مئات الجزائريين مازالوا محتجزين في الأراضي الليبية أكدت شهادات جزائريين عائدين من ليبيا وجود انفلات تام في الشارع الليبي، متحدثين عن حالة الفوضى، من تداعياتها تقطع السبل بكثير من مواطنيهم. كما تحدثت الشهادات التي استقتها ''الخبر'' من الجزائريين العائدين إلى أرض الوطن عبر المركزين الحدوديين بالدبداب وتين ألكوم بولاية إليزي، مساء أمس، عن بعض الوقائع المثيرة التي جرت بالمدن الليبية خلال الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها الجماهيرية والمطالبة بسقوط نظام الديكتاتور معمر القذافي. شهدت المناطق الحدودية الجزائرية الليبية، خلال الساعات الأخيرة، وصول العشرات من الجزائريين الفارين من انفلات الأوضاع بالدولة الشقيقة ليبيا، حيث عرفت المراكز الحدودية بكل من الدبداب وتين ألكوم توافد أعداد كبيرة من الجزائريين العائدين إلى الوطن، فيما يبقى المئات من الجزائريين، حسب العائدين، محتجزين بالأراضي الليبية بسبب انعدام وسائل النقل بين العاصمة طرابلس ومدينة غدامس القريبة من الدبداب الجزائرية. وأغلبهم الآن محاصرون في منازلهم ولا أحد من أصحاب سيارات الأجرة بإمكانه التنقل برا إلى المناطق الحدودية الجزائرية لنقلهم إلى غاية مدينة غدامس حتى يتمكنوا من العودة إلى أهاليهم، خوفا على حياتهم من الموت المرتقب في أي لحظة. وقال الرعايا الجزائريون القادمون من عدة مدن ليبية كبنغازي وطرابلس وتاجورا والبيضاء ومصراتة ودرنة وطبرقة والزاوية، أمس، إن ''مجازر رهيبة ترتكب في حق الشعب الليبي، وأن جيش القذافي اغتنم الفرصة وسلط جبروته على المتظاهرين العزل، في ظل التعتم الإعلامي المفروض''. وأشاروا إلى أن السلطات الليبية استعملت الطائرات في مناطق متفرقة من العاصمة طرابلس، في محاولة لاحتواء حركة الاحتجاجات. كما تحدثوا عن سقوط الآلاف من القتلى الذين أصيبوا بالرصاص الحي للشرطة وفرق من الجيش الليبي والمرتزقة الأفارقة الذين تم استعمالهم وتجنيدهم في عمليات القمع، حيث يستهدفون الرأس والقلب، للتأكد من أن الإصابة ستكون قاتلة، ويقتحمون المنازل ليلا ويقتلون الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات بالأسلحة البيضاء والخناجر. وقال ''مصطفى. ع''، صاحب 32 سنة، المنحدر من ولاية بسكرة والذي كان يقيم بمدينة مصراتة رفقة عائلته، إنه عاش الجحيم بالعاصمة طرابلس، ''هاجمونا وحاول بعض المنحرفين الاعتداء علينا وجردونا من كل شيء، مستغلين الظروف الأمنية المتردية، لكن جيراننا الليبيين تدخلوا ودافعوا عنا''. كما تحدث عن قمع بطرق وحشية، خاصة بعد لجوء نظام القذافي إلى الأفارقة المندسين وسط الشارع الليبي، غير أن الشعب لايزال هو الذي يسيطر على غالبية المدن. وأضاف محدثنا أنه عندما يخيم الظلام تبدأ العصابات في عملها، بقصف المواطنين العزل وقتلهم بطريقة وحشية. كما تتعرض بالقمع للمواطنين ممن بادروا بدفن شهداء الثورة الشعبية، قائلا: ''يتم الاعتداء على من حملوا جثامين الشهداء بمضادات الطائرات''. وتضيف سيدة أخرى تنحدر من ولاية ورفلة قائلة، وهي مندهشة وما تزال تحت تأثير الصدمة، ''لقد تركنا مفاتيح بيوتنا وسياراتنا لدى معارفنا من الليبيين، وعلاقاتنا بمحيطنا وجيراننا ممتازة ولا نشعر بالغربة هناك، لكن ضغط الأحداث اضطرنا إلى الهروب والعودة إلى الجزائر، في انتظار انجلاء الغموض الذي يطبع الوضع''. مؤكدة أن هناك من يوصفون بأنهم مرتزقة أفارقة يجوبون الشوارع في سيارات مصفحة ويطلقون النار على المدنيين وحتى على سيارات الإسعاف. وأكد جزائري آخر عائد من بنغازي أن الموالين لنظام القذافي يقفون وراء عمليات السلب والفوضى التي تعيشها البلاد، وتنظيم عمليات انتقامية من المواطنين، وكذا اقتحام السجون وتحرير المساجين وتحريضهم على القيام بأعمال عنف، للتشويش على الثورة لتحطيم وكسر المنشآت الرسمية وتشويه ثورة الشعب. وذكر محدثونا بأن أفراد الشرطة يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين من الشباب المنضمين للمسيرات السلمية التي تجوب مختلف الشوارع.