أضاء أعضاء الجوق الموسيقي المشترك الجزائري-التونسي و جمعية "نجم قرطبة" أول أمس، تزامنا مع ثالث سهرات المهرجان الثقافي الدولي للمالوف سماء المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني بقسنطينة مدوا من خلالها جسرا من التألق والإبداع الأندلسي الراقي بين تونس الخضراء ومدينة الصخر العتيق. وغاص الجوق المشترك الذي ضم 23 عضوا بين مغن وعازف من البلدين بالجمهور المتعطش للهدوء في جماليات الموسيقى الأصيلة و حلق به في أجواء معبأة بفائض العطاء الفني، حيث امتزجت الألحان و تعانقت النوتات و توحدت القلوب على حب واحد اسمه "المالوف"، و ازدانت تلك الليلة التي جاءت تحت عنوان "جسور المالوف" بأداء محترف للجوق أطلق خلاله المطربون العنان لأصواتهم فغنوا تارة جماعة و تارة أخرى فرادى صانعين التميز والتألق في آن واحد مهدوا له بمقتطفات من "توشية" في طبع الزيدان، و كانت البداية مع المطرب التونسي الشاب حمدي شلغمي صاحب الصوت الرخيم و الذي أجاد في تقديم "مصدر" بعنوان "سلم عليا" ليعقبه ابن مدينة سيرتا الشاب عباس ريغي الذي أدى باقتدار مقطوعة من سلسلة نوبة "الحسين" الخاصة بمدينة قسنطينة حملت عنوان "أيها الساقي إليك المشتكى" ثم "مشغل" قسنطيني من الزجل "أول ما نبدأ القصة". و ازدادت الأجواء حماسا وسط الجمهور الذي قدم خصيصا لمتابعة سهرة فنية في أجواء من الراحة و الطرب لما عطر الفنان التونسي شلغمي الليلة بمقطوعة من نوبة الزيدان التونسية بعنوان "يوم النفر منيتي علي" ليتلوها بمقطع "يا حبيبي فرجني" الذي دغدغ مشاعر الحضور فتجاوبوا معه و صفقوا، و كان الخلاص القسنطيني الموسوم "بالهوى قلبي تعلق" نهاية الوصلة الغنائية لأعضاء الجوق الجزائري-التونسي المشترك ليفسح المجال لجمعية "نجم قرطبة" التي أبدعت و أمتعت، و قد أطرب أعضاء هذه الجمعية التي تأسست في 2001 و الذين كان أغلبهم من فئة "الإناث" الجمهور بنوبة شملت جميع المقامات زينتها الاستخبارات التي أدتها بصوتها الدافئ الشابة ليليا حليمي. و نوعت هذه الجمعية الحائزة على الجائزة الأولى سنة 2014 في كل من المهرجان الوطني للمالوف بقسنطينة و المهرجان الوطني للحوزي بتلمسان في المقطوعات فقدمت بصوت جماعي مصدر ذيل أول بعنوان "الصباح نشر علمه" و "مصدر" ثاني "من يعطي قلبه للملاح" و بطايحي "أما ترى دمعي سكيب"، و بإحترافية كبيرة قدم أيضا الأعضاء ال17 للجمعية عزفا و أداء مقطوعات "يا من ملك فؤادي" و "يا غصن النقاء" و "اتق الله يا معذب قلبي" صانعين بذلك أجواء من المتعة ليختموا وصلتهم ب4 خلاصات هي "يا مقابل" و "يا روحي و يا ريحاني" و "الورد فاتح على الحدود" و "يا نسيم الورد" التي زادت من حماس الحضور. و في تصريح له نوه الفنان عباس ريغي بفكرة "الغناء ضمن جوق مشترك بين تونس و الجزائر" و التي ستمكن -حسبه- من تحقيق "تقارب فني أكبر و تبادل الخبرات"، معربا عن أمله في "توسيع هذه الثنائيات لتصبح ذات طابع مغاربي وحتى عربي"، كما تخلل السهرة الثالثة من المهرجان الدولي للمالوف مراسم تكريم "بيت المالوف" الذي جاءت فكرة تأسيسه من طرف مجموعة من الأصدقاء المحبين للتراث القسنطيني الأصيل من أجل المحافظة على الموروث الثقافي المحلي بكل طبوعه و أنواعه لاسيما المالوف و تبني أي مشروع فني في هذا المجال قابل للتجسيد و التفعيل. تجدر الإشارة إلى أن مسك ختام هذه التظاهرة التي جاءت في طبعتها العاشرة تحت شعار "المالوف يغني التراث" سيكون بعنوان "صوت المنيار" دلالة على دار التسجيلات التي سجل فيها الحاج محمد الطاهر فرقاني أهم أعماله الفنية و التي ستحمل توقيع الجوق القسنطيني للمالوف بقيادة المايسترو سمير بوكريديرة علاوة على تكريم عميد المالوف الراحل بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيله.