بلمختار أفادت مصادر مطلعة ل"الشروق اليومي"، أن هناك "وسطاء" استأنفوا المفاوضات مع المدعو مختار بلمختار المعروف ب"الأعور"، وخالد أبو العباس، أمير المنطقة التاسعة في تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" (سابقا)، بعد أن تعثرت المفاوضات التي كانت جارية الصائفة الماضية بسبب تمسك بلمختار ببعض مطالبه منها العفو على جميع أتباعه والاستفادة من جواز سفر بعد إبطال المتابعات ضده. *الجزائر تعتمد استراتيجية بعيدة المدى في قضية اختطاف السائحين النمساويين وقالت مصادر مؤكدة ل"الشروق اليومي"، إن مفاوضات تجري مجددا منذ بداية الأسبوع الجاري مع "بلمختار" وتجري هذه المفاوضات وسط سرية كبيرة بمشاركة الحاج بتو، باعتباره شخصية يتمتع بنفوذ في منطقة الجنوب الجزائري حسب ما تسرب من معلومات، أكدت "تقدم المفاوضات في اتجاه إيجابي"، ولا يستبعد أن تكون "مفاوضات الساعات الأخيرة".وقال خبير أمني، إنه في حال نجحت السلطات الجزائرية في تحييد مختار بلمختار، وضمه لمعسكر المصالحة بعد نجاحها في إقناع مؤسس "الجماعة السلفية" المدعو حسان حطاب، بالدخول في هدنة طويلة الأمد منذ 3 سنوات على الأقل وتسليم نفسه قبل أشهر، فإن ذلك سينعكس سلبا على وضع ما يسمى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، حيث ستزداد سوءا، ويضيف هؤلاء أن السلطات الجزائرية تراهن على دور بلمختار مستقبلا في قضايا على صلة باختطاف السائحين النمساويين التي يعد بلمختار طرفا غير مباشر فيها.ويرى مراقبون أن السلطات الجزائرية غير معنية مباشرة بقضية احتجاز الرهينتين النمساويتين من طرف تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وهو ما أكدته رسميا تصريحات مسؤولين جزائريين، لكنها برأي هؤلاء معنية بصفة غير مباشرة، حيث تتابع السلطات الأمنية الجزائرية مسألة دفع الفدية التي حددها الخاطفون مقابل تحرير الرهينتين، وهو الهدف الأساسي من العملية. وتعتمد أجهزة مكافحة الإرهاب الجزائرية، في هذا المجال، استيراتيجية تكتيكية بعيدة المستوى على خلفية أن الفدية في حال تم دفعها وهو ما لا يستبعد تحقيقه، سيتم استغلالها في إعادة تمويل التنظيم بالسلاح في ظل العجز الذي يعاني منه، واعترف به علنا وطلب مساعدة "الشعب الجزائري"، وتراهن السلطات الأمنية بالحصول على معلومات من جماعة بلمختار حول شبكات إمداد الجماعة السلفية بالأسلحة التي تمتد من دول الساحل الإفريقي إلى غاية جبال بوكحيل بولاية الجلفة، ويتحرك المهربون عبر مناطق يدرك بلمختار منافذها. خالد أبو العباس قد يتحول الى "مفلس عملياتي" وتذهب بعض المصادر في اتجاه التأكيد على أن بلمختار، الذي استنكر العمليات الانتحارية الأخيرة وانحراف التنظيم الإرهابي ساعد على تفكيك إحدى شبكات تمويل الجماعة السلفية بالسلاح في موريتانيا. وتسعى أجهزة مكافحة الإرهاب على صعيد آخر، من خلال مساعي تحييد بلمختار، إلى استغلال هذه المفاوضات الجارية عن طريق وساطة مالية للإفراج عن الرهينتين لاستثمارها مستقبلا في تحديد مواقع نشاطات وتحركات أتباع تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في منطقة الصحراء والساحل الإفريقي.وإذا كان "بلمختار" حاليا "مفلس عملياتيا" بعد انسحابه من قيادة "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، تحت إمارة عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود) واستقراره شمال مالي، إلا انه يمكن أن يكون مستقبلا ذو مردود استعلاماتي في حال قبوله التعاون مع أجهزة الأمن من خلال الكشف عن تحركات "القاعدة" في المنطقة والتواطؤ الرسمي أو غير رسمي مع نشطائها.وإذا حدث هذا التعاون برأي خبير أمني، سيتم تجاوز ما يمكن أن يكون قد قدمه "عماري صايفي" المعروف ب"عبد الرزاق البارا"، أمير المنطقة الخامسة في "الجماعة السلفية" سابقا، بشأن اختطاف السياح وتحركات أتباعه في المنطقة على خلفية أن بلمختار هو الذي أشرف على تأمين الطريق ل"البارا" لمغادرة كيدال باتجاه النيجر ومنها إلى تشاد، كما أن تواجد "البارا" في المنطقة كان محدودا جدا مقارنة ببلمختار الذي تؤكد معلومات متوفرة علاقته بمسؤولين ماليين كبار، وكانت الحكومة المالية قد أبقت على اتصالاتها السرية بعلم الغرب واللقاءات الخاصة لتسيير ومعالجة حالات مماثلة. من هو بلمختار؟ اسمه "مختار بلمختار"، من مواليد سنة 1972 بغرداية، وعرف ب "الأعور"، بعد أن فقئت إحدى عينيه في الحرب ضد الروس في أفغانستان، يعتبر راعي شبكات تهريب السلاح في الجنوب الجزائري على الحدود مع مالي والنيجر، وهو متهم بالانخراط مبكرا في العمل المسلح والانضمام للنواة الأولى "للجماعة الإسلامية المسلحة" بقيادة عبد الحق لعيادة، حتى قبل أن تأخذ تسميتها المشهورة بها وهي (الجيا).ويعد "بلمختار"، الرجل الثالث في "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بعد "حسان حطاب" و"البارا"، كان أمير المنطقة التاسعة (الصحراء) ينشط على الحدود في كل من مالي والنيجر وموريتانيا، وتمكن من نسج علاقات قوية مع زعماء القبائل، وتطورت الأمور إلى علاقات مصاهرة، وتنسب له عملية اغتيال 13 جمركيا في كمين بالمنيعة بولاية غرداية.وبرز اسم "مختار بلمختار" بقوة في حادثة اختطاف السياح الأوروبيين ال32 في قلب الصحراء الجزائرية صيف 2003 إلى جانب اسم "عماري صايفي" المكنى ب"البارا" أمير المنطقة الخامسة.