تحوّلت الرسالة المفتوحة التي نشرها العقيد أحمد بن الشريف، عضو مجلس الثورة وقائد الدرك الوطني ووزير الري سابقا، في صحيفة ''لوسوار دالجيري''، إلى حديث العام والخاص خصوصا بولايتي الجلفةوبجاية. وهي الرسالة التي اتهم فيها العقيد والي ولاية الجلفة السابق، أحمد حمو التهامي، الذي يشغل حاليا نفس المنصب بولاية بجاية، بالفساد، ووجه له فيها تهما ثقيلة حول طريقة تسييره لولاية الجلفة بين 2004 و.2010 ونظرا لخطورة التهم التي حملتها الرسالة وتحوّل الموضوع إلى قضية رأي عام، اتصلت ''الخبر'' بالمعنيين وفتحت معهما الملف. العقيد أحمد بن الشريف ل''الخبر'' ''الوالي السابق للجلفة مرتش وعاث فيها فسادا'' مواطنو الجلفةوبجاية طالبوني بكشف الفساد في لقاء مع ''الخبر'' بإقامته في منطقة الزميلة ببلدية عين معبد، قال العقيد أحمد بن الشريف: ''موقفي وقراري بكشف الحقائق وتعرية الفساد الذي مارسه وتفنن فيه والي الجلفة السابق جاء بعد الطلبات المتكررة من طرف مواطني الجلفة، وكذا العديد من الشخصيات الذين قصدوني من ولاية بجاية وطالبوني بفضح المستور وعدم السكوت، خاصة وأنني مجاهد وواحد ممن حملوا السلاح لأجل هذا الوطن''. وأكد على أنه لا يمكنه أن يسكت عن مسؤول ''عاث في ولاية الجلفة فسادا وكرّس السلوكات المشينة ما أدى إلى زعزعة الثقة بين الإدارة والمواطن، ولن أسمح بتكرار الفساد في ولاية بجاية''. قال العقيد أحمد بن الشريف: ''الوالي السابق أحمد حمو التهامي فاسد ومرتش وعطّل مسيرة التنمية بولاية الجلفة، وتسميته التي شاع بها هي ''حمو 10 بالمائة''، حين كان واليا بولاية بشار، وعندما عيّن على رأس ولاية الجلفة أصبح يسمى ''حمو 30 بالمائة''، وهذه التسمية التصقت به نتيجة استغلاله لمنصبه، حيث أنه كان يمنح المشاريع لعدد من المقاولين الذين يقدمون له رشوة''. واتهم عضو مجلس الثورة السابق مجموعة من المقاولين الذين وصفهم بالمتواطئين والمشاركين في الفساد بسكوتهم وتسترهم على الضغط الممارس عليهم من طرف الوالي السابق، وكشف: ''السيناتور بلعباس كان يمثل اليد أو الوسيط الذي يوصل له الرشاوى، كما كان مهندسا للمؤامرة التي حيكت ضد رئيس بلدية الإدريسية الذي حرك ضده الوالي السابق قضية في العدالة بعد أن صد السيناتور ومنعه من الاستحواذ على المشاريع التي استفادت منها بلديته''. وقال محدثنا: ''ما حدث لرئيس دائرة عين الإبل مؤامرة أخرى، بعد أن قرر هذا الأخير كشف الفساد والتجاوزات التي تحدث ببلدية عين الإبل التي حولها الوالي السابق إلى ''محشاشة''. وطالب العقيد السلطات المركزية، بداية بمصالح رئاسة الجمهورية ووزارة العدل، بفتح تحقيق مع عضو مجلس الأمة بلعباس ''الذي كان يشغل منصب رئيس بلدية عين الشهداء قبل أن يصبح سيناتورا بالتزوير ومساعدة الوالي السابق''. وفي رده على سؤال ''الخبر'' حول نتائج لجان التحقيق التي نزلت للولاية في فترات سابقة، أوضح العقيد: ''لجان التحقيق مشكوك في ذمتها فهم يأتون للجلفة ليأخذوا الهدايا، البرانيس والجلابات والفلوس والكباش، من أجل التكتم على الفساد''، ثم أضاف: ''هذا كله بإيعاز وبتدخل من الوالي السابق الذي بسط حمايته على عدد من المسؤولين والشخصيات المتورطة في قضايا الفساد المالي''، وأردف العقيد أحمد بن الشريف يقول: ''فساد الوالي السابق لم يقتصر على الضغط على رؤساء البلديات بل تجاوزه إلى خلق مشاريع استنزفت أموالا طائلة كمشروع بناء مستشفى ببلدية الجلفة الذي اختار له الوالي أرضية صخرية من أجل تسجيل مشروع إضافي وصل إلى 13 مليار سنتيم يتعلق بتسوية أرضيته فقط، قصد استفادته من رشوة رغم وجود أراض منبسطة وجاهزة لبنائه''. وفي نفس الاتجاه أضاف المتحدث: ''هناك أيضا مشروع حماية مدينة حاسي بحبح من الفيضانات الذي استنزف أكثر من 70 مليار رغم عدم فعاليته''. وعن التجاوزات التي لحقت بالعقار قال العقيد: ''مئات الهكتارات تم منحها إلى أشخاص مقابل رشاو كان يستفيد منها على حساب مصالح الولاية''، وذكر بأن ''مقاولا من ولاية بجاية زاره وروى له أن الوالي السابق طلب منه 300 مليون سنتيم كرشوة من أجل التوسط له في ولاية تيارت التي