صار المغنون الجزائريون يلجأون إلى الأنترنت، خصوصا الشبكة الاجتماعية ''فايس بوك''، التي يجدون فيها مساحة وممرا بغية نشر بعض الرسائل والمواقف الذاتية وكسب ودّ والتفاف الجمهور، وسبيلا من أجل كسر حاجز الرقابة والتضييق الممارس عليهم في المساحات الإعلامية، السمعية البصرية، الرسمية. بعدما حاول مغنون جزائريون، خلال السنوات الماضية، الانخراط في التحوّل والانفجار التكنولوجي، وتطور وسائل الاتصال، من خلال بداية إنشاء المُدوّنات، ثم صفحات ''سكايروك''، والمواقع الإلكترونية التي تبقى قليلة جدا، والبعض منهم من يتوفر عليها، وجد السواد الأهم من الفنانين الجزائريين المعروفين في ''الفايس بوك'' وسيلة سهلة وفعّالة من أجل تسجيل الحضور وإثبات الذات وترويج الأعمال الفنية القديمة والحديثة وإبداء الآراء والمواقف والانطباعات المتعلقة بالراهن وبكثير من التغييرات الدائرة بشكل مستمر. نجد ضمن العدد المتزايد من المغنين المنخرطين في الفايس بوك، الشاب نصرو الذي يعتبر واحدا من أنشط المغنين على الشبكة الاجتماعية ذاتها، حيث يرى فيها ''وسيلة من أجل الحفاظ على الصلة مع أبناء الوطن'' أو ''أولاد لبلاد''، كما يقول. ويستغل نصرو الصفحة التي ينشطها من أجل نشر، من حين لآخر، بعض الأغاني القديمة والصور الشخصية الجديدة، التواصل مع الجمهور، متابعة أخبار الوطن، والتخفيف من وطأة الغربة، مع العلم أنه يقيم بالولايات المتحدةالأمريكية بعيدا عن مسقط الرأس بعين تموشنت، منذ سنة .1996 وتعرف صفحة الشاب نصرو إقبالا وطلبات صداقة متزايدة، تتجاوز عتبة الأربعة آلاف (4000)، ما قاده إلى استحداث صفحة ثانية جديدة للاستجابة لطلبات الصداقة. والإقبال نفسه نجده على صفحة المغني أمازيغ كاتب، الذي اضطر، قبل فترة وجيزة، إلى إنشاء صفحة ثانية جديدة، باسم ''السمّ الأحمر''، نسبة لاسم الفرقة التي يقودها حاليا. ولكن، على عكس المغنين الآخرين، لا يستغل أمازيغ الصفحة لأمور موسيقية فقط، بقدر ما يوظفها في خدمة والدفاع عن قضايا سياسية ونضالية، وغالبية الرسائل التي يبثها تنبع من رغبة المعني في الكشف عن حالة قلق مما يدور في الجزائر، حيث يعلق: ''نريد جزائر أفضل''. من جهته، يميل الشاب بلال، على الصفحة التي ينشطها، إلى إدراج، باستمرار، مقاطع من الأغاني الراقصة ومقتطفات من الحفلات التي يحييها في الجزائر وخارجها، حيث تحولت صفحة صاحب ''راك مريض''، إلى ما يشبه الحفل الراقص اليومي والمتجدد. أما الشاب نجيم الذي صرّح ل''الخبر'': ''يعنيني كثيرا التواصل مع الجمهور على الفايس بوك. في الغالب أنشط الصفحة بمعية واب ماستر. وأرى في الصفحة نفسها وسيلة مهمة للتواصل مع توقف الاشتغال على موقعي الإلكتروني الخاص'' فيستغلها، في الغالب، من أجل إدراج أغانٍ والإعلان عن مواعيد الحفلات. صار المغنون، مع مرور الوقت، يتفاخرون فيما بينهم بعدد الوافدين والأصدقاء المتواجدين على صفحتهم، ويميل آخرون إلى إنشاء صفحات خاصة بعشاق الفنان نفسه، على غرار الشاب عقيل. كما ساهم انتشار الفايس بوك في تسهيل عميلة التواصل والتفاعل مع الفنانين، والكشف عن أحدث أعمالهم، في ظل تواصل التضييق الإعلامي على بعض منهم ومنعهم من الإذاعة والتلفزيون. كما صار يمنح البعض فرصة الإعلان عن تعلّقهم وحبهم لمغنٍ معين، مع ملاحظة تزايد عدد الصفحات التي تحمل صور وأغاني فنانين راحلين، على غرار الشاب حسني، الشيخة الريميتي والحاج امحمد العنقى.