أصيب، أمس، عشرات الأطباء المقيمين بجروح وكسور، على إثر مواجهات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب عند البوابة الرئيسية لمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة. تأزمت الأمور عندما قرر الأطباء تحويل اعتصامهم إلى مسيرة نجح فيها المئات منهم في الوصول إلى مقر البرلمان، بينما احتل باقي المحتجين ساحة أول ماي لمدة ساعات رددوا خلالها شعار ''يا طبيب يا مريض أويحيى هكذا يريد''. وعرف الاعتصام، الذي جاب في بداية الأمر المستشفى في أجواء هادئة، مشاركة قياسية للمقيمين بفئاتهم الثلاث، أطباء وصيادلة وجراحي أسنان، وجاء هذا التجمع المتزامن مع التصريحات التي أطلقها الوزير أحمد أويحيى حول استحالة إلغاء الخدمة المدنية، معبّرا عن غضب الأطباء الذين اتهموا المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي ''بصب الزيت على النار''، عوض التدخل للتكفل بالانشغالات البيداغوجية والمهنية لقرابة 7 آلاف طبيب مقيم. وتضمنت شعارات المحتجين هذه المرة ردودا مباشرة على اتهام الوزير الأول لهم بالتنصل من مسؤولياتهم، واستعملوا في ذلك صيغ التعجب والاستفهام ''هل يذهب المسؤولون الجزائريون إلى المستشفيات العمومية عندما يمرضون''، و''لماذا الدولة تهدد أمن المريض'' و''يا عزيزي المواطن لماذا السبيطار بالمعريفة''. وأصر الأطباء على إظهار استيائهم العميق من تواجد عناصر الأمن داخل حرم المستشفى عن طريق التصفير والتأكيد على أن الطبيب متحضّر ولا يحتاج إلى شرطي لمتابعته، لكن هذا الإجراء الذي وصفه المحتجون ب''الاستفزازي'' لمصالح الأمن، كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، خاصة وأن الأطباء يعيشون في حالة ضغط نفسي بفعل الانقطاع عن الدراسة والعمل منذ أشهر، فبمجرد وصول حشود الأطباء إلى بوابة المستشفى، وبدون سابق إنذار، خرجت الأفواج الأولى إلى الشارع، وهنا سقط العديد منهم أرضا بعد تعرضهم للتعنيف ثم الضرب الذي استخدمت فيه العصي والركلات، ما تسبب في إصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، وفي هذه الأثناء تمكن مئات الأطباء من السير عفويا باتجاه المجلس الشعبي الوطني، حيث تم استقبال وفد عنهم من قبل رئيس المجلس، عبد العزيز زياري، الذي وعدهم بتفعيل مشروع القانون الأساسي المعدل، فقد اكتشف المعنيون بالمناسبة بأن هذه الوثيقة لا تزال حبيسة أدراج مديرية الوظيف العمومي. وقد تجددت المواجهات بين الأطباء وقوات مكافحة الشغب في حدود الساعة الثالثة والنصف موازاة مع عودة الفوج المذكور من البرلمان، ما تسبب في عرقلة حركة المرور وتوتر أعصاب مصالح الأمن التي أقدمت على حملة توقيفات في أوساط الأطباء.