زادت قوات التحالف من ضرباتها الجوية على مدينة الموصل رغم اعترافها بالمسؤولية عن الغارات الجوية في 17 آذار/مارس من الشهر الحالي والتي قتلت العشرات في حي الجديد. وارتفع عدد الطلعات الجوية بنسبة 14% بنسبة 500 قنبلة سقطت على غرب الموصل اسبوعياً. ومع ذلك لا تزال القوات العراقية تواجه مقاومة شديدة من المقاتلين على الأرض. وكشف مسؤول عسكري أمريكي عن مقتل 774 جندياً عراقياً في المعركة على الموصل منهم 490 جندياً في شرقي الموصل و284 جنديًا في المعركة الدائرة على الجزء الغربي منها. فيما جرح على الأقل 4.700 جندي. وكتبت صحيفة «التايمز» البريطانية عن التفاصيل التي كشف عنها الجيش العراقي وغير المعروفة سابقاً وتظهر صورة قاتمة عن الهجوم الذي «غاص» فيه الجنود ويواجهون قتالاً من شارع إلى شارع في المدينة القديمة. واعترف القائد العام لقوات التحالف ضد الدولي الجنرال ستيفن تاونسند «إنه من أشد وأكثر المواجهات وحشية والتي مرت عليّ خلال 34 عاماً من خدمتي في الجيش». وأكدت البنتاغون أن سلطة اتخاذ قرارات شن غارات فوضت للقيادة الميدانيين. والنتيجة واضحة من الأرقام المتوفرة عن العمليات في أسبوع واحد حيث تم إسقاط 600 قنبلة على غربي الموصل حسب الجنرال ماثيو إسلر، القائد في سلاح الجو. وتشارك في الغارات المقاتلات بي-52 وإي -10 وورث دوغز وطيران البحرية الأمريكية أف إي-18 وهارييرز وطائرات بدون طيار «برديتيور» وسلاح الجو البريطاني، تايفون والطيران الفرنسي، رفائيل والبلجيكي أف-16. ومن أجل تحديد الأهداف للمقاتلات فقد قامت بوضع مراقب طيران مع الفرقة العراقية التاسعة في الموصل والذي يقوم بتوجيه طياري دول التحالف من خلال علامات ليزر حتى يقوموا بإطلاق القنابل الموجهة بدقة لأهدافها. الأشد ضراوة وفي تحليل في الصحيفة نفسها كتبه مايكل إيفانز جاء فيه أن القصف الجوي على غربي الموصل يعتبر الأكثر شدة منذ بداية الغارات على تنظيم «الدولة» في 8 آب/اغسطس 2014. ويقول إيفانز إن الكثافة في العمليات الجوية تعكس هدفين طلب ترامب تحقيقهما: تصعيد الهجمات على الموصل لطرد الجهاديين من معقلهم الأخير في العراق وبدء عملية الرقة لطردهم من معقلهم السوري. ومنذ البداية كانت عملية الموصل طويلة ولم تكن قوات سوريا الديمقراطية الموكلة جاهزة للعملية في الرقة. وتخطط القيادة العسكرية الأمريكية إرسال قوات مارينز إضافية إلى سوريا مع تعزيزات مدفعية جديدة وذلك لتسريع عمليات التحضير. وفي الوقت نفسه تبنت القيادة العسكرية اسلوب «الصدمة والترويع» في الموصل كما واجه صدام حسين الأسلوب نفسه عام 2003. ومع التصعيد زاد حجم الوقود الذي تستخدمه الطائرات الأمريكية، وتحتاج المقاتلات العسكرية يوميًا 430.000 غالون من الوقود للبقاء في الجو. ولا تضم القنابل التي يتم إسقاطها يومياً (500 قنبلة) القنابل التي ترسلها مروحيات الأباتشي أو التي تطلقها المدفعية والقنابل الصاروخية والصواريخ. استراتيجية جديدة وتؤشر كثافة الغارات الجوية على الرقة والموصل وتلك التي شنها الطيران الأمريكي في اليمن ضد أهداف «القاعدة» عن استراتيجية جديدة. فقد قالت «نيويورك تايمز» إن إدارة ترامب التي لم يمض على تسلمها السلطة شهرين تقريباً تعمق تورطها