جاء الوالي رحل الوالي ولا شيء تغيّر في الولاية.. بهذه العبارة يستقبل الجزائريون خبر الحركة الواسعة في سلك الولاة التي يحدثها رئيس الجمهورية دوريا، وتتحدث عنها الصحافة بإسهاب قبل إعلانها الرسمي. الحقيقة أن الوالي الذي يعد بمثابة رئيس الجمهورية في ولايته يملك كل الصلاحيات ويقرر في جميع القطاعات، لكنه لا يخضع لسلطة الشعب، فلا هو منتخب ولا هو يحاسب من قبل المنتخبين في المجالس الشعبية الولائية، بل إن أغلبهم يتوسلون له ويبذلون له العطايا من أجل قضاء مصالحهم وتوظيف أقاربهم. لا يشعر بقوة الوالي إلا المسؤولون الكبار ومنهم وزراء سبق لهم محاولة تجاوزهم خلال الزيارات التفقدية، إذ يشاهد الصحفيون كيف أن الوزير يتحوّل إلى ''غفير'' في حضرة الوالي، خاصة إذا كان هذا الأخير من القدماء في المنصب وكان الوزير من المعيّنين حديثا، كما سبق أن شاهد الصحفيون وزيرة منتدبة تبالغ في التشكر لوال لأنه استقبلها في ولايته وسمح لها باستخدام وسائل الدولة في تنقلاتها، وكأنها تعتبر ذلك مزية خصها بها وليس واجبا يفرضه منصبه. بل إنه حدث أن رفض وال استقبال وزير ورفض ولاة التنقل مع وزراء في الزيارات الرسمية. صحيح أن الوزراء ليسوا سواسية في هذه القضية، لأن وزير الداخلية عندما ينتقل لأي ولاية يخصص له استقبال رئاسي وتزين الشوارع لأجل فخامته، وكذلك الأمر بالنسبة للوزراء الذين عملوا في الإدارة المحلية ويعرفون خباياها، هؤلاء يحظون باستقبال حار. وكذلك الأمر بالنسبة للوزراء الذين يملكون اعتمادات مالية ضخمة يتهافت عليها المقاولون لافتكاك الصفقات. أما المغلوبون على أمرهم فهم الوزراء ''الصغار'' وبعض الوزراء المنتدبين الذين لا يملكون من هذا المنصب إلا الاسم. قوة الولاة من قوة الإدارة أو ما يسمى بالجهاز البيروقراطي، وهو عصب الدولة المتكون من مئات آلاف الموظفين يأتمرون بأمر الوالي وينتهون بنهيه، وهذا الجيش مع قائده بإمكانه أن يقف في وجه أي وزير ويتصدى لأي إصلاح ''يشوّش'' على خطط الإدارة. وفوق كل ذلك تظهر قوة الولاة في المواعيد الانتخابية عندما يصبحون أصحاب السلطة المطلقة في وجه مترشحين بلا خبرة ولا تعليم ولا حتى وعي سياسي.. فيحيا الوالي.ئ؟ [email protected]