من بين الناس علاقات السامية و الإنسانية التي جعلها الله سبحانه تعالى، علاقة الأخوة حيث جعل لتلك العلاقة وطادة روحين في جسد واحد ، فالأخ يعني السند، و العزوة، والأمان، و القوة، و الصديق الحبيب الصدر الرحب لتلقي المشاكل والهموم وهذه العلاقة نتعايش معها منذ الطفولة إلى الشيخوخة تربطها رابطة الحب والتآزر، فالأخ كلمة تحمل بين طياتها دفئا غريبا وإحساسا تلون وتجمل بأروع ألوان الحب والحياة، ووجود الإخوة في حياة الإنسان نعمة كبيرة قد لا يشعر بها إلا من عاش حياته وحيدا بلا إخوة وعلى الرغم من ذلك، وبكل أسف نجد بعض الإخوة يغتالون أخوتهم بسبب الكثير من الأساليب التربوية الخاطئة التي رمت بتلك العلاقات في مكبات الهجر والقطيعة، خاصة بين الإخوة "غير الأشقاء" التي مع تقدم الوقت تحول بعضها إلى عداوة، وأخرى روتينية جافة، أو علاقات منقطعة لسنوات طويلة.. والسبب يعود في كون ذلك الأخ غير الشقيق..كل فرد منا يحلم بتحقيق أمنيات جميلة مع أخيه، يلعبون معا ويتشاكسون في بضع المرات ويتمازحون ويضعهم، ويحزنون لحزننا و ويشاطروننا أحزاننا،مستشعرين معا أنهم يعودون لأب واحد أو أم واحدة حتى ولو كانوا غير أشقاء، وأنهم مهما اختلفوا وتباعدوا يعودون إخوة ويبقون إخوة، ولكن توغل في قلوب البعض منهم سواد الحقد، وامتلأت بكراهية غذتها الأنانية ، وجعل الجفاء والقطيعة وربما العداوة فيما بينهم فأصبحوا لا يشعرون بعضهم بعضا بتلك الروابط الفريدة والمشاعر الأخوية الصادقة، قد يحدث هذا مع الإخوة الأشقاء ولكنه يصبح أعمق وأكثر تأثيرا وامتدادا في علاقات الإخوة غير الأشقاء، فهناك من يتعاطى مع الإخوة غير الأشقاء بطريقة لا تحمل معاني الأخوة العميقة، بل ربما تعامل البعض مع الغرباء أفضل من تعامله مع أخيه غير الشقيق، وقد يصل هذا الشعور الدفين في أعماقهم إلى التقاتل و التواجه في المحاكم دون التفكير بان تلك العداوة غير المبررة قد تتسبب في قطع صلة أرحامهم وأرحام أبنائهم من بعدهم فعلى من يعود اللوم في خلق الفجوة؟على الأب الذي لا يهمه المحافظة على الود والمحبة بين أبنائه؟ أم على طبيعة العلاقة بين الأمهات "الضرات"؟ بحثت عنهم طويلا وعندما وجدتهم هددوني بالأذية عفاف طالبة ثانوية لم تكن تعرف أشقائها من والدها فبعد أن طلق والدتها منعتها أمها من التواصل معه ولم يهتم هو أيضا لأمر ابنته ولكن وخفية عن أنها حاولت البحث عن والجها والتعرف على أسرته حيث قالت: " ساعدتني عمتي للوصول غلى أبي الذي سر لرؤيتي ولكن أبنائه عاملوني بفتور وجفاء ولم يرحبوا، بل تركوني جالسة في الصالون وذهب كل منهم إلى غرفته، وبعد سنة من التعارف أصبحت ألتقيهم في الطريق فلا يلقون علي التحية ويتصرفون وكأننا لا نعرف بعضنا وعندما واجهتهم بالأمر فوجئت بردة فعلهم حيث قالوا أنني أسعى لإعادة والدي لأمي وأحاول أن أفرقه عن والدتهم، ونصحوني كي أقطع علاقتي بهم لأنهم سيؤذونني؟؟ .. يبقى "ابن البطن" أحن!! أما محمد فهو ابن الزوجة الثانية ولهم خمسة أشقاء من زواج أبيه الأول حيث قال أنه دائم التعرض للضرب والاعتداء في الشارع من قبل إخوته من أبيه لأنهم يحملونه مسؤولية تجاهل والدهم لهم، واليوم أنا أقاضيهم في المحاكم جراء ما ألحقوه بي من أذية وحقيقة الأخ غير الشقيق ليس أخي حاولوا الابتعاد عني ولكنني عالجت الأمر وعن تجربته الشخصية يقول عبد الله : استطيع أن أقول قد نجحت في تغيير نظرة إخوتي من أمي اتجاهي حيث كانوا يتحاشون الجلوس معي والاحتكاك بي ويقولون أنني لست أخوهم ولكن بجلوسي معهم وتغيير هذا المفهوم عاد إخوتي إلي وأنا سعيد بذلك والحمد لله. أختي