رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ''مَن حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمُّه''. أخي الحاج.. بعدما قضيتَ أيّاماً منذ خروجك من بيتك عاقداً العزم على الحجّ وأنت مع الله عزّ وجلّ قلباً وقالباً، مؤتِمراً بأمره، بعيداً عن نهيه، تاركاً الأهل والدنيا وراء ظهرك، تنتظر حتّى تأتي الميقات فتحرم، ثمّ تلبس الإحرام وتنوي، وتأتي البيت الحرام فتطوف وتسعَى وتبيت وتقف بعرفات وترمي وتتحلّل.. خروج من طاعة إلى طاعة، ومن أمر الله إلى أمر الله.. فاحذر أن ترجع إلى بلدك فتخالف أمره سبحانه، فلابد أن تستمر على ذلك، لأنّ أمر الله لا ينفك عنك منذ مجيئك إلى هذه الدنيا ومنذ ولادتك، وها قد عدت من ذنوبك كيوم ولدتك أمّك.. فاحذر أن تُسَوِّد هذه الصفحة البيضاء بخطاياك، وزيّنها بحسناتك لتقابل الله عزّ وجلّ على ذلك. وإنَّ مَن قضى نسكه ورجع منه فإنّ آثامه تسقط عنه إذا اتّقى الله عزّ وجلّ في أداء نسكه، وسواء نفر في اليوم الأوّل مَن يومي النّفر متعجّلاً، أو تأخّر إلى اليوم الثاني. وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قضى نسكه وسَلِم المسلمون من لسانه ويده، غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر'' رواه عبد بن حميد وابن حجر من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ''العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة''. وقد قيل للحسن رضي الله عنه: الحجّ المبرور جزاؤه الجنّة، قال: آية ذلك أن يرجع زاهِداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، وقيل له رضي الله عنه: جزاء الحجّ المبرور المغفرة، قال: آية ذلك أن يدع سَيِّء ما كان عليه من عمل.