"راني جاي السريكيلاسيون".."آكتيفي يا الشوفور رانا مزروبين".."خايف احاوزوني من الخدمة بسبب "الروطار".."راهو جاي الوزير الطريق مغلوقة"..عبارات لا يمكن لأي جزائري أن يُنكر ترددها على مسامعه بشكل يومي ولا فرق في ذلك بين صاحب الشركة و العمال ولا المدير و الموظفين و الطبيب و المريض و بين الأستاذ و الطالب ، فالطريق واحدة و "السيركيلاسيون" فوق الجميع.كثيرا ما يتسبب الازدحام المروري بالطرقات في إلغاء مواعيد هامة وضياع مصالح يخطط لها لشهور عديدة، كما تتزايد نسبة فصل العمال و الموظفين عن مناصبهم خاصة في القطاع العمومي الذي لا يتسامح مع كل من يتأخر ولو لبضع دقائق لما يترتب عنها من توقف مصالح الزبائن مثلا على مستوى مكاتب بريد الجزائر و قلق تلاميذ المؤسسات التربوية الذي يتحول إلى فوضى بسبب تأخر الأستاذ و قد تُؤجل طلبات مرتادي البلديات و الدوائر في طوابير لا متناهية ويزيد من طولها تأخر الموظفين عن الالتحاق بمناصبهم سواء مسؤولين أو حتى الأعوان الإداريين، بينما يتستر عن الموظفين أصحاب "المعريفة" في الإدارة عن التأخر و حتى الغيابات في بعض الأحيان. ومن "السيركيلاسيون" ما قتل.. سجلت العديد من المستشفيات استقبال حالات السكتة القلبية بسبب الازدحام المروري و اختناق حركة المركبات خاصة بالمدن الكبرى على غرار الجزائر العاصمة التي توفي بها أشخاصا اثر أزمات قلبية تعرضوا لها بسبب ارتفاع حدة القلق و الغضب معا، مما ينجم عنه خللا عصبيا يؤدي إلى شلل نصفي أو الموت في بعض الحالات، فضلا عن سيارات الإسعاف التي تواجه اختناق حركة المرور مما يؤدي في الكثير من الأوقات إلى وفاة المصابين الذين يحملونهم إلى المستشفى خاصة إن كانوا في حالات خطيرة، و كشف مختصون في الأمراض العصبية أن الازدحام المروري يساهم في تغير سلوكيات السائقين و يثير انفعالهم كثيرا نظرا لزيادة شدة القلق أثناء مدة الانتظار، و أوصوا بضرورة إعادة النظر في المخططات المرورية قصد إيجاد حل مناسب ووضع حد لعواقب الازدحام الخطيرة، فبعد أن كانت السرعة هي التي تؤدي إلى حوادث المرور التي تحصد الأرواح، أصبح الازدحام الآن يقتل الأشخاص كذلك، كما يقدمون النصائح للسائقين و الركاب معا على ضرورة التحلي بالتعقل أثناء القيادة ومواجهة الازدحام بالصبر. أكل الأظافر،الموسيقى،الهاتف.. لمواجهة الازدحام! يلجأ السائقين و الركاب على حد سوى إلى أساليب عديدة أثناء مدة اختناق الحركة المرورية، و منها أكل الأظافر حسب ما أخبرنا به "موح الطاكسي" الذي سألناه خلال جولة قادت "الاتحاد" إلى أكثر النقاط ازدحاما بالجزائر العاصمة، حيث قال إنه لا يتوقف عن نزع أظافره بأسنانه أثناء قيادة سيارة الأجرة التي يملكها، وينقل الركاب على طول خط ساحة البريد المركزي نحو بن عكنون خاصة في أوقات الذروة في الصباح الباكر أو أثناء عودة العمال إلى منازلهم بداية من الساعة الرابعة بعد الزوال فضلا عن يوم الأحد باعتباره بداية الأسبوع، و أضاف أن هذه الوسيلة "ابتكرها" قصد تجاوز وقت الانتظار و لم يخف بأنها تسبب له جروح في بعض الأحيان إلا أنه لم يجد من بديل، كما يلجأ البعض الآخر إلى الاستماع للموسيقى عبر المذياع أو أجهزة ال"mp3 " و الهواتف النقالة