في نزاعات الشرق الأوسط التي لا نهاية لها. وتعلق الصحيفة إن ما يجري لا يعبر عن عقيدة ترامب الجديدة في السياسة الخارجية بقدر ما تؤشر لتحولات في القرار العسكري الذي بدأ في عهد الرئيس باراك أوباما. وما نراه هو أول إشارات عن عمليات عسكرية مستمرة في ظل رئيس تعهد بتحقيق النصر. وتحدثت الصحيفة عن التحول في القرار العسكري للعمليات حيث لم يعد بيد البيت الأبيض ولا الرئيس كما كان في عهد أوباما. وفي مقابلة مع فوتيل قال فيها إن الإجراءات الجديدة سهلت من عمل القادة الميدانيين وطلب غارات جوية بدون انتظار موافقة ضباط أكبر رتبة منهم. وقال الجنرال فوتيل «نعترف بأن طبيعة القتال ستتغير ويجب علينا التأكد من وجود السلطات في المستوى المناسب.وأعطينا القيادة الميدانية قوة». وكان يشير لنقاش بدأ في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 حول كيفية مواجهة تنظيم «الدولة» والتي وصلت مرحلة حرجة في كل من الموصل والرقة. ورغم التفاصيل التي ظهرت عن الضحايا المدنيين والمثيرة للقلق إلا أن التحول في الاستراتيجية تشمل على زيادة صغيرة في عدد القوات الأمريكية واستخدام القوة العسكرية وفي حالة اليمن، مثلاً استئناف دعم حلفاء الولاياتالمتحدة بعد توقفه بسبب الحرب الأهلية. وتتزامن التغيرات مع دخول الرئيس البيت الأبيض وكلامه الخطابي الذي وعد بجعل هزيمة تنظيم «الدولة» أولوية من أولوياته وزيادة النفقات العسكرية في الوقت الذي تحدث فيه عن قطع الميزانيات على الدعم الخارجي الذي تشرف عليه وزارة الخارجية ووكالة التنمية والتطوير الدولي. بدون خطط ويرى نقاد الإدارة أن التحركات الجديدة لا تحمل حلولاً واضحة في منطقة تكدرها الحروب. وبحسب روبرت مالي، المسؤول البارز السابق في إدارة الرئيس أوباما ونائب رئيس السياسات بمجموعة الأزمات الدولية فالتصعيد العسكري منذ وصول ترامب لم يرفق بخطط لما بعد الانتصارات العسكرية المحتملة. وقال «سيكون الجيش هو أول من يقول لك إن العملية العسكرية هي جيدة مثل الخطة الدبلوماسية والسياسية التي تقرن معها». ويرى أن غياب التخطيط الدبلوماسي للمستقبل في مناطق مثل اليمن وسوريا يعني خسارة الانتصارات العسكرية فيهما. وقال مالي «من التجربة المرة نعرف أن القوات الأمريكية يجب أن تظل متورطة لمدة طويلة أو أن يتبخر النصر بعد خروجها بوقت قصير». ويخشى آخرون من انجرار الولاياتالمتحدة إلى حروب قذرة ويتحول فيها الضحايا المدنيون إلى أداة دعاية للجهاديين ومصدر لكراهية الأمريكيين. ويرى البعض أن هذا يحدث الآن. ونقلت عن مواطن في الرقة قوله «داعش سعيد للغارات الأمريكية على المدنيين بشكل يثبت شعاراته أن الأمريكيين يريدون قتل المسلمين في كل مكان وليس مسلحي تنظيم الدولة». وتشير الصحيفة إلى ان التحول تجاه مشاركة أعمق في الحروب طال ميداناً من الميادين التي تعتبر من إرث أوباما وهو أفغانستان حيث يرابط 8.400 جندي أمريكي هناك بالإضافة إلى5.924 جندي من دول حلف الناتو. وهناك خطط لإرسال 300 من قوات المارينز إلى إقليم هلمند. وهذه أول مرة يتم فيها نشر قوات أمريكية منذ عام 2014. ودعا قائد القوات الأمريكية هناك لإرسال «بضعة آلاف» من القوات الأمريكية وقوات التحالف إلى أفغانستان.