يكرر التاريخ نفسه، وتقترب المواقف العربية إزاء الأزمة الراهنة في ليبيا، من تلك التي عصفت بالموقف العربي خلال غزو العراق للكويت وحرب الخليج الأولى في أوت 1991، عندما انقسم العرب إلى مجموعة من المواقف المتصادمة، يستند بعضها إلى حسابات خارجية وبعضها إلى مصالح داخلية. فالجامعة العربية التي يديرها رجل منتهي الصلاحية، عمرو موسى، لا تقرأ معطيات الأزمة الليبية بشكل صحيح، ولا تحفظ الدروس، تتخبط كالميت، وبدل أن تلعب الجامعة العربية دور الوسيط للمساعدة على حل الأزمة الليبية، التي بدأت تتوجه نحو منزلق الحرب الأهلية، بشكل سلمي، وتقود مبادرات عربية عربية، باتت تؤيد خيار التدخل الأجنبي - كما حدث في 1991 - عبر تأييد مقترح إقامة حظر جوي على ليبيا، رغم أن هذا الخيار لن يكون للعرب أي دور في تنفيذه بسبب ضعف إمكاناتهم العسكرية في حال أقره المجتمع الدولي. وفي الوقت نفسه يطفح الموقف العربي بكثير من التناقض، ففي الوقت الذي تدعو دول الخليج المستحكمة في القرار العربي بالنفط، إلى الاستقرار في البحرين واليمن والأردن، وتقرر منح مساعدات بقيمة 20 مليون دولار لتثبت الأنظمة في هذه الدول، تماما كما كانت تفعل خلال الثورة المصرية لدعم حسني مبارك، تعلن دعمها للثوار في ليبيا، وتدعو بالمقابل إلى إنهاء النظام القذافي، وترفع غطاء الشرعية عنه. ويصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، هذه المواقف في حساباته الشخصية، وهو الذي يدير بأموال نفط الخليج، في الفترة الأخيرة، حملة لتزيين صورته وكسب تأييد شعبي لشخصه، تمهيدا لكسب كرسي الرئاسة في مصر. وبين مصالح ممالك الخليج وحسابات عمرو موسى، يضيع صوت دول عربية كالجزائر وسوريا والمغرب واليمن، وهي دول أثبتت التجارب أن مواقفها في الساحة والجامعة العربية لا حدث وليس لها مفعول سياسي، فيما تحاول مصر أن تنأى بنفسها عن أزمة خارجية في خضم مرحلة إعادة ترتيب البيت الداخلي بعد الثورة التي أطاحت بمبارك. [email protected]