صراع بين الإسلاميين والليبراليين ومنع البرادعي من التصويت في أول اختبار ديمقراطي تعيشه مصر، في أعقاب سقوط النظام المصري السابق، خرج الملايين، أمس السبت، للتصويت في استفتاء على تعديل الدستور، في مشهد لم تعشه مصر من قبل. وقد فتح باب اللجان للتصويت في الثامنة من صباح أمس، إلا أن اللجان شهدت إقبالا كثيفا، ما أدى لامتلاء مئات الآلاف من صناديق الاقتراع ونفاد أوراق التصويت، وطبع ما يزيد عن 4 ملايين ورقة أخرى خلال الساعات الأخيرة من الاستفتاء. وتشير التقارير الرسمية إلى أن هناك 45 مليون مصري، بنسبة 53%، لهم حق التصويت ومقيدون بالجداول الانتخابية من جموع الشعب. ''ده المرة الأولى اللي أشارك فيها بالانتخابات''، كلمة كثيرا ما تسمعها في الطوابير الطويلة التي تشهدها اللجان، سيدات ورجال وشباب، الجميع ينظم نفسه بنفسه ويرفضون التجاوزات، في مشهد تكرر في كثير من اللجان، حتى أن بعض المواطنين منعوا كلا من الدكتور عصام شرف، رئيس الحكومة، والدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الحكومة، والدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، والمرشد محمد بديع، من تجاوز الصفوف والالتزام بالطابور. في حين قام مجموعة من أتباع رجال الحزب الوطني بالاعتداء على الدكتور محمد البرادعي، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، وإلقاء الطوب عليه مرددين ''مش عايزينه''، ما منعه من الإدلاء بصوته. وتجولت ''الخبر'' في عدد من اللجان للتعرف على سبب المشاركة، حيث قالت عايدة خضير، سيدة مسنة: ''ده أول مرة أشارك في الانتخابات رغم أن عمري تجاوز ال70 عاما، لكن حاسة أني لازم أرد الجميع لشباب مصر اللي صنعوا الثورة ونصوت لمصر جديدة''، بينما قال عادل عبد السلام: ''أنا روحت، أنا ومراتي، علشان أشارك في الجمهورية الثانية لمصر، ونبني مصر ودستورا جديدا على نظافة''. كما حاول كل مرشحي الانتخابات الرئاسية، كعمرو موسى وعمرو خالد وأيمن نور وحمدين صباحي، القيام بجولات تفقدية لبعض اللجان. مع تزايد أعداد المشاركين في الاستفتاء، قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بفتح موعد التصويت حتى يتمكن الجميع من الإدلاء بأصواتهم. وتشير المؤشرات الأولية إلى تجاوز عدد المصوتين 80% ممن يحق لهم التصويت. وشهدت اللجان تنافسا بين أتباع التيار الإسلامي المتمثل في الإخوان والتيارات السلفية والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، والذين دعوا إلى التصويت الإيجابي، وبين الليبراليين وأنصار الدكتور محمد البرادعي الذين دعوا لرفض التعديلات. ورغم هذا التباين، إلا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كشف عن سيناريوهات الفترة القادمة، حيث أكد اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى، أنه في حالة الموافقة على التعديلات على الدستور، سيصدر إعلانا دستوريا يتضمن المواد المعدلة، بحيث لا تكون لها أي صلة بدستور 71 الذي مات بسقوط النظام السابق، على أن يتضمن البيان موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وفي حالة رفض التعديلات، سيصدر أيضا الجيش إعلانا دستوريا سيتضمن إجراءات يحددها الجيش ويجعل مدة بقاء المجلس أطول من 6 شهور التي حددها عقب توليه الحكم، حيث ستشكل لجنة قضائية جديدة تعيد صياغة الدستور. وهو سيناريو قد يتسبب في تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى ديسمبر. وقد قام الجيش بمشاركة الشرطة في تأمين اللجان، حيث نشر أكثر من 37 ألف جندى على مستوى الجمهورية. وتسبب الاستفتاء في تراجع حركة البيع والشراء في البلاد، حيث آثرت الجماهير المشاركة في الاستفتاء على التسوق.