كثف وزراء الفريق الحكومي من وتيرة زياراتهم الميدانية بالولايات منذ اجتماع مجلس الوزراء الأخير، وخصوصا في الولايات التي شهدت أعمال شغب بارزة في أحداث شهر جانفي الفارط، وهو ما يعني أن تعليمات أعطيت وباتجاه تحميلهم المسؤولية كاملة عن أي تقصير في معالجة القضايا المطروحة في دوائرهم الوزارية. ما لا يقل عن 6 وزراء من الفريق الحكومي يخرجون يوميا إلى الولايات لتفقد مشاريع قطاعاتهم ومعالجة الاختلالات التي تواجهها، وبخاصة تلك التي لها علاقة مباشرة بتحسين ظروف حياة المواطنين. والجديد في هذا الانتشار الحكومي في الميدان أنه لم يعد كما في السابق يقتصر على إجراء المعاينات وفقط، بل طلب من الوزراء القيام بعمل جواري مع الجمعيات وممثلي المجتمع المدني والاستماع إلى متطلباتهم وتكليف في عين المكان الجهات التي يقع على عاتقها الاستجابة لها أو معالجتها. وتأتي هذه ''التعليمات'' الجديدة ضمن مسعى السلطات العمومية ''تجفيف'' منابع وجيوب الاحتجاجات الاجتماعية بالولايات، خصوصا أمام بداية تشكل جمعيات فئوية مطالبة بحقوقها على غرار جمعيات البطالين والتجار الفوضويين وجمعيات طالبي الترحيل من السكنات الهشة وغيرها. وموازاة مع تحركات الوزراء راسلت وزارة الداخلية، هي الأخرى، ولاة الجمهورية ورؤساء الدوائر والبلديات تدعوهم فيها إلى النزول إلى القرى والمداشر لمحاورة المواطنين وجس نبض الشارع في الجزائر العميقة، وعدم الاكتفاء بمعاينة المناطق القريبة من مقرات الولاية والدائرة والبلدية فقط، مثلما كان يجري دائما بذريعة الوضع الأمني، الأمر الذي نجم عنه غياب الحلول ''الاستباقية'' وعدم تنقل المسؤولين إلا بعد وقوع قطع للطرقات وأعمال شغب. لكن ما يلاحظ في عمل السلطات المحلية، أنها تستنجد في تطبيقها لمراسلات الداخلية، بجمعيات لا تحمل سوى الاسم لأنها لا تملك أي مصداقية في الشارع. من جانبها أوعزت قيادات التحالف الرئاسي إلى منتخبيها المحليين والنواب في غرفتي البرلمان للقيام بعمل جواري تحسيسي مع المواطنين وخصوصا الشباب منهم، وذلك لدفعهم إلى عدم ''الانجرار''، حسب قولهم، وراء النداءات الداعية للتظاهر في الشارع. ويبقى مفعول هذه الخطابات التي يتداول على ترديدها الوزراء والولاة خصوصا، مرتبطا بمدى تحقق الوعود المصاحبة لها في الميدان في المدى القريب والمتوسط وعدم تبخرها بمجرد مرور العاصفة التي تقف فوق سماء الجزائر، وهو الرهان المطروح ونفد فعلا صبر الشارع حياله.