هو الرجل الرمز وأحد أبرز المناضلين والمقاومين السياسيين للتمييز العنصري في العالم ، وخاصة في جنوب القارة السمراء، ولد في 18 من جويلية سنة 1918، نبذ العنف منذ صغره وعمل على مواجهة المصائب والصعاب بكل كرامة وكبرياء. نشأ بقرية صغيرة تدعى ميزو في منطقة ترانسكاي، حيث كان والده رئيسا بها وتيتم صغيرا الأب، وأصبح المعيل لعائلته، فألقي على عاتقه مسؤولية قبيلته وبدأ إعداده لتولي الزعامة، ولقبه أفراد قبيلته 'بماديبا' وتعني 'العظيم المبجل', وهو لقب يطلقه أفراد العشيرة على الشخص الأرفع قدرا بينهم وأصبح مرادفا لاسم نيلسون مانديلا.وكان لمنديلا عدة إخوة منهم أربعة أولاد وتسعة بنات لكون والده تزوج أربع مرات ومنديلا ابن الزوجة الثالثة 'فاني نوسيكيني' حيث قضى في منزلها معظم طفولته المبكرة، وفي سن السابعة من عمره كان مانديلا أول عضو في عائلته يذهب إلى المدرسة، حيث أعطاه معلمه اسم "نيلسون"، وتابع مانديلا دراسته في معهد 'كلاركبري'، حيث انه يأتي في المرتبة الأولى.وعندما وصل مانديلا سن 19 من عمره عام 1937 انتقل إلى 'هلدتون'، وكلية ويسليان في بيوفورت، وإلى جانب دراسته أظهر بعض الاهتمام للملاكمة والجري، ولكنه كان دائما مثابرا في حياته مقداما في مواقفه ساعيا للتحصل على الشهادات العلمية فعمل جاهدا للحصول على شهادة الليسانس الآداب في جامعة فورت هير بكل جدارة، وفر نلسون إلى جوهانسبرغ وعمل في منجم لفترة معينة، ثم نجح في الحصول على وظيفة مساعد في مكتب محاماة، وذلك بفضل صديقه والترسيسولو الذي كان محاميا في الوكالة نفسها، وخلال هذا الوقت أنهى مانديلا دراسته عن طريق المراسلة في جامعة جنوب أفريقيا وبعد ذلك كان قادرا على بدء دراسات في القانون في جامعة ويتووترسراند. ...نضال لا يضاهى وبدأ مانديلا في المعارضة السياسية لنظام الحكم في جنوب إفريقيا الذي كان بيد الأقلية البيضاء، ذلك أن الحكم كان ينكر الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا، وفي سنة 1942 انضم مانديلا إلى المجلس الإفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوبالسنغال. وفي عام 1948 انتصر الحزب القومي في الانتخابات العامة، وكان هذا الحزب يحكم من قبل البيض في جنوب إفريقيا، خطط وسياسات عنصرية، منها سياسات الفصل العنصري، وإدخال تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة، وفي تلك الفترة أصبح مانديلا قائدا لحملات المعارضة والمقاومة، حيث بدأ يدعو للمقاومة الغير مسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عزل في عام 1960، وعلى إثر هذا قرر زعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة بقيادة نلسون منديلا.وفي عام 1961 أصبح مانديلا رئيسا للجناح العسكري للمجلس الإفريقي القومي، واعتقل في فيفري عام 1962 وحُكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر الغير قانوني، والتدبير للإضراب.أما في سنة 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فكانت العقوبة أقصى من سابقاتها إذ حكم عليه بالسجن مدى الحياة، خلال سنوات سجنه الثمانية والعشرين، وأصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا من رموز المقاومة ورفض سياسة التمييز العنصري ومبدؤها.وتم في 10 من جوان عام 1980 نشر رسالة استطاع مانديلا وإرسالها للمجلس الإفريقي القومي جاء فيها "إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري".وعُرض على مانديلا إطلاق سراحه مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض العرض سنة 1985، وبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 عندما أثمرت مثابرة المجلس الإفريقي القومي، والضغوطات الدولة عن إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية "فريدريك ويليام دي كليرك" الذي أعلن إيقاف الحظر الذي كان مفروضا على المجلس الإفريقي، وحصل نيلسون مانديلا مع الرئيس فريدريك دكلارك في عام 1993 على جائزة نوبل للسلام.شغل نلسون مناصب عديدة حيث تولى رئاسة المجلس الإفريقي بداية من جوان 1991 إلى غاية ديسمبر 1997، وأصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا اعتبارا من تاريخ 1994 إلى شهر جوان 1999، وخلال فترة حكمه شهدت جنوب إفريقيا انتقالا كبيرا من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية، ولكن ذلك لم يمنع البعض من انتقاد فترة حكمه لعدم اتخاذ سياسات صارمة لمكافحة الايدز من جانب، ولعلاقاته المتينة من جانب آخر بزعماء معارضين للسياسات الأمريكية كالرئيس الكوبي فيدل كاسترو.