اعترف وزير الخارجية، مراد مدلسي، أن الإجراءات والقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء مطلع فيفري الجاري، كانت استباقية لتفادي ما حدث في دول الجوار، تونس ومصر وحاليا ليبيا، نافيا وجود نية لدى بوتفليقة للبقاء رئيسا مدى الحياة. قال مدلسي في برنامج حواري بثته القناة البرلمانية الفرنسية الحكومية الليلة قبل الماضية، إنه ''يكذب وينفي أن ما اتخذته الحكومة من قرارات، أهمها رفع حالة الطوارئ، جاء نتيجة الأحداث التي عرفتها تونس ومصر وحاليا ليبيا، وانتهت بتغييرات في نظام الحكم''. ولأنه كما قال ''وزير منضبط''، فإنه زار فرنسا وجاء لقناة تلفزيونية فرنسية للحديث عن أوضاع الجزائر الداخلية بتكليف من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، معتبرا بأن كل ما قاله ''لم يكن ليقوله لو لا وجود تفويض من الرئيس شخصيا''. جاء كلام مدلسي ردا على سؤال طرحه عليه الصحفي الفرنسي جان بيير ألكاباش، وهو من مواليد الغرب الجزائري، حول ما إذا كان يعي ما يقوله عندما يعترف بمخاوف النظام الجزائري من انتقال ''الثورة'' إلى الشارع الجزائري. وعن سؤال هل يستمر الرئيس بوتفليقة في الحكم مدى الحياة؟ أجاب مدلسي بالنفي، مشيرا إلى أن بوتفليقة جاء للحكم وفي حقيبته برنامج واضح، وهو إخماد نار الفتنة والمصالحة وتحقيق التنمية الاقتصادية واستعادة البلاد مكانتها في الساحة الدولية، وهي أهداف، برأي مدلسي، تحققت خلال السنوات العشر الأخيرة. وقد حاول وزير الخارجية التقليل من تأثير منع المسيرات في العاصمة، مستندا للتبرير الرسمي الذي مفاده الخوف من استغلال التظاهر في العاصمة من أجل بث الفوضى وسقوط ضحايا ،مثلما حصل في مسيرة العروش في جوان .2001 وأكد مدلسي: ''لن نقبل بأن تراق قطرة دم واحدة لجزائري بسبب مسيرة''، مقدّرا أنه ''لو حصل ذلك، فإنها ستكون الكارثة بالنسبة للجزائريين الذين عاشوا ويلات الإرهاب وحمام الدم في سنوات الحرب الأهلية''. وكانت مناسبة لقاء مدلسي مع قناة البرلمان الفرنسي مواتية للتأكيد أن المواجهات الدامية بين قوى الأمن وعناصر الجماعات الإرهابية كانت ''حربا أهلية''، مشدّدا على أن ''الجزائريين يرفضون العودة إلى الوراء''. وعن أوجه التشابه بين ثورتي مصر وتونس وما ستؤول إليه أحداث ليبيا الحالية، قال مدلسي: ''عاشت الجزائر مثل هذه الثورة سنة 1988 وتبعها انفتاح سياسي وإعلامي واقتصادي''، معتبرا ذلك: ''سبقا وتميزا جزائريا''. وعن دور الإسلاميين في الساحة، مقارنة مع نظرائهم في تونس وليبيا ومصر، قال مدلسي: ''في الجزائر، التيار الإسلامي المعتدل ممثل في مؤسسات البلاد التشريعية وفي الحكومة، وهو من ثمار التغيير الذي عاشته في نهاية الثمانينيات''. ولدى إجابته على سؤال عن موقف السلطات من دعوات التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية، أجاب مدلسي بأنها تسعى للتعبير عن رأيها، وهذا مكفول من الناحية القانونية، موضحا بأن ''الشعب الجزائري يعرف جيدا وزن كل طرف في الساحة الوطنية، وهو دليل كاف على وعيه''. وردا على سؤال حول موقف الجزائر مما يحدث في ليبيا، أجاب مدلسي بأنها ''تحترم إرادة الشعب الليبي وخياراته''، مضيفا بخصوص ما يطالب به بعض المراقبين بمحاكمة القائد الليبي العقيد معمر القذافي بسبب اتهامات بارتكاب جرائم إبادة في حق شعبه، أنه ''وحده الشعب الليبي من يملك القرار. ومن جانبنا، ليس أمامنا سوى احترام إرادته فيما يراه يخدم مصلحته''.