سجلت العملة الأوروبية الموحدة ''الأورو'' أكبر تراجع لها، بنزولها تحت 27,1 دولار، وهو أضعف مستوى منذ سبتمبر .2010 في وقت بدأت فيه البنوك تعاني من صعوبة في السيولة، وارتفعت أسعار ونسب الفوائد، كانعكاس لتجذر الأزمة المالية والاقتصادية في أوروبا. أوضح خبراء اقتصاديون ل''الخبر'' أن تراجع الأورو يعتبر حاليا موجها في جانب منه، ويعكس إرادة أوروبية في تخفيض قيمة الصرف مقابل أهم العملات ''الدولار'' و''الين'' و''الجنيه الإسترليني''، حيث يساهم تخفيض الأورو في جعل السلع والمنتجات الأوروبية تنافسية، وبالتالي يمكن من خلال ذلك إعادة بعث النمو. ومع ذلك، فإن الاقتصاد الأوروبي يمر بأسوأ مراحله، مما دفع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الدعوة لقمة مصغرة فرنسية- ايطالية- ألمانية في 20 جانفي الجاري، خاصة مع بروز مؤشرات تخفيض تصنيف الديون السيادية الفرنسية والايطالية، وارتفاع أسعار ونسب الفوائد، مع مواجهة البنوك الأوروبية لصعوبات كبيرة في توفير السيولة الكافية. وعرفت السندات الايطالية ارتفاعا كبيرا في نسب الفائدة المقدرة ب7 بالمائة، وهي نسبة لا تطاق على المدى المتوسط والبعيد، وتساهم في رفع العجز في الميزانية، والديون العمومية التي تقترب بالنسبة لايطاليا من سقف 2000 مليار أورو. ونفس الوضع تواجهه فرنسا التي تقدر ديونها ب1700 مليار أورو، مما دفع مسؤولي هيئة التنقيط الدولية ''ستاندر أند بورز'' إلى التأكيد أن المستثمرين الدوليين يتعاملون مع فرنسا وكأنهم مصنفون ضمن الدول ذات العلامة ''2ب''، أي ذات مخاطرة نسبية في المجال المالي. والأمر لا يتعلق بفرنسا فحسب بل بعدة دول، خاصة بعد تخفيض تصنيف المجر أمس الأول. ويبقى الوضع غامضا في ظل تباين المواقف بين باريس ولندن، وبين باريس وبرلين أيضا. ففي الوقت الذي دعت فيه فرنسا البنك المركزي إلى التدخل أكثر للحد من آثار الأزمة واستعادة الثقة التي فقدت، والتي ساهمت في زعزعة الأورو، تتحفظ ألمانيا على مثل هذا التدخل، وتعتبره خارجا عن نطاق صلاحياتها. وترغب فرنسا في إقناع نظرائها الأوروبيين بضرورة تدخل أكبر للبنك المركزي الأوروبي، على شاكلة الخزينة الفدرالية الأمريكية، من خلال شراء ديون الدول للحد من ظاهرة المضاربة، ولتخفيض نسب وأسعار الفائدة، ولكن هذا التوجه تعترض عليه ألمانيا أول قوة اقتصادية أوروبية، وبالتالي تحول دون تجسيده كما ترغب باريس.