وبعد جهود جبارة قام بها مانديلا دامت لسنوات طويلة، تحولت كفة الميزان وأصبح لذوي البشرة السوداء حقوقا رسخها نلسون في أذهان العالم واضمحل التمييز العنصري في عصره، إلا أن إحالته إلى التقاعد سنة 1999لم تمنعه من مواصلة مسيرته مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم.وتلقى عددا كبيرا من الميداليات والتكريمات من رؤساء وزعماء دول العالم، وكان له كذلك عدد من الآراء المثيرة للجدل في الغرب مثل آرائه في القضية الفلسطينية ومعارضته للسياسات الخارجية للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وغيرها.وقرر نيلسون مانديلا ذو ال 85 عاما التقاعد وترك الحياة العامة، ذلك أن صحته أصبحت لا تسمح بالتحرك والانتقال، كما أنه فضل أن يقضي ما تبقى من عمرة بين عائلته عام 2004.واختير سفيرا للنوايا الحسنة من قبل الأممالمتحدة سنة 2005 ، وشطب اسمه في عهدة الرئيس الأمريكي جورج من اللائحة السوداء للإرهابيين تزامنا مع عيد ميلاده التسعين في جويلية 2008 جوائز الإمبراطور... تحصل إمبراطور السلام على جوائز عدة تقديرا وعرفانا له بالانجازات الكبيرة التي حققها، ولأنه حرر أبناء القارة السمراء من التمييز و الاضطهاد الذي سلط عليهم منذ قرون، فاقيم له تمثال في ساحة البرلمان بلندن،إضافة لجائزة نوبل للسلام التي نالها في عام 1993 بالاشتراك مع فريديريك ويليم دي كليرك، تلقى نيلسون مانديلا أكثر من مائتين وخمسين جائزة وطنية ودولية خلال أكثر من 40 سنة. ونال جائزة جواهر لال نهرو للسلام عام 1980, وأول من نال جائزة القذافي لحقوق الإنسان وفي 1992, رفض جائزة مصطفى كمال أتاتورك للسلام التي تقدمها تركيا احتجاجا على الخروقات المسجلة لحقوق الإنسان آنذاك, ثم قبل الجائزة لاحقا 1999.بالإضافة إلى ذالك نال دكتوراه شرفية من جامعة واسيدا عام 1995 وشرف في البرتغال بأوسمة شرفية وهو اول شخصية حية تحصل على المواطنة في كندا 2001، ونال وسام الحرية الرئاسي من جورج دبليو بوش سنة 2002 ، وفي نفس السنة، عينته الملكة إليزابيث الثانية عضو من وسام الاستحقاق، أما في سنة 2004 حاز على جائزة الوعي الكوكبي من نادي بودابست و في 2006 نال جائزة سفير الوعي من منظمة العفو الدولية وفي وقت من الأوقات، تلقى نيلسون مانديلا الكثير من الجوائز والإشادات لدرجة انه قرر عدم قبول المزيد، معتبرا أنه يجب تكريم الآخرين، أما في 10 نوفمبر 2009,أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 جويلية " اليوم الدولي لنيلسون مانديلا ". نيلسون بين الحياة والموت يرقد رئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا لليوم الثالث على التوالي بمستشفى في بريتوريا، حيث نقل ليل الجمعة السبت الماضي، دون تسرب أية تفاصيل حول وضعه الصحي سوى أن "الحالة خطيرة هذه المرة".ويعيش سكان جنوب إفريقيا، مشاعر مشتتة بين القلق والرضوخ لفكرة رحيل نيلسون مانديلا بكرامة، والتي تحولت في بعض الأحيان لطلب بالسماح لروحه أن ترحل بسلام، وكتب اندرو ملانغيني، الصديق القديم لمانديلا في صحيفة "صنداي تايمز" أن "عائلته يجب الآن أن تتركه في رحمة الله ، وذلك في رأي تم التعبير عنه كثيرا في الساعات ال24 الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأضاف ملانغيني "عليهم إطلاق سراحه، روحيا، والعودة إلى الإيمان بالله، وأضاف صديق منديلا انه لابد أن نقول" شكرا لله ، لأنه أعطانا هذا الرجل".ودخل نيلسون مانديلا المستشفى في وقت باكر من صباح السبت المنصرم تاركا ورائه حضارة تؤمن بالتغيير وعدم الاستبدا والاستعباد وان الفرق بين البشر لا يكمن في لون البشرة، وأعلن متحدث باسم حكومة جنوب إفريقيا لقناة تلفزيونية محلية، أن حالة الرئيس الأسبق نيلسون مانديلا الصحية "خطيرة هذه المرة" ، وهي المرة الرابعة التي يدخل فيها بطل محاربة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا المستشفى، لإصابته بالتهاب رئوي.وبقي رمز النضال العالمي نيلسون مانديلا في المستشفى، يصارع الموت ويسترق التنفس من الدنيا التي أعطاها الكثير، لتبكي السمراء مرضه، وينتظر الآلاف شفاؤه لأنه رسالة سلام في عصره. وفاة الزعيم عن عمر يناهز ال 95