القذافي لن يترشح لا للرئاسة ولا للحكومة ملامح الدستور الليبي الجديد ستُعرف خلال 15 يوما في هذا الحوار الخاص بجريدة ''الخبر''، طلب نائب وزير الخارجية الليبية الدكتور خالد كعيم، باسم الحكومة الليبية، المساعدة من الجزائر لحل أزمة الوقود في ليبيا، كاشفا في السياق نفسه، لأول مرة، معلومات استخباراتية عن تورط الدبلوماسي الليبي المنشق في نيويورك عبد الرحمن شلقم، وسفير ليبيا بإيطاليا حافظ قدور في العمالة للمخابرات الإيطالية. بداية، يدور حديث كثير وتصريحات متضاربة بشأن المفاوضات مع المعارضة في بنغازي، ما هي حقيقة ما يجري؟ ما يجري ليست مفاوضات بمعنى الكلمة وإنما هي اتصالات ومحادثات، وهذا بغرض التعرف على طلباتهم. نحن نريد أن نفهم سبب اندفاعهم وعلاقتهم مع حلف الناتو، خصوصا وأن الدولة الليبية بدأت في مشاريع تنموية، وبدأت منذ مدة في مشروع دستور جديد للبلاد يتماشى مع العصر الحالي. نحن نستغرب مما بدا من هؤلاء لأن عددا منهم، أي من المتمردين، كانوا أعضاء في لجنة صياغة الدستور، على غرار علي الصلابي وهومن جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك محمود جبريل وهو إخواني أيضا. بخصوص الاتصالات، نؤكد وجود اتصالات مع أشخاص كانوا بالأمس يعملون في الدولة، كعبد الفتاح يونس وزير الداخلية، وأشخاص آخرين يمثلون بعض أعضاء مجلس المتمردين أو يتحدثون باسمهم. الصورة ليست واضحة بما يكفي لفهم حقيقة هذه الاتصالات أو المفاوضات؟ هناك لقاءات حدثت وهناك اتصالات هاتفية مع أشخاص في بنغازي، لأن شركة ''ليبيانا'' ما زالت في بنغازي تشتغل، فقط يضاف لها رقم. لكننا نواجه مشكلتين، الأولى هي أنه لا يوجد كيان واحد يمكن التفاهم معه، بل توجد كيانات متعددة ومشتتة، ولكل منهم مشروعه الخاص. وضمن هذه المشكلة، المواطنون في الشرق غير ممثلين في هذه المحادثات، فقد تم تغييب القبائل. ولكن نظرا لتعاملنا مع الواقع تم فتح باب المحادثات معهم. ويمكن أن أذكر لك أنه في قمة مالابو الأخيرة تم لقاء بين وزير الخارجية الليبي السيد العبيدي مع عدد من المحسوبين على المتمردين، كالسيد زيدان والسيد شلقم، ولكن لم يتم التوصل إلى نتائج لأن الرؤية غير واضحة ولأن لديهم ارتباطات مع الخارج. أما المشكلة الثانية التي نواجهها في المحادثات مع المتمردين فهي حلف الناتو، الذي لا يشجع على هذه المفاوضات ويدفع من في بنغازي إلى عدم التعاطي بإيجابية مع الحوار. كمثال أقول لك إن مؤتمر القبائل المنعقد في الشهر الماضي قرر أن يكون هناك لقاء موسعا للطرفين في أجدابيا، وأن تكون هذه المدينة منطقة عازلة وبدون سلاح، لا يتواجد بها لا الجيش ولا المتمردون. من جهتنا التزمنا بالاتفاق حتى يتمكن السكان من العودة، ولكن المتمردين استغلوا الوضع لدخول أجدابيا وقاموا بأعمال سرقة ونهب للمواطنين. تحدثت قبل قليل عن التحضير لدستور جديد، هل لنا معرفة مضمون هذه الإصلاحات، هل سيتغير النظام في ليبيا مثلا؟ أريد أن أوضح أن عملية الإصلاحات بدأت منذ مدة، ولن ننتظر إجراء مفاوضات مع المتمردين، فالقطار بدأ السير. أما بخصوص مضمون الدستور الجديد، فأعتقد أنه خلال 15 يوما ستُعرف ملامح هذا الدستور، سنعقد مؤتمرا وطنيا في الداخل لعرض ملامحه على الشعب. والدستور الجديد فيه أفكار عامة، حيث يتكون الجسم التشريعي من غرفتين اثنتين، غرفة منتخبة تعادل مؤتمر الشعب العام، أو كما يعرف مجلس النواب، وغرفة ثانية تضم شيوخ القبائل وأعيانها. سألتني عن طبيعة النظام السياسي المقبل، أنا أقول سيكون نظاما جماهيريا، ولكن إن اختار الناس تغيير التسمية السياسية للنظام عند عرض الدستور فلا مانع من التغيير. الرأي العام الدولي يتساءل عن مصير القذافي في ظل التغييرات المزمع إحداثها، فما هو موقعه بالتحديد؟ لو نطبق معايير الديمقراطية الغربية نقول إن أغلبية الشعب الليبي مع بقاء القذافي، ومع ذلك القذافي أعلن هو أنه لا ينوي الترشح لا للرئاسة ولا للحكومة. معمر القذافي دوره واضح في ليبيا، وهو دور القيادة، مثلما كان رئيس جنوب إفريقيا، نيلسون ما نديلا. إنه زعيم وطني. ومن يريد أن يترشح من الليبيين للرئاسة فمرحبا به، لكن أريد التأكيد على أنه لا يوجد مستقبل سياسي لمن تورط في جلب الناتو ولمن شجع على التدخل الأجنبي. على ذكر الناتو، ما قصة الأسلحة التي دخلت ليبيا في المدة الأخيرة؟ طبعا لقد شاهد العالم أجمع كمية الأسلحة التي تم حجزها في سواحل طرابلس وتبين أنها أسلحة قطرية، وهذا يكشف حجم المؤامرة. ثانيا، أحب أن أكشف أن الأسلحة الفرنسية التي تم رميها بالطائرات على المتمردين في الجبل الغربي توجد بحوزتنا، واسترجعنا كمية هامة منها. هذه العملية شكلت ضغطا على المتمردين في الجبل الغربي لإلقاء السلاح. فقبل ثلاثة أيام وصلنا اتصال من طرف المتمردين حيث أرسلوا أشخاصا وطلبوا الاستسلام مقابل الحصول على العفو. فقامت القبائل بتأمين العملية لكن الناتو تدخل وأجهضها، والآن هناك انشقاق في صفوف المسلحين هناك. وكيف تسير الأمور على الحدود خصوصا مع الجزائروتونس، أنتم أعلنتم أن تنظيم القاعدة حصل على أسلحة جديدة بفضل الحرب في ليبيا؟ لاحظنا في الأسبوعين الأخيرين ازدياد محاولات تهريب الأسلحة من ليبيا باتجاه كل من تونسوالجزائر ومالي والنيجر. هذه معلومات أكيدة لدينا، حيث نسجل تقريبا كل يوم محاولة لتهريب السلاح. وطبعا هذا السلاح تم الاستيلاء عليه في بداية الأزمة وتحديدا يومي 20 و21 فيفري الماضيين، فقد قامت مجموعة من أعضاء الحركات الإسلامية المتطرفة بمهاجمة المعسكرات، واستولوا على أسلحة خفيفة وحتى دبابات ومدفعية مضادة للطائرات ورشاشات. هم استخدموا هذه الأسلحة أولا في الاستيلاء على المخازن الموجودة في الرجبان والزنتان، وفي منطقة ''القريات'' و''مزدة'' باتجاه الحدود الجزائرية. ولاحظنا أنهم يركزون على تهريب صواريخ ''ستريلا'' الروسية التي تحمل على الكتف، وعلى صورايخ ''ستينغر''، كما يركزون على الذخيرة أيضا. وإذا جئنا لأسباب تهريب هذا السلاح، فهناك سببان، أحدهما له علاقة بشبكات الجريمة وتجارة السلاح، وهناك سبب آخر وهو الأخطر يتمثل في وجود عناصر القاعدة خصوصا على الحدود التونسية في منطقة ''وازن''، وقد حدثت أحداث راح ضحيتها بعض المواطنين التونسيين، وتحركت السلطات وقبضت على بعضهم وحبستهم. ألا يوجد تنسيق أمني بينكم وبين الجزائروتونس لمواجهة هذا التهديد الأمني؟ بصراحة الجزائر هي الجهة الأكثر انتباها لهذا الخطر، وقد لقي عدد من الإرهابيين مصرعهم على أيدي الجيش في منطقة الدبداب الحدودية. أعتقد أن الأمر في غاية الخطورة، وهو يتطلب تنسيقا أمنيا، القضية أصبحت مفروضة وليس خيارا. يجب أن يكون هناك تنسيق ثلاثي ليبي جزائري تونسي في المنطقة الصحراوية الممتدة بين ''وازن والدبداب وغدامس''. إذا سألت كيف؟ أقول من خلال دوريات مشتركة مثلا، أو يكون التنسيق على مستوى ثنائي على الأقل. من الناحية السياسية، كثر الضجيج حول عديد المبادرات الدولية لحل الأزمة الليبية، لكن لحد الآن لم يتوقف القتال، ولم يتم التوصل إلى أي تقدم في عملية الوساطة، فأين المشكلة برأيكم؟ بخصوص مبادرات الوساطة نحن نرحب بأي وساطة تقترح علينا لحل الأزمة، ونحن قرارنا بأيدينا، لكن المشكلة دائما في الطرف الآخر الذي لا يملك قراره في يده بل في أياد كثيرة. من جانبنا نحن ملتزمون بخارطة الطريق الإفريقية كإطار أولا وأخيرا للحل السلمي ونحن جاهزون لمناقشة التفاصيل. سجلنا أن المقترحين الروسي والصيني يدعمان المبادرة الإفريقية، واكتشفنا أن الروس كانت لديهم شكوك حول قوة البلاد ووجودها، حيث تم تسريب معلومات لهم غير دقيقة حول قدرة الدولة على إدارة الأزمة، لكن المبعوث الروسي تنقل شخصيا وجاء عبر البر من تونس، وزار طرابلس وقصد بعض المدارس والمحلات، ولاحظ فقط وجود مشكلة نقص الوقود في محطات البنزين. طبعا عُقد في اليومين الماضيين لقاء في سوتشي الروسية، لقاء بين الناتو والرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف، وعُقد اجتماع بين جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا ونظيره الروسي أيضا، ونعتقد أن رسالة طرابلس وصلت للناتو. المشكلة أن حلف شمال الأطلسي يريد تقسيم البلاد، فقد حصلت زلة لسان من رئيس الوزراء البريطاني دافيد كامرون منذ شهرين أمام مجلس العموم البريطاني، حيث قال ''يجب أن يرسم خط فاصل على الأرض في الصحراء الليبية بين المناطق التي توجد بها المعارضة وبين نظام القذافي''. ويوم 3 جويلية الماضي شن الناتو141 غارة جوية على أهداف مدنية وعسكرية، منها حواجز أمنية للشرطة، ماذا يراد من وراء قصف الشرطة أليس نشر الفوضى في الشارع؟ دبلوماسيا، أعلن عدد من السفراء انشقاقهم عن نظام القذافي، فما هي الصورة اليوم بعد أربعة أشهر من الأزمة؟ ما لاحظناه أن هناك من الدبلوماسيين من تسرّع في إعلان انشقاقه تأثرا بما بثته وسائل الإعلام المغرضة، هؤلاء فتحنا الباب أمامهم للعودة وبالفعل بعضهم دخل طرابلس. لدينا مكاتب (سفارات) مثل إسبانيا ولندن والبرتغال واليونان، هناك دبلوماسيون تورطوا في التوقيع على أوراق تعلن انشقاقهم لكن هناك من عاد بعدما ظهرت الصورة الحقيقية. لكن بعض الأشخاص وأطراف المؤامرة تم تجنيدهم من طرف المخابرات الإيطالية كعبد الرحمن شلقم بنيويورك، وحافظ قدور السفير السابق بروما، واكتشفنا أنه تم تجنيدهما منذ سنة. وكذلك نوري المسماري مدير المراسم السابقة الذي ثبت تعامله مع المخابرات الفرنسية. إذن الصورة لدينا هي أن المؤامرة بدأ العمل عليها منذ شهر نوفمبر الماضي، وجرى تجنيد بعض الضباط الذين سبق وأن درسوا في فرنسا أو إيطاليا. كلمة أخيرة تودون قولها؟ لدي كلمة من الإخوة في ليبيا لإخوانهم في الجزائر، نحن نطلب مساعدة الجزائر في حل مشكلة نقص البنزين. فهناك أزمة حادة في ظل الظروف الحالية، نحن نقترح حلين على الجزائر، إما أن تساعدنا في رفع قدرات إنتاج المصافي الليبية من 3500 طن إلى 5000 طن يوميا، أو تساعدنا ببيعنا حصة تعادل 1500 طن يوميا من البنزين للسوق الليبية. ونحن نعلم أن القرار الدولي القاضي بفرض حظر جوي لا يتضمن حظر بيع البنزين. تصوّر لدينا مشكلة حتى في تعبئة سيارات الإسعاف بالبنزين.