أحالت المحكمة العليا على محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة قضية تبديد 131 مليار سنتيم تعرضت لها شركة ''سوناطراك'' ووكالة القرض الشعبي الجزائري بحيدرة بالعاصمة، بعد دراسة وقبول الطعن بالنقض الذي تقدم به المتهم الرئيسي، ميشال هوارد، مسير شركة ''أي تي جي'' ومسؤولان تابعان لشركة سوناطراك نظرا لتواطئهما في إبرام صفقات مشبوهة تخص بناء قاعدة حياة لإطارات الشركة بالجنوب الجزائري. كشفت أطوار القضية إثر رسالة مجهولة وجهت لوكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس، بتاريخ 18 أفريل ,2004 التي أوضحت التحقيقات الجارية في القضية أنها تعود لنائب مدير الشركة محل شكوى، وتناولت الرسالة جملة من التجاوزات الحاصلة على مستوى الشركة الوطنية لنقل وتجارة النفط سوناطراك، بسبب صفقة الشراكة بين سوناطراك وشركة ''أي تي جي'' المسيرة من طرف الفرنسي ميشال هوارد والمختصة في الدراسات، وتتعلق الصفقة محل الشبهة بإنجاز قاعدة حياة ومنشآت اجتماعية وإدارية لإيواء 407 شخص تتكون من 8 عمارات وثلاث فيلات تؤوي الإطارات السامين التابعين لسوناطراك بإن أمناس، في أجل أقصاه 18 شهرا، غير أنه لم يتم تحرير وثيقة تبين تاريخ العقد ومدة صلاحيته، مع أن شهادة الشركة وملفها التقني مزور بالنسبة لتخصصها في البناء والتشييد والأشغال العمومية، فهي شركة غير مؤهلة قانونا لأنها مجرد مكتب للدراسات. ومن جملة التجاوزات المسجلة من طرف مصالح الضبطية القضائية، أنه تم إرساء الصفقة لصالح شركة ''أي. تي. جي'' على حساب باقي الشركات المشاركة فيها، وهي شركة ''إينارقا'' الإيطالية وجيبكو وكوسيدار، بعد اطلاع هذه الأخيرة على العروض المقدمة والمعطيات التقنية والتجارية المتعلقة بالصفقة، ويتعلق الأمر بإطارين تابعين لمصلحة الهندسة والبناء بشركة سوناطراك، واللذين كانا عضوين بلجنة فتح الأظرفة، مقابل استفادتهما من رحلة إلى فرنسا رفقة نائب مدير الشركة المعنية. كما رخص هذان الأخيران لتسديد مستحقات المشروع رغم عدم أهليتهما لفعل ذلك، مع أن وتيرة المشروع متباطئة جدا، لأن الشركة المعنية لم تسخر وسائلها المادية لإنجازه، بل سلمته لبعض المقاولين المحليين. ومن جهة أخرى، لجأ مسير الشركة الفرنسية للنصب على القرض الشعبي من أجل الحصول على تمويل الصفقة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث زور، حسب محاضر مصالح الضبطية والتحقيق، مدة صلاحية القرض من 8 أشهر إلى 18 شهرا، وعلى هذا الأساس سلمه القرض الشعبي الجزائري مبلغا قدره 131 مليار سنتيم. ووقفت الخبرة القضائية على أنه لا وجود لعلاقة بين شركتي ''إتقيا'' التابعة للمتهم و''أي تي جي'' التابعة للحكومة الفرنسية، كما أن مبلغ الصفقة تسلمته الشركة بحكم التوقيع على سندات مزورة تفيد بتقدم المشروع بشكل جاد. وقد تأسست شركة سوناطراك كطرف مدني ضد مسير الشركة في القضية، نظرا للأضرار المادية التي لحقت شركة سوناطراك بعد حصول الشركة محل شكوى على القرض الذي يمثل ما نسبته 10 بالمائة من قيمة المشروع الإجمالية. وكانت محكمة الجنايات بالعاصمة، سنة ,2008 قد أدانت المتهم الفرنسي هوارد ميشال، مدير شركة بأربع سنوات سجنا نافذا عن جناية تبديد أموال عمومية، في حين سلطت ضد إطاري سوناطراك عقوبة سبع سنوات سجنا نافذا. وفي ذلك التاريخ كان تبقى لهما سنتان لاستنفاد العقوبة، بعدما أمضيا فترة خمس سنوات في السجن الاحتياطي، في حين أن الفرنسي الذي كان في حالة إفراج مؤقت سيمضي العقوبة داخل السجن بعد أن التمست النيابة عقوبة 10 سنوات للفرنسي و15 للجزائريين.