بعد أن كانت صالونات الحلاقة في الجزائر حكرا على الجنس اللطيف، تغيّرت هذه الحقيقة، وباتت الكثير من الفتيات يفضلن تصفيف تاج جمالهن بأيد رجالية. وبالمقابل، لم يعد غريبا أن يقصد الرجال الحلاقات وصالونات التجميل لتنظيف البشرة وصبغ الشعر بأنامل أنثوية، غير آبهين بنظرة المجتمع المستهجنة. ''حلاقته متطورة''، ''يحسن معاملاتنا، ''يتحملنا أكثر من الحلاقة وكلامه لطيف مع الزبونات''.. تلك هي شهادات عديد النسوة اللواتي التقينا بهن وسألناهن عن سر تفضيلهن للحلاقين الرجال عوض النساء، حيث أكدت لنا رانيا، 29 سنة، بأن الحلاقين الرجال أكثر تفنناً وإتقاناً لعملهم من المرأة الحلاقة، فضلا عن أنهم يحسنون اختيار الزينة التي تناسب وجه المرأة، حيث ينطلق في تعامله معها من ذوق الرجل ونفسيته، كما تقول السيدة رشيدة، 47 سنة، والتي التقيناها بصالون حلاقة للرجال بحيدرة، حيث تقول: ''كل الحلاقات اللواتي تعاملت معهن يتدخلن في أموري الشخصية، إلى درجة أنهن يفشين أسراري ويتسببن لي في مشاكل. لذا، فضلت الحلاقة عند الرجال، لأنهم يترفعون عن خصوصيات النساء، كما أنهم لا يغترون إذا ما اشتهروا''. لتضيف ابنتها سلمى، 18 سنة، أن مشكلتها مع الحلاقات هو المحسوبية وانتشار حلاقات النخبة، فهي لا تبذل أدنى جهد في إرضاء زبوناتها، في حين تتفنن في العمل لإرضاء صديقاتها وأيضا زوجات وبنات الشخصيات حتى تحظى ب''البقشيش المعتبر''. أما الشابة بن يحيى نانسي، 24 سنة، فأكدت لنا أنها تتحاشى الحلاقات النساء خوفا من غيرتهن، فتقول: ''الحلاقة التي كنت أتعامل معها غيورة جدا مني ولا تحب أن تراني جميلة، لكن الحلاق يفهمني بمجرد نظرة، أراه مهنيا أكثر من المرأة، لأنهم يتابعون آخر مستجدات الموضة، بعكس الحلاقات اللواتي لا يطوّرن قدراتهن المهنية والمادية''. لكن، يظهر أن للسيدة فاطمة، 55 سنة، رأي مخالف، فإقبال النساء وخصوصا الفتيات على الحلاقين الرجال يرجع، حسبها، لتفاخرهن أمام صديقاتهن بأثمانها الباهظة فقط، بغض النظر عن الجودة والخدمة المقدمة من طرفهم. وبدورهم، أكد لنا عدد من الحلاقين أنهم يستقبلون طلبات كثيرة من النساء طالبات قصّات شعر رجالية، وخير مثال على ذلك ستينية مغتربة التقيناها رفقة زوجها عند حلاق بساحة أول ماي، صرّحت أنها تعشق قصّات الشعر القصيرة التي لا تفلح فيها الحلاقات، لتضيف قائلة ''لا أجد أي إحراج في أن يكون حلاقي رجلا لأنه في سن ابني''. في حين يشير سعيد، حلاق ببن عكنون، إلى أنه يتلقى طلبات كثيرة من قبل النساء في محله، لكنه يرفض ذلك حتى لا يسبب إحراجا لزبائنه الرجال، إلا في الحالات النادرة، كحال سيدة في الأربعينيات تقصده في الشهر أكثر من مرة لقص شعرها، لكونها تعاني من مرض الإكزيما على مستوى جلدة الرأس، ولهذا السبب فهي مجبورة للحلاقة عندي، يقول سعيد، من أجل اقتصاد المال لأن الحلاقة عند الرجال لا يتعدى ثمنها 150 دج، أما لدى النساء، فيفوق سعرها 400 دج. حلاقات الجنس اللطيف يهتمن بالرجال كما تبيّن من خلال جولتنا في العاصمة أن ارتياد صالونات الحلاقة النسائية لم تعد حكرا على المرأة فقط، بل باتت مقصد عدد كبير من الشباب والكهول، وحتى الشيوخ، من إطارات ورجال الأعمال وكذا الفنانين، وحتى السفراء الأجانب الذين يشترطوا أن تقدم الحلاقة خدماتها لهم بمقرات إقامتهم الرسمية. كما يلجأ بعض الرجال لصالونات الحلاقة النسائية، حسب ما استقيناه لدى بعض الحلاقات، من أجل صبغ الشعر والشوارب وتصفيف الشعر، بل وحتى تجريب تقنيات الحلاقة الجديدة، كتركيب الشعر للرجال الذين يعانون من الصلع، في حين يقصدهن كثير من الشباب ممن يعانوا من مشكل حب الشباب، بهدف تنظيف البشرة وإزالة البثور بطرق طبيعية.