من أبي" تحشم بيا" تقول نضيرة طالبة: أن تستعر شقيقتي بي هو إحساس قاتل أعيشه كالكابوس، نحن من أمين مختلفتين ولكننا نشأنا معا ووالدنا لم يفرق قط في التعامل معنا، ولكن ما إن تزوجت أختي حتى قطعت علاقتها بي حيث أخفت عن زوجها وعائلته وجودي تماما، وطلبت مني عدم الاتصال بها أو التقرب منها وإن صادف والتقينا في الشارع ألا أحاول أبدا أن أكلمها خاصة إذا كانت رفقة زوجها.. واليوم قطعت علاقتها بي تماما. تفكك أسري وأحقاد في المحاكم يتوارثها الأبناء والأحفاد انتقد إبراهيم قرار محامي ما يحدث بين الإخوة غير الأشقاء من خلافات ومشاجرات التي آلت إلى المحاكم دون التفكير بأن تلك العداوة غير المبررة قد تتسبب في قطع صلة أرحامهم وأرحام أبنائهم من بعدهم ، مضيفا أن من صور هذا الخلاف أن يعمد أحدهم إلى الاعتداء على أخيه من أبيه بالضرب بسبب أو بدون سبب مقنع، قبل أن يصل الخلاف بينهما إلى رفع القضايا في المحاكم والخلاف الذي لا يرقى إلى مستوى العلاقات الأسرية وروابط الأخوة الصادقة، في ظل إصرار كل طرف على موقفه دون أن يستشعر كل طرف أن من يقاضيه هو أخيه حتى إن كان من أبيه، مشددا على ضرورة أن يكون للمنزل والمدرسة دور فاعل في تربية الأبناء منذ الطفولة على المحبة والتسامح وقبول الآخر. أمهات يشحذن قلوب أبنائهم بالأحقاد اتجاه إخوتهم غير الشقاء أما ياسمين عباسي مرشدة وأخصائية اجتماعية فأرجعت سبب اتساع الفجوة بين الإخوة غير الأشقاء لصراع الأمهات الدائم والعديد من المشاكل يعود السبب فيها إليهن فالأم مدرسة وعليها يقع الجزء الأكبر من التربية وغرس المفاهيم وتعليم المعاملة الحسنة من خلال تصرفاتهم مع الآخرين، وتضيف قائلة: للأسف نجد أن الكثير من الزوجات يعملن على برمجة عقول أبنائهن على الكراهية لإخوتهم من أبيهم فتنقل بذلك صراعات نفسية من داخلها إلى نفوس أبنائها بصورة سلبية، وهي بذلك نسيت أن تلك القلوب الطاهرة والبريئة أمانة بيدها ولا ينبغي عليها أن تشحذها بالأحقاد ضد الإخوة، لاسيما وانه لا ذنب لهم في ما حدث..وتقول منى عبد الكريم أخصائية نفسانية أنه يتوجب على الأب والأم العدل بين أبنائهم وعدم تحسيسهم بأنهم غير أشقاء بل يتوجب زرع في قلوبهم محبة إخوتهم، وذلك من خلال عدم التحدث أمامهم عن معاداة الأم لزوجة أبيهم، و عدم تجاهل الب لأولاده بمجرد تطليق أمهم وان يغرسوا في الوقت ذاته معنى حب الأسرة وصلة الرحم والتماسك فالطفل حين يتربى على الحنان والعطف سينعكس ذلك الحنان والعطف على كل من حوله. التدابر والهجران بين الإخوة من النسب ذنب عظيم تظهر أهمية علاقة الأخوة في النسب من خلال التعرف على مكانتها في القرآن الكريم؛ حيث إنها تدخل ضمن الأرْحام في قوله تعالى: {يَا أَيهَا الناسُ اتقُوا رَبكُمُ الذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَث مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساءوقد ثبت عن نبينا محمد - صلى الله عليْه وسلم - إكرامُه لأخته من الرضاع: الشيماء، فذُكِر أنها لما انتهت إلى رسول الله - صلى الله عليْه وسلم - قالت: يا رسول الله، إني لأختُك من الرضاعة، قال: ((وما علامة ذلك؟)) قالت: عضة عضضتَها في ظهري وأنا متوركتُك، فعرَف رسولُ الله - صلى الله عليْه وسلم - العلامة، فبسط لها رداءَه، ثم قال لها: ((ههُنا))، فأجلسها عليْه، ودمعت عيناه، وخيرها فقال: ((إن أحببتِ فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن ترْجعي إلى قومك أوْصلتك))، فقالت: بل أرجِع، فأسلمتْ وأعْطاها رسولُ الله - صلى الله عليْه وسلم - نعمًا وشاءً وثلاثةَ أعبُد وجارية[5].