بعيدا عن ثورة الخبز والورد، التي قامت بها مجموعات من النساء في نيويورك، في الثامن من شهر مارس عام 1908 احتجاجا على الظروف اللا إنسانية التي يعملن في ظلها، تحتفل نساء العالم بهذا اليوم، الذي يمثل لدى الكثيرات تتويجا بإنجازات قدمناها، بينما لا تزال أخريات يرفعن شعارات المطالبة بحقوقهن وإن تفاوتت درجة وطبيعة تلك المطالب بين بلد وآخر، تبعا للظروف الاجتماعية والاقتصادية. وسواء أكن نساء محتفلات أم مطالبات، فإنهن يملكن من الوعي والحماسة ما يكفي، كي يضعن بصماتهن الخاصة في الحياة، إذا ما توافرت لهن الظروف المناسبة، ونلن الدعم من المجتمع. أما الخبر السعيد فنجده لدى كل امرأة عرفت معنى أن يكون الرجل سندها، ومكملها، فدعم الرجل للمرأة، حقيقة تلمسها نساء كثيرات، بعيدا عن أفكار تشيع أن بينهما حربا من الصعب أن تنتهي، فقد خلق الله الإنسان ذكرا وأنثى ليكون كل منهما معينا للآخر، لذا، لابد للطبيعة من أن تقول كلمتها.أما المرأة الجزائرية، فاحتفلت بهذا التاريخ لأول مرة غداة الحرب العالمية الثانية. بعد الاستقلال، حيث تم الاحتفال بيوم 8 مارس لأول مرة سنة 1963 باستعراض كبير وتجمهر غفير في شوارع الجزائر العاصمة. و مع مضي السنوات، تم تعميم هذا العيد ليتم الاحتفال به في كافة المناطق. هو ما جعل المرأة تفكر في حقوقها و في إدماجها الكلي في المجتمع.ولا يزال طموح المرأة الجزائرية في توسيع مشاركتها في المجتمع يشكل إحدى التحديات التي تعمل على رفعها لاسيما في المجال السياسي الذي يبقى تمثيلها فيه دون طموحها المنشود، حيث تعمل في هذا الصدد على رفع هذا الانشغال إلى أخيها الرجل، في الوقت الذي لام فيه الرئيس بوتفليقة خلال إشرافه العام الماضي على حفل تكريم النساء الجزائريات بمناسبة الثامن مارس تقاعس المرأة في فرض وجودها وكفاءتها في المجال السياسي. نساء صنعن المجد واليوم الدولي للمرأة هو قصة المرأة العادية صانعة التاريخ، ففي الثورة الجزائرية قادت لالا فاطمة نسومر ثورة (1857) ضد الاحتلال الفرنسي، بل لعل من أهم دروس وعبر المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي مشاركة المرأة الجزائرية المسلمة في صنع المقاومة واستمرارها، والمرأة المسلمة كانت دائما في طليعة قوي الجهاد والتحرر، والمشاركة الإيجابية للمرأة الجزائرية أبلغ دليل على هذا والإسلام يحرض المرأة ويسمح لها بالمشاركة في القتال بنفسها، وعلى درب لالا فاطمة – لمعت أسماء أخرى، شاركت بنفسها في القتال أو النضال السياسي في أقوي ثورة في الجزائر الكبرى ( 1954 1962 ) ولم تتورع السلطات الفرنسية عن إعدامهن نظرا لدورهن الخطير على غرار المجاهدة " زاهية " التي سقطت شهيدة وسلاحها في يدها إلى جانب زوجها الشهيد " رامل " عام 1954، والشهيدة عقيلة تقاتل على جانب زوجها سي الأخضر وتستشهد معه، والمجاهدة فضيلة سعدان منذ شبابها الغض في النضال السياسي ضد الإدارة الفرنسية، وتطالب مع زميلاتها الجزائريات في أحدي المدارس أن يكون الطعام المقدم لههن مطابقا للشريعة الإسلامية ولا يحتوي على لحم الخنزير، وتقود زميلاتها إلى الإضراب والعصيان حتى تجاب مطالبهن، ثم تنخرط في تنظيم الثورة، مما