جلست الفنانة القديرة شافية بوذراع، وهي تعانق التمثال الذهبي لمهرجان دمشق الدولي، حيث تحصل فيلم ''الخارجون عن القانون''، على الجائزة الذهبية وجائزة أحسن فيلم عربي، وقالت بمطار هواري بومدين، إثر عودتها من دمشق يوم الاثنين الماضي، إن السينما الجزائرية ما زال أمامها سنوات من التألق، داعية إلى كتابة التاريخ سينمائيا، دون الاهتمام بما تقوله فرنسا أو تفعله. هنيئا لك بالتتويج ؟ بل هنيئا للجزائر كلها التي عاد اسمها ليعلو في سماء المهرجانات السينمائية. إن فوز الفيلم بجائزتين يجب أن يقرأ من وجهة نظر فنية، أقصد أن العمل لم يأت ليثير العقد وإحداث الأزمات، بل ليثبت الوقائع التاريخية التي لا يجب أن ينساها الجيل الصاعد. أرى أنه من واجب المبدعين بما فيهم السينمائيين أن يكتبوا تاريخ الثورة، فنحن صحيح طوينا الصفحة ولكن لا نريد أن ننسى. كنت الأم التي اجتمع حولها شخوص الفيلم، مشوار ازداد ثراء اليوم مع رشيد بوشارب؟ الثراء تحقق بفضل المخرج فعلا مسنودا بجنود الخفاء الذين اشتغلوا على الفيلم وهم مؤمنون بقيمته، لهذا أحب أن يتحدث الناس عن كل الفريق وليس فقط عن شافية بوذراع، على أساس أن الظل أهم من النور في بعض الأحيان. فيما يخصني، أتذكر أن أول دور لي كان سني 15 عاما، يوم أوكل لي دور الجدة، حينها اتبعت حمية شديدة جدا لأبدو في ملامح امرأة متعبة أرهقتها الأيام، ولا تنسي أنني من مواليد .1930 مع بوشارب كنت أيضا أما، لبست الشخصية بصدق كبير، ربما هذا ما لفت انتباه المشاهدين. لكن الفيلم حظي باهتمام كبير، وهو يحكي الثورة مثل بقية الأعمال الأخرى؟ لا أستطيع أن أقول أن فيلم ''الخارجون عن القانون'' هو أهم من الأفلام الثورية التي أنتجتها الجزائر بعد 1962، فلكل عمل نكهته ورسالته، لكن ما قمنا به مع بوشارب له طعم خاص ومميزات منفردة جاءت في الجزائر المعاصرة، في وقت بدأت الأجيال الصاعدة تنسى ماضيها، لهذا نشعر جميعا بحاجتنا إلى أفلام وكتب وشهادات تدوّن تلك المرحلة. مشيت على السجاد الأحمر في ''كان'' ثم على بساط مهرجان دمشق الدولي ما الفرق بين التظاهرتين؟ أولا مهرجان ''كان'' عبارة عن تظاهرة دولية لها قيمتها، تلزم أي مشارك في مهرجانها أن يكون على قدر أهمية الموعد، وهذا ما حاولت القيام به أثناء تواجدي هناك، تعمدت اللباس التقليدي لأظهر الهوية الجزائرية بكل أبعادها. أعتقد أنني شرفت الجزائريين والجزائريات هناك. وما وقع من ضجيج حول تواجد فريق ''الخارجون عن القانون''، بصراحة لم أغضب من كوننا خرجنا بدون أي تتويج أو تنويه، لأننا نعلم أن العدو لا ينسى بسهولة، وهو يبحث فينا عن العيوب ليشهّر فينا في أي مناسبة. ما حزّ في نفسي فقط في فرنسا، هو أنهم أحدثوا الضجة قبل مشاهدة الفيلم، لكن كثرة الذين صفقوا للفيلم طويلا بعد متابعتهم للأحداث المصورة بعدسة بوشارب يعد دليلا كافيا على نجاحه بفرنسا. كيف كانت نفسيتك هناك في ''كان''؟ كنت كمن يتوجه إلى جبهة القتال. لم يساورني أدنى شك بأننا سنخسر شيئا، خاصة الجمهور. من المجحف القول أن منظيمي المهرجان لم يحسنوا استقبالنا. أما في دمشق فكنت في بلد أعرفه جيدا. دخلته بصدق وإيمان.. عموما أنا لا أعير فرنسا أي اعتبار ولا أطيل في التفكير فيما تفعله، لأنها بلد لا يريد أن ينسى أحقاده. حماسك مثير للإعجاب رغم ثقل المشوار؟ أنا في الثمانين من عمري، وأشعر أنني كالمسافر أو المريض أو المرأة الحامل أو الشيخ الطاعن في السن، الموت يتربص بي وأنا مؤمنة بالقضاء والقدر، يمكن القول أني الآن عند بداية نهاية مشواري الفني. هذا لا يعني أنني سأتوقف، فغالبا عندما يعتليني المرض، أكافحه بالنشاط والعودة إلى العمل، فأنا امرأة تحب الحياة، وما زلت مستعدة للعطاء إلى آخر رمق. أقول هذا لأخبرك أن في جعبتي مشاريع عدة منها مسلسل هزلي وآخر سينمائي، ليس بوسعي الكشف عنهما طالما لم تتضح لي الرؤية. ن. س