بمناسبة الفيلم التافه السخيف عن رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام، وما أحدثه من ردود فعل بعضها سلبي وبعضها غير محسوب، أذكر القراء بأنه سبق في الأربعينات الميلادية أن نشرت مجلة (تايم) الأميركية صورة خيالية للنبي الكريم في هيئة زنجي يمتطي جوادا وبيده سيف، وكتبت تحته: «الإسلام لا يعرف السلام». وقد اكتفت الحكومة المصرية في حينها بأن تصادر العدد، وكان سفير باكستان في لندن هو الدبلوماسي الوحيد الذي احتج على ذلك لدى السفير الأميركي الذي نقل الاحتجاج بدوره إلى المجلة المذكورة، التي اعتذرت عن ذلك في العدد اللاحق، وانتهى الموضوع. يا ليتنا تعلمنا من المثل العربي القائل: الكلاب تنبح والقافلة تسير، بدلا من العكس. * * * جاء في آخر الأخبار أنه انضم 11 مليارديرا جديدا إلى قائمة أصحاب المليارات الذين سيتبرعون بنصف ثرواتهم لأعمال خيرية، بناء على حملة وطلب كل من مؤسس شركة (مايكروسوفت) بيل غيتس، ورجل الأعمال وارن بافيت، وبات عدد المنتسبين إلى هذه القائمة الذين قرروا أن يحذوا حذوهما 92 مليارديرا، وفي نفس الوقت نشرت شركة (WEALTH - X) تقريرا يقول إن هناك 4595 مليونيرا في الشرق الأوسط يملكون 710 مليارات دولار فقط لا غير. ولم ينضم ولا واحد منهم إلى تلك الحملة، لأنه في ظني (السيئ) أن هناك ما يشغلهم عن تلك (التوافه والخزعبلات). على أية حال فمن المؤكد أن أكثر من 90% من رؤوس الأموال هذه يملكها عرب مسلمون، ونحن بدورنا نعفيهم من مقولة (بافيت) التي يرى أن للمجتمع حقا بذلك لأنهم من خلاله حققوا ثرواتهم. الذي يقرأ كلامي هذا يعتقد أنني أحمل المنجل في يميني والمطرقة في يدي اليسرى، وهما شعار ورمز (الماركسية) المنقرضة، وما علم أنني لا أحمل في يدي اليمنى غير ريشة عصفور وفي يدي اليسرى زهرة بنفسج. أعود لعالم (المليارات) الثقيل الهواء والوزن، وأقول: إنني لا أدعو ولا أطمع ولا حتى أتخيل أو أحلم أن ينضم ولا (نصف) واحد من مليارديرينا إلى (جوقة) غيتس وبافيت، ليصاب بالجنون ويفعل مثلما فعلوا.. لا أبدا، لا أدعو والعياذ بالله إلى ذلك. ولكنني أتمنى على الأقل أن يلتزموا بفريضة الزكاة التي تقتطع 2.5 % من رؤوس أموالهم لكي تطهرها، ولا بأس من أن يودعوا تلك النسبة في حسابي الخاص، مع الشكر. وساعتها أعدكم أنكم لن تشاهدوا وجهي مرة ثانية، لأنني بعدها سوف أهاجر من الكرة الأرضية نهائيا. كان لرجل أعرفه ابن شرس وقليل الأدب أيضا، وأخذ الأب يشكو لي من سوء طباع ابنه قائلا بكل حسن نية: يا أخي، ابني هذا ماني أعرف أعمل فيه إيه! إنه (ضاربها جزمة)، ولا يسمع للأسف غير كلام المغفلين الذين لا يفهمون. الله يرضى عليك، يا ليتك يا أخي تكلمه. فقلت له: كثر خيرك، إنك ذكرتني بحكاية القروي الذي كان يحاول أن يصعد التل المرتفع بعربته التي يجرها حمار هزيل، لكن محاولاته المتكررة أخفقت، وشاهده أحد المارة فاقترب من العربة وأخذ يدفعها من الخلف بكلتا يديه حتى وصلت إلى قمة التل، وهنا التفت القروي إلى الرجل المتصبب عرقا وقال له: شكرا جزيلا يا سيدي، كان صعود العربة إلى قمة التل متعذرا بحمار واحد.