أدي إلى اعتقالها وسجنها في سجن الكدية وتموت بالسجن شهيدة تحت وطاه التعذيب، واستشهدت جميلة بو حيرد التي انخرطت في صفوف الثورة وشاركت بنفسها في إلقاء القنابل على الفرنسيين مما أدى إلى اعتقالها وتعذيبها بصورة وحشية، وقد هزت محاكمتها ضمير العالم، و وريدة مداد، جميلة بوعزة مع الشهيدة مليكة قايد، وغيرهن ممن لم يرضعن من أمهاتهن حليبا. .. بل رضعن الوطن مع الدماء. المرأة الجزائرية.. مشارِكة بكل الطرق هكذا كانت كل امرأة في الجزائر تشارك في القتال بنفسها أو تقوم بأعمال الإمداد والتموين ونقل الرسائل أو تشارك في المظاهرات والإضرابات، أو تشارك في رفع الروح المعنوية للشعب المجاهد عن طريق مظاهرات الزغاريد التي اشتهرت بها المرأة الجزائرية والتي كانت تطلقها في كل مناسبة كنوع من الاحتجاج أو الاحتفال أو تحذير المناضلين، وقد دخلت زغاريد الجزائريات التاريخ كأسلوب نضالي وطريقة من طرق المقاومة اشتهرت بها المرأة الجزائرية. المرأة.. الهام وطموحات لا تنتهي ومازالت مسيرة البحث مستمرة عن الحقوق المسلوبة من النساء، تري هل أضافت المرأة إنجازات تذكر هذا العام لتحتفل بها هذا العام، سواء كانت الإجابة بالسلب أو الإيجاب فطموحات النساء لا تنتهي، طالما أن تحقيق الأحلام ممكنا مهما كانت هناك العديد من المعوقات أو الصعوبات. بان كي مون: "بالرغم من تقدمها..الظلم مازال يطارد المرأة" والآن وبعد مرور 200 عام على تظاهرة "الخبز والورود" الذي عبر عنها أمين عام الأممالمتحدة "بان كي مون" قبل يومين بقوله : " برغم التقدم الذي تم إحرازه في مجال حقوق المرأة فإن الظلم والتمييز ضدها مازال مستمرا في كل مكان"، ودعا العالم إلى العمل بتصميم متجدد من أجل مستقبل يضم المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص والتقدم للجميع، وحتى تتحرر المرأة والفتيات من الفقر والظلم فإن جميع أهدافنا في السلم والتنمية المستدامة تظل في خطر". اعترافات رجالية وعن المرأة يقول مراد. ف أستاذ فلسفة "لا أبالغ بأننا قد استلهمنا منها الجمال في نظرتنا للحياة فهي سيدة الوجود وأم الحضارة، بها تحول الإنسان إلى كائن اجتماعي ولولاها لأصبح الإنسان منطويا يعيش حالة العزلة والانكفاء، ولكن هذا الكائن الجميل ما زال يعاني كثيرا في مجتمعاتنا العربية من التمييز بكافة أشكاله والمطعمة بنكهات العنف المتنوعة التي جعلت المرأة تحتل موقعا دونيا لا تحسد عليه في التراتبية الاجتماعية فمكانتها في معظم مجتمعاتنا تأسست على أيديولوجية الفروق الصارخة بين الجنسين، فذنبها الوحيد أنها خلقت أنثى في مجتمعات تسودها ثقافة التباهي بالمولود الذكر، إنها ثقافة أقل ما نسميها بثقافة "التفرعن" التي جعلت من المرأة المطيعة هدفها المأمول، وفي ذات الحال جعلت الذكر هو السيد المطاع الذي له كافة الحقوق والامتيازات فخطاياه يتجاوز عنها، أما أخته الأنثى فالويل كل الويل لها إذا أخطأت لأنها جلبت العار، والأمر الذي يدعو للغرابة أيضا أننا لا نسمع مقولة الشرف إلا مرتبطة بالأنثى!