اختتمت، أول أمس، فعاليات الملتقى الوطني حول العلامة ''محمد بن أبي شنب''، الذي احتضنته جامعة المدية، على مدار يومين، تطرق خلالها المشاركون في الملتقى بالبحث والإثراء إلى بعض مؤلفات الدكتور. وقد خرجت اللجنة المنظمة بعدة توصيات، أهمها ضرورة إدراج أعمال العلامة ضمن المنظومة التربوية، وإعادة طبع الأعمال الكاملة لابن أبي شنب. كما دعا المشاركون إلى ضرورة تخصيص جائزة علمية تحمل اسم الدكتور ''محمد بن أبي شنب'' تمنح كل سنة للباحثين في مجال الثقافة الشعبية. وللتذكير فإن ''محمد بن أبي شنب'' هو أول جزائري تحصل على درجة الدكتوراه، وقد كان عالما فذا، نابغة في الأدب واللسانيات، أجاد أكثر من أحد عشر لغة بلهجاتها. وقد ولد محمد ابن أبي شنب يوم الثلاثاء 20 رجب 1286ه، الموافق 26 أكتوبر 1869م، في حي عين الذهب، حوالي ثلاثة كيلومترات عن وسط مدينة المدية، من عائلة تجمع بين الأصلين التركي والجزائري، وهو النوع الذي يُعرف في التاريخ ب ''زيجة الكراغلة''، وهي عقود الزواج التي تجمع بين تركي وجزائرية. وكان محمد رحمه الله يتقن إلى جانب العربية، اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والأسبانية والألمانية والفارسية، وشيئا من اللاتينية والتركية، إضافة إلى مكانته العلمية ودقة تحقيقاته، وهو ما جعل كثيرا من العلماء والمستشرقين يراسلونه ويكاتبونه، ومنهم على سبيل الذكر العلاّمة أحمد تيمور باشا، ورئيس مجمع اللغة العربية بدمشق محمد كرد علي، وعلامة تونس حسن حسني عبد الوهاب، والمستشرقون أمثال (كوديرا) و(بلاثيوس) و(كراتشوفسك). كما انتُدب لتمثيل الجزائر في المؤتمرات الدولية الخاصة بالتراث العربي والإسلامي، وكان آخر ما حضره المؤتمر السابع عشر للمستشرقين بأوكسفورد، حيث قدّم بحثا عن الشاعر ابن خاتمة الأندلسي. ولما بات الشيخ ابن شنب قاب قوسين أو أدنى من قمة المجد الجامعي والعلمي وعين أستاذا في كوليج دو فرانس (مهجٌٌُ مل مكَفْئ) مرض مرضا أعيا الأطباء شفاؤه، فدخل مستشفى مصطفى باشا وتوفي شهرا بعد ذلك، في يوم الثلاثاء 26 شعبان 1347ه الموافق 05 فيفري 1929م، ودُفن يوما بعد ذلك في مقبرة سيدي عبد الرحمن الثعالبي بالجزائر العاصمة.