ينحدر منها الوالي السابق قصد تسوية وضعية مالية عالقة لمشاريع نفذها المقاول بذات الولاية. وفي ختام حديثه إلينا أكد العقيد أحمد بن الشريف: ''سأتصل بصديقي ورفيقي في الكفاح رئيس الجمهورية وسأقدم له اقتراحات بخصوص ولاية الجلفة''. ورغم إلحاحنا على معرفة هذه الاقتراحات رفض محدثنا الكشف عنها ووعدنا بأن ''الخبر'' ستكون أول من يعلم. والي بجاية حمو أحمد التهامي ل''الخبر'' ''تجمعنا الصداقة.. لكن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها'' حسب معلوماتي، فإن العقيد مريض ولا يمكنه حتى التحرك ''فاجأني مثلما فاجأ عائلته، فالرجل تربطني معه علاقة صداقة، وأخوة حميمة.. لكن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها''، بهذه العبارة رد والي بجاية، السيد حمو أحمد التوهامي على اتهامات العقيد بن الشريف، في حوار ل''الخبر''، حيث أدلى بتصريحات تعطي الانطباع بوجود خلفيات ''لم يحن الوقت بعد للكشف عنها''. كيف كان رد فعلكم اتجاه الاتهامات التي وجهها لكم العقيد بن الشريف؟ - لم أكن الوحيد الذي تفاجأ بهذه الاتهامات، بل حتى أقرب المقربين منه، عائلته، حيث اتصل بي العديد من أقاربه الذين تفاجأوا مثلي، فالرجل صديق جيد، تربطني به علاقة طيبة، أساسها الاحترام، حتى أننا كنا نتبادل الزيارات بمناسبة وبغير مناسبة، فالرجل ثوري ووطني لذلك قمت بتكريمه في حفل كبير ببحبح، وكان يستجيب لكل الدعوات بصدر رحب، وبقينا على اتصال، لكن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها، رغم هذه العلاقة. نفهم من تصريحكم أن هناك دوافع وراء هذه الاتهامات وأهدافا يراد تحقيقها، فما هي برأيكم؟ - لا أرى أي دافع لذلك، إنما أتساءل عن سر اختيار هذا التوقيت بالضبط، فأنا قضيت 6 سنوات كاملة على رأس ولاية الجلفة، ونصبت منذ ما يزيد عن عام على رأس ولاية بجاية، لذلك أظن أنه كان من البديهي أن يواجهني بها العين في العين، فإن كانت لديه ملفات فليتفضل بها إلى الجهات المعنية. ثم أجد في الأمر غرابة، فحسب معرفتي، فإن الرجل مريض، وما يزال طريح الفراش، وأتمنى له الشفاء العاجل! تحدث العقيد عن ملفات وقضايا فساد ورشوة، بل حتى عن تلقيبكم ب''حمو 10 بالمائة''، ما ردكم على هذه الاتهامات الخطيرة؟ - أنفيها شكلا ومضمونا، وضميري مرتاح جدا. ففي الحقيقة سبق لوزارة الداخلية أن حققت في ملف إحدى البلديات التي تم ذكرها ضمن الاتهامات، وهي بلدية واحدة وليس اثنتين، والقضية بسيطة لا تتعدى حدود وضع مواد تنظيف في مكان غير المستودع المخصص لها من طرف رئيس البلدية، وتم الفصل فيها، وتصرفي على رأس ولاية الجلفة كان يحتكم للنصوص القانونية ووفقا للصلاحيات المخولة لي، لكنني أريد أن أطرح سؤالا واحدا، أين كانت التنمية في 2004 في هذه الولاية، وأين وصلت حين مغادرتي لها في 2010؟ ذكر العقيد أطرافا دعته للتحرك، أليست لديكم فكرة عن طبيعة هؤلاء الأشخاص؟ - ليس لدي أي فكرة، لكنه ليس من المستبعد أن يكون هناك من استغل طبيعته، فهو رجل حنون وحساس، ويمكن جره بطريقة أو بأخرى، كما يمكن استعمال توقيعه واسمه ومركزه الاجتماعي، فحسب معلوماتي، فإن العقيد مريض ولا يمكنه حتى التحرك. قلتم إن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها، فهل لكم أن توضحوا المقصود من ذلك؟ - أنا موظف دولة أخضع للقانون في تصرفاتي، وأحترم سلم المسؤوليات، وليس من مهمتي الدخول في مثل هذه التلاعبات، ثم لم يحن الوقت بعد لتشريح الوضع. يتمتع العقيد بن شريف بنفوذ قوي في المنطقة وعلى المستوى الوطني، فكيف لكم أن تواجهوا ذلك؟ - لا يمكن لي أن أتجاهل الأمر، فهو رجل وطني، وكبير عرش أولاد نايل، وليس في وسعي إلا أن أكنّ له الاحترام والتقدير. تتحدثون من موقف البريء من التهم، فهل ستتقدمون بشكوى أمام العدالة؟ - سيكون من العيب أن أتجرأ على ذلك، فالرجل رمز من رموز الثورة، قيادي، وعضو المجلس الوطني للثورة، أفضل أن أوكل الله، فهو أفضل الموكلين. هل ستمثلون أمام الجهات القضائية في حالة استدعائكم للتحقيق في التهم؟ - أكيد، فالعدالة فوق الجميع، ثم أنا جاهز وليس لدي ما أتملص أو أخاف منه.