أما ناجي مدير مؤسسة خاصة فقال: "كل إنسان يتحمل شرفه بنفسه "وَلَا تَزِر وَازِرَةٌ وِزْرَ أخْرَى" فالشرف فردي والمسؤولية فردية، وتزداد الغرابة عندما تقوم المرأة بفعل حسن يتم وصفها بأنها "أخت الرجال"، ولا أعرف من أين جاءت هذه المقولة! ولكنها تأتي ضمن سياق المجتمع الذكوري، فقدر المرأة العربية والخاصة الجزائرية أن تتحمل وبجلد هذا العنف الواقع عليها من الأسرة والمجتمع والمتمثل في حرمانها من بعض حقوقها المشروعة. فمن العنف الجسدي واللفظي إلى التحرشات والطلاق، هذا إلى جانب دراسات كثيرة بينت أن النساء في البلاد العربية يتألمنَ ولا يتكلمنَ وحياتهن عبارة عن سلسلة من المآسي المتصلة. الفكر النسائي صنع تاريخا وتقول راضية ب. موظفة في سلك الأمن أنه لا يمكننا أن نحكم على المرأة وما وصلت إليه اليوم دون أن نمر على مرحلة قبل أكثر من (50) عاما، حين كانت الأم والزوجة والأخت فقط، حين كانت في منزلها تسمع ولا تتكلم، وتفهم ولا تشارك، وتحلم ولا تحقق، وتتمنى ولا تنال، كانت ابنة زمانها وواقعها صبورة تترقب، ذكية تنتظر، كانت اجتماعيا ذات حضور بهي، تشارك الرجل في الكفاح في الجبال ثم عبر الصناعات المنزلية البسيطة كالغزل والنسيج، كانت تحتال على ظروف المعيشة الصعبة بكل ما أوتيت من طاقة وعزم، لكنها كانت من خلف إلى خلف، لا رأي لها، ولا خطط من أجلها، أما اليوم وعندما فتح المجال للمرأة حققت عدة نجاحات ملفتة، فتولت مناصب قيادية عليا في وزارات مؤثرة، ومناصب إدارية داخل و خارج الجزائر وسياسية وتعليمية وطبية، وحصدن إعجاب القاصي والداني بفكر لا تقف أمامه حواجز، فكر استطاع أن يصنع تاريخا ويؤكد حضارة ويشارك في نهضة. احتفاء باليوم العالمي للمرأة وبهذه المناسبة قامت العديد من المؤسسات الثقافية الجزائرية بإحياء حفلات موسيقية ومعارض أدبية وفنية، في فضاءات متعددة مخصصة لذلك على غرار قاعة الموقار التي تشرف على إحيائه كل من الفنانة حسيبة عمروش، سليم هليل، نجاة العامرية، أصيلة وسيلينا، وقاعة الأطلس التي خصصت احتفالية ينشطها كل من سمير تومي، ليندة زكي، حليم العاصمي، ظريفة وعبده درياسة، بالإضافة إلى البرنامج الفكري الذي اقترحه الديوان على المرأة، في يومها العالمي، كان قد نظم جزء منه بملحقة الديوان "المركب الثقافي الفنان عبد الوهاب سليم" بشنوة بولاية تيبازة، تمثل في معرض صور للشهيدات والمجاهدات الجزائريات إبان الثورة التحريرية، فيما ضم برنامج الديوان معرضا جماعيا للفنون التشكيلية بذات المركب تبدأ فعالياته غدا وتتواصل إلى غاية 21 مارس الجاري. خطوات غزالات الجزائر كما سيكون ينظم اليوم سباق تحت عنوان "خطوات غزالات الجزائر" في طبعته الثالثة المقررة على مستوى حديقة الحيوانات و التسلية (بن عكنون - الجزائر)، والذي سيكون فرصة سانحة لتحفيز النساء الجزائريات على الإقبال أكثر على الممارسة الرياضية التي تبقى الوسيلة الوحيدة الناجعة للحفاظ على صحة أبدانهن و لياقة أجسامهن, حسب ما أوضح المنظمون بالجزائر. والمنافسة ترفيهية تحرص على مشاركة كل الفئات العمرية حيث ستجري الجدة مع الابنة و الحفيدة .و ستعطى إشارة انطلاق سباق "خطوات غزالات الجزائر" على الساعة العاشرة صباحا على مسافة 3 كلم, يجري كله داخل حديقة الحيوانات و التسلية مع إعطاء الاختيار للمتسابقات سواء بالجري أو بالمشي.