حجز أكثر من 157 طن من المخدرات في 2012 نحو سلك الطريق الذي يدر على الكثير منهم بالمال الوفير،اختار شباب في مقتبل العمر العمل في مجال التجارة،لتكون "الزطلة" بمختلف ألوانها،هي المادة المتداولة بينهم،مساهمين بشتى الوسائل إيقاع المزيد من الشباب في شراك الإدمان لتوسيع نطاق تجارتهم،و الظفر بالمزيد من الإرباح منزلقين في هذا الإطار في براثين الإجرام و الجرائم. مقابل الجهود المبذولة لمكافحة المخدرات، ما زالت هذه الأخيرة تزحف باستمرار نحو وسط الشباب، حيث اقتحمت الوسط المدرسي بصفة ملحوظة في السنوات الأخيرة، و أغرت كلا الجنسين، و هو الأمر الذي يرجعه العديد من المختصين في علم الاجتماع إلى إهمال الأسرة لدورها التربوي بالدرجة الأولى،حيث أكد نفسانيون أن هذه الآفة التي صارت جزءا لا يتجزأ من مشاكل الحياة اليومية لا يمكن مواجهتها من خلال التحسس المناسباتي،لاسيما و أن تعاطي المخدرات تحول إلى وباء كبير. متورطون بالمخدرات..شباب في مقتبل العمر الكيف..الحشيش..الجريفة..قد تختلف الأسماء و لكن المسمى يبقى واحدا، آفة خطيرة قد تكون وليدة رفقاء سوء،أو فضول شباب يريد معرفة كل شيء،وفي هذا الصدد يقول الشاب عبد السلام البالغ من العمر 19 سنة والذي تعرفت عليه الاتحاد عن طريق قريبة له، وقد أخذ يروي بألم كيف كانت البداية: "ربما هو الفضول ومحاولة معرفة كل شيء هو ما دفعني إلى خوض هذه التجربة الأليمة فقد بدأت التدخين وأنا في سن السادسة عشرة وتعرفت على شاب يفوقني بعامين وكان هو يدخن "الكيف" أمامي باستمرار ويدعوني إلى ذلك ولكني كنت أمانع إلى أن بلغت الثامنة عشرة ليبدأ الفضول يأخذ شكل المرارة وتناولت أول سيجارة حشيش على يد هذا الشاب الذي توهم وأوهمني أنه يقدم لي يد المساعدة لإخراجي من حالتي النفسية بعد إخفاقي في نيل شهادة البكالوريا وتوالت السجائر بعد ذلك ووصلت إلى أكثر من ذلك حيث تحولت إلى لص في البيت فما إن تقع عيني على نقود أو ذهب أو أي شيء ثمين إلا واستوليت عليه وبعته لتأمين حاجتي من المخدرات واكتشف أهلي أمري بعد عام من التعاطي وعوقبت بالضرب وبشتى الطرق، لكن هذا لم يزدني إلا إصرارا على الانحراف وكنت أعتقد أني أنال منهم بهذا لكن تناولي المفرط للمخدرات أساء إلى أحوالي الصحية ومكثت بالمستشفى شهرا كاملا وبدل التكفل بي ومحاولة علاجي بالطرق السليمة حولوني إلى مستشفى للأمراض العقلية وهناك ازداد الوضع سواء بإدماني على المهدئات التي كانوا يعطوني إياها يوميا فتحولت إلى شبه مجنون وهنا قام والدي بإخراجي وحبسي في البيت وقال لي بالحرف عليك معالجة نفسك بنفسك،فشرب الماء مع كثير من الإرادة والتوكل على الله شفيت بحمد الله.. فقط أنصح الشباب بقولي أن المخدرات طريق الهلاك وأن لا فائدة ترجى منها فهي تسلبك الإرادة والمال وعزة النفس وتورث الذل بين الناس. وخلفنا عبد السلام وراءنا لنلتقي بمحمد وهو شاب في الثلاثين من العمر متخرج من الجامعة منذ سنوات وناقم جدا على هذا الوطن على حد تعبيره فيقول محمد: "كل من اتجه نحو المخدرات لا يغيب عليه أبدا أنه سلك الطريق الأسوأ، أما دعوى البحث عن النشوة والسعادة والنسيان فكل هذه أكاذيب نختلقها بأنفسنا لنقنع بها الناس فنكون أول من يصدقها ونصدق أن مشاكلنا التي لا حصر لها لن تحل إلا بهذا وأنا شخصيا مررت بتجربة التعاطي دون الإدمان،ومع هذا فقد تولدت جراء ذلك مشاكل عديدة مع الأسرة". المخدرات من بين القضايا الحساسة التي