طموحات الشعوب العربية قبل الثورات كانت بسيطة جدا. ولكنها حين قوبلت ب''التطنيش''، أصبحت كبيرة، فغالبا ما كانت البلدية هي الضحية الأولى في هذه المطالب، مثل: ''تزفيت'' شارع، رخصة كشك، فك حجز عربة خضار. ولو أدركت بعض الأنظمة حينها أن هذه المطالبات كانت تخفي وراءها ما هو أعظم، وبأن الوضع سيصل إلى كل هذا الغليان، لكانت نزلت بنفسها إلى الشارع لتسجل قائمة طلبات الشعوب. طيبة الإنسان العربي هي التي شجعت بعض الأنظمة على الديكتاتورية والقمع. وتصل هذه الطيبة في كثير من الأحيان إلى درجة السذاجة التي يستغلها لصوص وفاسدون لبناء ثروات هائلة. ولأن الإنسان العربي طيب إلى الدرجة التي ''يسرق فيها قط الحكومة عشاءه''، فهو لا يشمت بلصوص النظام المخلوع حين يصبحون في موقف الضعيف، بل أول كلمة يقولها الشعب الطيب حين يسمع بخبر زج هؤلاء الفاسدين في السجن، أو يسحبون في الشوارع: ''اللهم لا شماتة''. مشكلة هذه الأنظمة أنها فسرت طيبة الشعوب على أنها سذاجة، ف''ساقت'' فيها واستهبلت الناس وكانت مثل مراهق نصاب تزوّج من عجوز ثرية، ثم راح يغازلها بكلمتين، ليستولي على ثروتها!. الشعوب طيبة، وقد تستكين لفترة إما بمزاجها، أو مداراة لوضع ما، ولكنها إن حكت.. حكت! [email protected]