اعتبر وزير الخارجية البريطاني، السيد ويليام هيغ، في حوار خص به ''الخبر''، أن العلاقات الجزائرية البريطانية ممتازة في مجال مكافحة الإرهاب والدفاع، مشيرا إلى استعداد لندن لتغطية حاجيات الجزائر في مجال العتاد العسكري. وأعلن أن الحوار الثنائي حول قضايا الأمن والدفاع مرتقب نهاية الشهر الجاري، ويرى أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مصدر تهديد حقيقي في المنطقة، وأنه من المهم بالنسبة للجزائر ألا يجد التنظيم موطأ قدم له في منطقة الساحل. ما تقييمكم للتعاون الاقتصادي والسياسي والأمني بين الجزائر وبريطانيا؟ لقد زادت العلاقات بين المملكة المتحدةوالجزائر قوة منذ زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى المملكة المتحدة في .2006 وقمنا الآن بإرساء حوار سنوي للتحدث حول القضايا السياسية، وتلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتجارة والطاقة والهجرة. فضلا عن ذلك نعتبر أن تعاوننا في المجال العسكري في تطور متواصل. كما يسرني أن أسجل أن حجم المبادلات التجارية ارتفع خلال الستة أشهر الأولى من هذه السنة بنسبة 117بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. كما تضاعفت العلاقات التجارية بين بلدينا أكثر من ثلاث مرات خلال العشر سنوات الماضية. ما هي رؤيتكم لتجاوز التركيز على الاستثمارات في قطاع المحروقات وتنويعها؟ وهل هنالك استعداد من قبل الشركات البريطانية للاستثمار في الجزائر؟ رغم كون المملكة المتحدة أكبر مستثمر في المحروقات في الجزائر، لكن مساهمتها لا تقتصر على هذا المجال فحسب، ففي قطاع الصحة يوفر مصنع الأدوية ''جي أس كا'' في بومرداس أكثر من 300 منصب شغل. كما تبدي الجامعات البريطانية ومدارس تعليم اللغة الإنجليزية اهتمامها بالسوق الجزائرية من أجل التعليم والتكوين والتطوير المهني في الجزائر، وتود العمل بالتعاون مع وزارة التربية والجامعات الجزائرية والمؤسسات الخاصة. كما أن فرص التطوير في مجال الأعمال الزراعية والخدمات المالية تجذب اهتمامنا أيضا. مع الأسف، لا يزال رجال الأعمال البريطانيين لا يعرفون الكثير عن الجزائر، الشيء الذي عزمت على تغييره عندما توليت منصبي، لكنهم بدأوا في إدراك مدى الفرص المتوفرة هنا. فخلال الشهر الماضي قامت بعثتان تجاريتان بزيارة الجزائر، وهما وكالة التنمية الاسكتلندية والمجلس الجزائري البريطاني للتجارة والأعمال، وقد دهشتا من الاستقبال الحار ومدى الفرص الموجودة في الجزائر. كما أننا ننتظر زيارات أخرى في المستقبل القريب، بما فيها زيارة جمعية الشرق الأوسط البريطانية في شهر نوفمبر، والتي ستصادف انعقاد الحوار الوزاري الجزائري البريطاني السنوي حول قضايا التجارة. ماذا عن التعاون الأمني والعسكري والاستخباراتي بين البلدين؟ وهل هنالك نية في توثيقها، خاصة في مجال بيع العتاد العسكري؟ من مبادئ سياسة حكومة المملكة المتحدة ألا تعلق أبدا على القضايا الاستخباراتية. تجمعنا علاقة تعاون ممتازة مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب والدفاع، والتي تشمل العديد من النشاطات، إذ نعتبر الجزائر شريكا مهما فيما يتعلق بالأمن. ونقف جنبا إلى جنب مع الجزائر في وجه الإرهاب. فهناك حوار سنوي بين المملكة المتحدةوالجزائر حول قضايا مكافحة الإرهاب وسيكون الحوار القادم في الجزائر مع نهاية الشهر الحالي. تملك الجزائر والمملكة المتحدة خبرة واسعة يمكننا أن نتشارك بالعمل مع بعض من أجل محاربة خطر الإرهاب الذي يهددنا جميعا، وبالخصوص تنظيم القاعدة في المغرب. إننا نتقاسم نفس الموقف اتجاه عدم دفع الفدية. وقد تعززت علاقاتنا القوية في مجال الدفاع بعد التوقيع على اتفاقية التعاون في مجال الدفاع من قبل وزير الدفاع البريطاني في .2009 ومنذ ذلك الحين تضاعفت العلاقات وفرص التعاون بين البلدين في شتى المجالات، وخاصة في مجال التكوين. وفيما يخص بيع عتاد الدفاع فإن المملكة المتحدة رائدة عالميا في الصناعات الدفاعية، وهي مستعدة للعمل مع شركاء مثل الحكومة الجزائرية من أجل مساعدتها على تغطية حاجاتها الدفاعية المشروعة. وسنواصل التدقيق في صادراتنا من الأسلحة بما يتوافق مع معاييرنا، نظرا للأهمية التي نوليها إلى احترام حقوق الإنسان. ألا تعتقدون بأن التحدي الأمني أضحى شائكا في المنطقة، خاصة مع تصاعد تهديد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على المنطقة وامتداداتها في الساحل؟ من الواضح أن تهديد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حقيقي ومتنامي، ولا يمكن القضاء عليه بالطرق العسكرية فحسب. ولهذا السبب فمن المهم أن نعمل جنبا إلى جنب من أجل الوقوف في وجه هذا العدو المشترك، وأرى أنه لا يمكننا القضاء نهائيا على تهديد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلا بالعمل مع بعضنا البعض بقيادة بلدان المنطقة، لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، وإضعاف قدرة الإرهاب على تهديد المواطنين الأبرياء. فبعض دول المنطقة لا تملك القدرة الدفاعية اللازمة للقضاء على هذا التهديد لوحدها. ولذلك فمن المهم بالنسبة لبلدان مثل الجزائر التأكد من ألا يجد تنظيم القاعدة مكانا يلجأ إليه في الساحل. إنني أعتبر تأسيس اللجنة المشتركة لقيادة جيوش دول الساحل وخلية المخابرات المشتركة خطوتين أساسيتين في المنطقة للعمل عن كثب مع بعضها البعض. كما يعتبر المؤتمر الذي احتضنته الجزائر خطوة مهمة أخرى نحو الأمام. ما هي الرسائل التي يمكن استنتاجها من الثورات العربية، وكيف تفسرون الوضع الليبي؟ لقد بعث الربيع العربي رسالة واضحة لتنظيم القاعدة، وهي أن أفكار هذه الأخيرة التي تحث على الكراهية لا مكان لها. لكن بعض المجموعات كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لا تزال تمثل تهديدا حقيقيا، ولذلك فمن المهم مواصلة العمل مع المجلس الانتقالي الليبي، ومع الشعب الليبي، من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا، والحرص على عدم ترك أي فراغ قد يستغله الإرهابيون لتأكيد حضورهم مجددا. كما سيكون لرفض المجلس الانتقالي الليبي جميع أشكال التطرف والتزامه بالتعددية السياسية والتسامح دورا مهما في تحقيق ذلك. إننا نتفهم قلق الجزائر المشروع حيال الوضع الأمني بليبيا، وإمكانية أن يتسبب هذا الوضع في انتشار الأسلحة. أنا أشجع الجزائر للعمل مع السلطات الجديدة في ليبيا لمكافحة هذا التهديد المشترك. النزاع في الصحراء الغربية يظل عامل عدم استقرار وتوتر لدول المنطقة. ما هو الموقف البريطاني إزاء هذا النزاع، وما هي الوسائل الكفيلة بتسويته؟ يؤثر الوضع المعلق في الصحراء الغربية تأثيرا سلبيا على المنطقة، ويقف عائقا أمام قيام تعاون إقليمي فعال. وإنني أدعم تماما جهود الأممالمتحدة للمساعدة على إيجاد حل يرضي الطرفين حول وضعية الصحراء الغربية، ويضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي. أتمنى أن تكلل هذه الجهود بالنجاح فقد ظلت هذه المشكلة بلا حل لوقت أطول من اللازم. وفي ردنا على الربيع العربي، قمنا بحثّ الاتحاد الأوروبي على الحرص على أن تساعد سياسة الجوار الأوروبية الجديدة على تحقيق اندماج إقتصادي أكبر مع شمال إفريقيا، والتي تعمل كمحفز للتغيير الإيجابي. ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين البلدين في مجال تنقل الأشخاص وسياسات التأشيرات؟ يجمع بين المملكة المتحدةوالجزائر حوار مفتوح حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالهجرة، ونريد أن يستمر هذا في المستقبل. إن الجزائر شريك مهم في هذه المنطقة، ونحن ندعم مواصلة العمل معها لمكافحة الهجرة غير الشرعية. وبالنسبة إلينا جميع المواطنين الجزائريين ملزمون بالحصول على تأشيرة سارية المفعول قبل التنقل إلى المملكة المتحدة، وتنطبق نفس القاعدة على جميع مواطني البلدان الأخرى الذين يحتاجون إلى تأشيرة للمملكة المتحدة. ولا توجد أي نية لتغيير ذلك الآن، لكننا نرحب بالزوار، إذ ارتفعت نسبة التأشيرات المسلمة للجزائريين الراغبين في السفر إلى بريطانيا ب7,17بالمائة خلال الستة أشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية ليصل عددها إلى أكثر من 5500 تأشيرة تم تسليمها. عرفت مدن بريطانية موجة احتجاجات، ما هي قراءتكم لهذه الأحداث التي طالت العديد من المناطق؟ لقد كان ذلك إجراما انتهازيا قامت به أقلية صغيرة دون أدنى تفكير. وقد اتخذنا إجراءات حاسمة لضمان ألا يتكرر ذلك في المستقبل. كما أدخلنا تغييرات على طرق ضبط النظام، وقامت المحاكم بتطبيق العدالة بشكل فعال، وفي الوقت المناسب.