تعيش فروع وهران، للشركة الوطنية للنقل البري، هذه الأيام حالة من التوتر، بعد تسلم مصلحة الضبطية القضائية لمديرية الاستعلامات والأمن للناحية العسكرية الثانية، بملف أودعه رئيس مصلحة المحاسبة والمالية، حول التلاعب بأملاك ومداخيل هذه الشركة، التي تسجل عجزا ماليا للسنة الثالثة على التوالي. تحول ما كان يعرف بأكبر شركة وطنية للنقل البري، إلى مجرد وسيط في مجال نشاطها في وهران، بين شركات النقل الخاصة والمتعاملين من تجار ومؤسسات، بعد أن تخلت على نسبة كبيرة من حظيرتها المتنقلة المتمثلة في شاحنات الوزن الثقيل والشاحنات المقطورة القوية، وتحوّل فرعها للصيانة الكائن مقره في المنطقة الصناعية للسانية إلى ''ورشة لإصلاح شاحنات الخواص، وتحضير شاحنات الشركة المدرجة في سجل العتاد المستعمل، قبل عرضها للمزاد العلني''، كما جاء في تقرير رئيس مصلحة المحاسبة. وقد خرجت ''خروقات التسيير'' في هذه الشركة العمومية التي تأسست سنة 1967، إثر عودة المدير الجهوي لوهران إلى منصب عمله، بعد أقل من شهرين من عزله منه بقرار من المديرية العامة للشركة بسبب ''نقص في النتائج''، حيث أوقف مجلس إدارة الشركة هذا المدير في فيفري 2011، بعد أن سجل عليه ''تراجع المداخيل وعجز في الميزانية لسنتين متتاليتين''، واتخذ هذا القرار بعد الاحتجاج الذي نظمه 8 إطارات وعمال من الشركة في وهران، الذين وجهوا ملفا للمديرية العامة للمجموعة يتضمن ''الخروقات الحاصلة في مجال تحويل طلبات الخدمات التي يتلقاها فرع ''آجيفال'' للشركات الخاصة، وكذا ملف توقيف شاحنات جديدة عن الخدمة وإدراجها في سجل العتاد غير الصالح للاستعمال، إضافة إلى قائمة الأشخاص الذين اشتروا هذه الشاحنات، ومنهم إطارات ونقابيون في الشركة ذاتها بأسماء أبنائهم وزوجاتهم، وهي الشاحنات التي توفر لها الشركة العمومية دفتر أعباء مع الشركات الكبرى مثل سوناطراك، نفطال، المؤسسات والهيئات العمومية الحساسة''. وبعد شهرين من تنحيته عاد المدير الجهوي إلى نفس المنصب الذي عزل منه، ويحضر هذه الأيام لتنظيم عملية بيع جديدة بالمزاد العلني لشاحنات تم اقتناؤها سنة 2004، وما زالت قادرة على النشاط، إلا أنه تم تصنيفها على أنها غير صالحة للاستعمال، كما جاء في الملف المودع لدى مصالح الاستعلامات للناحية العسكرية الثانية. علما أنه سبق للعدالة في وهران أن حققت في قضية بيع بالمزاد العلني لشاحنات هذه الشركة في سنة 2007، وتم إيداع عدد من إطاراتها، إضافة إلى محافظ حسابات مقره في أرزيو الحبس. ومباشرة بعد عودته إلى منصبه، قام المدير الجهوي بتحويل الإطارات والمستخدمين الثمانية، إلى مناصب عمل أخرى غير التي كانوا يشغلونها، والتي مكنتهم من الإطلاع على ''الخروقات'' وهي التعيينات التي رفضوها، ووجهوا مراسلات جديدة إلى مديرية المجمع بالعاصمة، لكن هذه الأخيرة، تركتهم يواجهون مصيرهم وحدهم، مما دفع رئيس مصلحة المالية والمحاسبة إلى إيداع الملف في ''ماجينطة'' بوهران حيث يوجد مقر الضبطية القضائية للجيش، وهذا بعد أن رفض مدير النقل لولاية وهران وكذا مفتشية العمل استلام شكاوى هؤلاء العمال. ولقد كررت ''الخبر'' الاتصالات بالمدير الجهوي في وهران ليوضح موقفه من الموضوع، إلا أنه لم يجب على طلباتنا، في حين علمنا أن الملف تم تحويله إلى العاصمة من طرف الهيئة التي أودع لديها في وهران، قبل أن يتم البت في مصيره.