يتخوف الإبلاغ عنها شهدت قسم الجنايات بمختلف محاكم الجزائر العاصمة في الآونة الأخيرة شباب لا تتجاوز أعمارهم ثلاثون سنة متورطين في قضايا المخدرات،إذ لم يكتفوا بتناولها و إنما أصبحوا يبيعونها بمختلف أنواعها بوضح النهار، هذا ما أكده بعض السكان في حي من إحياء بومرداس ل "الاتحاد"، و أنهم يتخوفون عن الإبلاغ عن مثل هذه القضايا الحساسة،منوهين بأنهم يتخوفون بالمشاكل التي قد تلحق بهم في حالة فضحهم لهؤلاء الشباب،و التي قد تصل إلى حد القتل أو انتهاك الأعراض،خاصة و أنهم يتعاملون مع فئة مدمنة على العديد من أنواع السموم التي لا ترحم،في وقت نبه فيه المختصون إلى ضرورة التحرك السريع من خلال العمل التحسيسي الذي من شانه أن يساعد على التقليل من مثل هذه الآفات حتى لا يبقى المجتمع في موقع المتفرج على آفة خطيرة تهدد تماسكه. وحسب أخصائيين اجتماعيين فان واقع المخدرات في الجزائر قد اخذ منزلقا خطيرا و أن هذه الآفة تتقدم بسرعة مذهلة حتى أنها انتشرت بين الذكور و الإناث من مختلف الأعمار و المستويات،و الكارثة أنها تمس فئة الشباب،الفئة أكثر حيوية في المجتمع،حيث ان متوسط أعمار المتورطين يتراوح بين عشرين و خمسين سنة و بنسبة 80 بالمائة من المتورطين إجمالا،ففي الجزائر هناك رواج كبير للقنب الهندي أو الكيف المعالج و هو يضبط بالاطنان،و كل الأرقام تشير إلى إن الوضع خطير جدا و سيزداد خطورة إذا لم تعطي الظاهرةحقها من الاهتمام،لذلك لابد من بحث بواعث التوجه نحو الاتجار او التعاطي بين الشباب و محاولة الاحتواء الجدي لهذا الوباء الخطير و تقديم العلاج الفعال،و لن يتم هذا الا بتعاون الأسرة و المدرسة و المجتمع و كذا الهيئات المعنية،فالمخدرات طريق نحو الانحراف و الجريمة و الموت و هذه مسؤولية الجميع فعلى كل معني أن يأخذ دوره. نقص المخدرات..يحول المدمنين إلى وحوش بشرية ليست بقصص الاكشن و إنما هي قصص واقعية في عقر بيوت جزائرية،بعد أن اقتربت الاتحاد إلى بعض أولياء المدمنين الذين تحولوا إلى وحوش لا ترحم حتى اقرب الأقربين إليها،فهذه" الخالة وردية "التي روت معاناتها مع ابنها الذي يبلغ ال24سنة من العمر،حيث أكدت انها تتعرض للضرب المبرح يوميا من طرف ابنها الذي لا يرأف ها على حد تعبيرها في حالة عدم استهلاكه لهذه السموم،مشيرة إلى انه بمجرد تناوله شيئا منها يصبح إنسانا عاديا. أما "أم يزيد" تسرد معاناتها أيضا مع ابنها الوحيد و هي تبكي:"بعد أن وفرت له كل ما يطمح إليه شباب اليوم من سيارة و أموال،انصدمت عندما اكتشفت انه يتعاط المخدرات،لم يكتفي عند هذا الحد و إنما وصل به الحال إلى التقليل من احتراماتي و الصراخ في وجهي بعد أن كان يضرب به المثل في التربية و الأخلاق"فارقنا أم يزيد" وهي تلفظ عبارات الألم و الحسرة على ما أل إليه شباب اليوم. الأخصائية النفسانية"ركيبة فوضيل تحذر من تطور الظاهرة من جانب علماء النفس،أكدت لنا "ركيبة.فوضيل"أن هذه الظاهرة في تطور مستمر و هذه هي مسؤولية الجميع،لكن نقطة الانطلاق يجب أن تكون من الأسرة التي تبقى في أمس الحاجة إلى التوعية لتتعلم لغة الشباب و تفهم خصوصيات مرحلة المراهقة حتى نتمكن من احتواء ظاهرة انحراف الشباب،الثقة بين الأولياء و أبنائهم تلعب دورا كبيرا في القليل من الظاهرة،كذلك عوامل الفراغ و مخالطة رفقاء السوء وانعدام وسائل الترفيه، ودون أن ننسى غياب الجهات المعنية بالتحسيس،و غياب القانون في مثل هذه القضايا الحساسة.