتصر على سكان المدينة فقط في المرحلة الحالية، ونأمل في المستقبل القريب إنشاء سكن داخلي للطلاب الوافدين من أنحاء البرازيل''. ويشير إلى أن عددا كبيرا من الطلاب قد يعجز عن دفع رسوم الدراسة رغم قلتها؛ بسبب تدني مستوى الدخل في البرازيل، داعيا في هذا الصدد المحسنين والجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي إلى المشاركة في كفالة الطلاب؛ حيث تبلغ تكاليف كل طالب نحو ألف دولار خلال عامين، هما مدة الدراسة بالمعهد. أما عن المدرسين، فأشار إلى أن هيئة التدريس ستشكل من 6 مدرسين من أبناء البرازيل، و6 آخرين من جامعة إفريقيا العالمية بالسودان ودولتي الكويت وقطر، مؤكدا أنه ''يوجد لدينا تنسيق مع الحكومة لاعتماد الشهادة رسميا في البرازيل، وكذلك لاعتمادها بجامعات العالم الإسلامي''. ويتبنى المعهد في مقرراته الدراسية منهج الوسطية والاعتدال والتيسير، بعيدا عن الإفراط والتفريط والغلو في الدين، ومدة الدراسة في المعهد سنتان مقسمة على ثمانية فصول دراسية، بحسب القائمين على إدارة المعهد. 50 داعية وحول فكرة إنشاء المعهد يقول موقعه الإلكتروني على الإنترنت: ''رغم وجود 120 مركزا إسلاميا ومسجدا ومصلى فإن عدد الدعاة لا يتجاوز خمسين داعية، القليل منهم يجيد البرتغالية (لغة البرازيل)، كما يفتقر عدد منهم للعلم الشرعي المناسب؛ حيث يبادر بعض المهاجرين العرب بالمشاركة في العمل الدعوي من منطلق معرفة دينية عامة''. وحول الدعاة الموجودون على الساحة البرازيلية حاليا يشير عثمان إلى أن ''بعضهم يأتي منتدبا من مصر عن طريق وزارة الأوقاف أو الأزهر الشريف لمدة لا تتجاوز السنتين، وهي فترة لا تكفي الداعية لكي يتعرف على البيئة والثقافة المحلية وأساليب التعامل مع الشعب البرازيلي، فضلا عن تعلم اللغة البرتغالية''. والمعهد المقام داخل مبنى قديم بمقر الجمعية الخيرية الإسلامية -تكفل بترميمه متبرعون ومؤسسات خيرية كويتية- عبارة عن مركز إسلامي متكامل، يحوي مسجدا بكامل مرافقه، وصالة كبيرة تستخدم في الندوات والمناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى فصول دراسية ومكتب للإدارة. ويشير مديره التنفيذي إلى أن ''هناك أرض وقف خالية نأمل أن تتاح لنا الفرصة والإمكانيات المادية اللازمة لبناء مزيد من مؤسساتنا التعليمية والدعوية عليها''. ويسكن البرازيل مليون مسلم من بين 189 مليونا هم عدد سكانها، وبدأ تدفقهم إلى الدولة اللاتينية كرقيق أفارقة في عام 1560 حسب التاريخ المسجل والمعترف به في البلاد، أما الهجرات الحديثة من دول المشرق العربي فبدأت منذ عام .1880 بيد أن أبحاثا إسلامية تؤكد أن المسلمين العرب والأفارقة جاءوا إلى البرازيل قبل وصول البرتغاليين والإسبان إليها بثلاثة قرون وفق ما يؤكده عبد الباقي عثمان، المدير التنفيذي للمعهد، والذي يعمل بالدعوة في المنطقة منذ أكثر من 20 عاما.