تشهد السينما الجزائرية، خلال السنوات القليلة الماضية، بروز عدد مهم من الأسماء الجديدة التي تحاول تأسيس نظرة مغايرة تختلف عما تمّ التعارف عليه خلال العقود الماضية.. جيل جديد من السينمائيين الجزائريين يؤمن بحقه في نقل صورة مخالفة عن السينما الجزائرية ومنحها قيمة ومهام حديثة. ''الخبر'' ارتأت تنظيم ندوة حضرتها بعض الوجوه، أين جال الحديث حول كثير من المواضيع الراهنة. يتعذر علينا جمع كل الأسماء الشابة التي تصنع، اليوم، واجهة الفن السابع في الجزائر، وارتأينا استضافة ثلاثة من الأسماء التي تحمل مشروعا فنيا وترسم طريقها بهدوء هي فاطمة الزهراء زعموم ومؤنس خمار وياسمين شويخ. سينمائيون يتفقون حول مسعى تأسيس الانطلاقة الجديدة حيث يقول مؤنس خمار ''الحركية الجديدة التي تشهدها السينما الجزائرية، مع تواصل بروز أسماء جديدة، تعبر عن انطلاقة جديدة، بنفس جديد ومختلف أيضا''. وترى فاطمة الزهراء زعموم أن ''الحديث عن جيل جديد ينقسم إلى مستويات مختلفة: هل هو تجديد على مستوى الشكل؟ أم على مستوى الجمالية؟ أم على مستوى الموضوعة؟ أو ربما جيل جديد بالنظر إلى العمر؟ بالنظر إلى مختلف الانتاجات الجديدة أرى أن هناك محاولة إثبات الذات من طرف أسماء شابة تحمل همّا مختلفا عما عرفناه في السنوات السابقة''. وتؤيد ياسمين شويخ الطرح نفسه لما تصرح ''نلاحظ بروز ديناميكية مهمة، لكن لا يجب أن نغفل عن حقيقة مهمة تفيد بأن غالبية الأسماء الشابة المتواجدة اليوم على واجهة الفن السابع في بلادنا، عاشت سنوات طويلة في الظلّ، تشتغل في هدوء، وبعيدة عن الأضواء، قبل أن تنال فرصة تكريس حضورها. يعني أنه ليس جيلا وُلد وخرج من العدم، بل نال وحظي بنصيب مهم من التكوين الذاتي خصوصا''. جيل يضم سالم إلياس، عبد النور زحزاح، خالد بن عيسى، صبرنية دراوي، يانيس كوسيم، محمد يرغي وغيرهم كثير. يحاول جميعهم الغوص في التجريب والسفر بعيدا في مسيرة الإبداع، مع وضع خطوط قطيعة مع الأجيال السابقة، يتحدث عن أسبابها مؤنس صاحب ''المسافر الأخير'' قائلا ''لا يجب أن تناسي حقيقة الفراغ السينمائي الذي عرفته الجزائر، خلال عشرية التسعينيات. عشرية كاملة شهدت تراجع الإنتاج والتعتيم على كثير من الممثلين والمخرجين. بالتالي لمّا حلّ جيل الألفية الجديدة صار من الطبيعي أن يجد نفسه في حالة قطيعة وعدم تواصل مع الأجيال السابقة''. بينما تشير زعموم، التي كرّست اسمها في فرنسا، من خلال كتاباتها الروائية واشتغالها الفني السينمائي، إلى أن ''القطيعة تتجسد خصوصا في قطيعة مع الذاكرة''، مضيفة ''لا ننسى أن الجيل الجديد من السينمائيين الجزائريين عاش صغره وكبر وتربى وسط الأزمة التي مسّت البلد خلال التسعينيات''. من هنا بات من الضروري أن يجد نفسه غير معني بقضايا تختلف عن القضايا التي دافع عنها سينمائيو جيل ما بعد الاستقلال، وتحدد شويخ، صاحبة ''الجنّ''، أشكال القطيعة لما تقول ''صحيح أن الموضوعات المطروحة في الجزائر خلال السنوات الأخيرة تختلف عما سبق التعرض إليه في سنوات السبعينيات التي تميّزت بسطوة أفلام الدعاية. والاختلاف في الطرح شيء طبيعي. كما أننا نلاحظ أيضا قطيعة على مستوى التقنيات. التقنيات المستعملة اليوم تختلف عما اُستعمل قبل عشرين أو ثلاثين سنة مضت. الاختلاف في التقنيات يمنحنا نتائج مختلفة''. في وقت تعتقد فيه زعموم أن الأهم في عملها السينمائي هي ''الفكرة'' وأساليب التّعاطي وطرح أفكار جديدة ثم التفكير، في مرحلة لاحقة، في طرق تصويرها ونقلها على الشاشة يرى خمار أن الأهم في عمله السينمائي هو التعبير عن الحاضر وترسيخ سينما تعبّر عن حالنا في الوقت الراهن، ويضيف ''ليس يعني أنني غير مستعد للخوض في قضايا الماضي. أفكر جيدا في إمكانية العودة إلى مرحلة الثورة التحريرية مثلا وما تبعها، ولكن وفق رؤية ذاتية''.