للقضاء عن الملل الذي يترتب عن طول الانتظار في طوابير السيارات و المركبات، من جهة أخرى يعتمد بعض السائقين على المكالمات الهاتفية المطولة على الرغم من أن قانون المرور يمنعها إلا أنهم لم يجدوا من سبيل آخر لتجاوز مدة الانتظار، كما أن "السيركيلاسيون" أباح لهم ما لم يسمح به المشرع الجزائري!. وزارات تتبادل تهم التسبب في "السيركيلاسيون" تتفرق آراء الجزائريين حول المتسبب المباشر في الازدحام المروري المسجل يوميا عبر طرقاتنا و الذي يبدو أنه دخل في عادات و تقاليد الجزائريين، فكل شخص يضع في الحسبان دائما أنه قد يتأخر في الوصول إلى هدفه بسبب وجود الازدحام في الطريق، وأكبر القطاعات التي يصب عليها المتضررون من الازدحام غضبهم هي وزارة الأشغال العمومية التي لم تجد إلى حد الآن طريقة مثلى تساهم بها في وضع حد لمعاناة مستخدمي الطرقات، ففي كل مرة نسمع تخفيف الضغط عن الطريق الفلاني دون أن نسمع يوما القضاء عن مشكل الازدحام المروري بجهة ما نهائيا، و أجمع العديد من السائقين و الركاب على حد سوى من الذين سألتهم "الاتحاد" أن الازدحام المروري أصبح "مرضا" أصاب طرقاتنا و لا فرق بين خارج المناطق العمرانية و داخلها، و السبب راجع إلى قلة الطرق الاجتنابية و انعدامها في بعض الأحيان مما يجعل كل السائقين يحملون تقريبا نفس التفكير و هو المرور بطريق فرعي عسى أن يُجنبهم الازدحام بالطريق الرئيسي ليتفاجؤوا باكتظاظه أكثر، كما حمّل البعض الآخر وزارة النقل المسؤولية في الازدحام المروري الحاصل خاصة فيما يتعلق بقلة التنظيم التي تتميز بها الحافلات علاوة عن المواقف العشوائية التي توضع بغير دراسة و تخطيط مسبق، خاصة حافلات نقل المسافرين الخواص و الذين يسعون إلى الربح و لو على حساب التسبب في عرقلة حركة المرور و هي المشاهد اليومية التي تتكرر بدون رقابة ردعية لهؤلاء، حيث يتوقفون في مواقف قد تكون غير رسمية قصد إنزال أو صعود أحد المسافرين مما يساهم في توقف كل المركبات التي تكون وراء الحافلة و الغريب في الأمر تلك العبارة التي تكتب في الجهة الخلفية للحافلة وهي كالتالي:"الأولوية لهذه الحافلة عند مغادرة مكان توقفها" لكن ما لم تتفطن له مديريات النقل بولايات الوطن أن تلك الحافلات هي التي تساهم بقسط كبير في عرقلة حركة المرور. الازدحام يدخل ضمن مميزات العاصمة لو سألت أي مسؤول أو موظف أو حتى بطال عن مميزات الجزائر العاصمة لذكر قبل كل شيء أنها تتميز بالازدحام المروري و اختناق حركة السيارات، ويسهب في ذكر الوقت الذي يضيعه كل من يدخل الجزائر العاصمة في الانتظار وراء طوابير السيارات و المركبات بمختلف الطرق الرئيسية منها و الفرعية، ويُلاحظ تميّز الجزائر العاصمة بالازدحام المروري كل من يدخلها خاصة من الضاحية الشرقية و كثيرا ما يشتكي السائقين و كذا المسافرين من نقطة المراقبة المرورية الثابتة على مستوى إقليم المقاطعة الإدارية للرويبة، والتي تتحول في الكثير من الأحيان إلى سبب في ضياع مواعيد هامة يأتي من أجلها الآلاف من الجزائريين من سكان الولايات الداخلية حيث يقطعون مسافات شاقة لكن غالبا ما يعودون أدراجهم نظرا لتأخرهم عن أوقات المواعيد، فضلا عن أسباب أخرى عديدة منها مشاريع قطاع الأشغال العمومية بالطرقات و التي تساهم بقدر كبير في الازدحام المروري خاصة التي تعرف قلة تخطيط مسبق لعواقبها السلبية أحيانا و التي تصل مدة الانتظار في بعض الحالات إلى أكثر من ساعة، وذلك باختلاف حجم المشروع. كل السيارات لها الأولوية إلا المواطن..؟ يُرجع الكثير من مستخدمي الطريق سبب تزايد حدة "السيركيلاسيون" إلى سيارات الأولوية على الرغم من تخصيص جزء من الطريق يعرف ب"الخط الأصفر" إلا أنه في بعض الأحيان يكون محجوزا من طرف سيارات لا تملك الأولوية بل أناس "شواكر"، ليختلط الحابل بالنابل و تكثر صافرات الإنذار خاصة إذا تعلق الأمر بشخصيات أجنبية على غرار رؤساء الدول الذين يقومون بزيارات إلى الجزائر، أو حتى وزراء و دبلوماسيين و غيرهم، لكن سيارات المواطنين في كل الحالات لابد أن تنتظر مدة مرور الموكب الوزاري أو الرئاسي، وكُتب على المواطن المعاناة حتى على مستوى الطرقات. ربع أعمار الجزائريين يقضونها في الانتظار لا يمكن للمواطن الجزائري العادي العيش دون أن يقف ولو لمرة في اليوم في إحدى الطوابير سواء في انتظار دوره بمقرات البلدية و مراكز بريد الجزائر أو قاعة استقبال بإحدى المستشفيات بغض النظر عن حالته إن كانت مستعجلة أو قليلة الخطورة، و أضيفت لها كذلك اختناق حركة المرور مما يثير في الكثير ن الأحيان انفعال الركاب و السائقين، كلنا يعلم ما يسببه الازدحام من حدة في القلق و الغضب خاصة في حافلات نقل المسافرين حيث تتردد على مسامعنا بشكل روتيني "رانا كبرنا في الطريق"،"زيد شويا يا الشوفور رانا روطار"،"واش نباتو في هاد السيركيلاسيون اليوم" وغيرها من العبارات التي نسمعها بشكل يومي في حافلات نقل المسافرين خاصة من الأماكن البعيدة بالجزائر العاصمة على غرار الرغاية، الرويبة، الدار البيضاء من الناحية الشرقية و كذا زرالدة اسطاوالي و الشراقة من الضاحية الغربية، لكنه في الأخير تمر حوالي ربع أعمار الجزائريين في انتظار أدوارهم في مختلف الأماكن دون استثناء، فهل ذاق المسؤولين خاصة وزيري النقل و الأشغال العمومية مرارة "السيركيلاسيون"؟ ولو لمرة قبل استلامهم الحقيبة الوزارية؟، ومتى ستنتهي معاناة مستخدمي الطرقات؟. عمال و موظفين يطردون بسبب "الروطار" ورد في الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006، و الذي تضمّن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، خاصة في الفقرة الثانية من المادة 207 أنه: "يعاقب على كل غياب غير مبرر عن العمل بخصم من الراتب يتناسب مع مدة الغياب"، وعند تكرر الغياب أو التأخر عن الالتحاق بالمنصب يمكن أن يتعرض الموظف إلى إنهاء مهام حفاظا على الانضباط، وضمانا للخدمة العمومية.ولكن الموظفين غالبا ما يكون الأمر فوق طاقتهم حيث كشف البعض ممن استجوبتهم "الاتحاد" أنه ليس هناك فرق بين الذي يستيقظ باكرا و الذي لا يستيقظ خاصة في بداية الأسبوع أين تعرف الحركة المرورية اكتظاظا في السيارات و تُشل الطرقات أحيانا لساعات، كما لم يخف تزامنها مع بداية المواعيد الرسمية كتنقلات الوزراء، وفي بعض الأحيان يتسبب نقص بعض خطوط النقل خاصة على مستوى الجزائر العاصمة في تأخر الموظفين و العمال بالالتحاق بأماكن عملهم.