الصّحابي الجليل زيد بن الخطاب، رضي الله عنه، أخو عمر بن الخطاب لأبيه، وكان أكبر منه سناً، وأسْلَم قبله واستشهد قبله. وقد آخى النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، بينه وبين معن بن عدي العجلاني، وظلاّ معاً حتّى استشهدَا في اليمامة. فلَم يتخلَّف عن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في غزوة أو مشهد، شهِد بدراً وأحُداً والخندق، وشهد بيعة الرضوان بالحديبية، وفي كلّ مرّة يقابل فيها أعداء الإسلام، كان يبحث عن الشّهادة. رآه أخوه عمر يوم أحد، وقد سقط الدِّرع عنه وأصبح قريباً من الأعداء، فصاح قائلاً: خُذ دِرعي يا زيد فقاتِل به. فردَّ عليه زيد: إنّي أريد من الشّهادة ما تريده يا عمر. وظلّ يُقاتل بغير درع في فدائية، ولكن الله لم يكتب له الشّهادة في تلك الغزوة. وبعد وفاة الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، ارْتَدَّت كثير من قبائل العرب، فرفع الصديق لواء الجهاد في وجوه المرتدين حتّى يعودوا إلى الإسلام. وكانت حرب اليمامة من أشدّ حروب الردّة، أخذ سيفه، وقاتل قتالاً شديداً، وعمد إلى الرجَّال بن عنفوة، قائد جيوش مسيلمة، وقتله. وكانت أمنيته أن يقتل هذا المرتد، وظلّ يضرب في أعداء الله حتى رزقه الله الشهادة. فحزن المسلمون لموت زيد حزناً شديداً، وكان أشدّهم حزناً عليه أخوه عمر الّذي قال حينما علم بموته: رَحِم الله زيداً، سبقني إلى الحُسنيين، أسْلَم قبلي، واستشهد قبلي. وكان دائماً يقول: ما هَبَّت الصبا إلاّ وجدتُ منها ريح زيد.